للمعاملات - لا مطلق التملك - في التجارة الحاصلة عن تراض بين الطرفين، ومن الواضح: أن المكره ليس له رضا بالمعاملة، فتكون معاملته باطلة.
والاستدلال مبني على استفادة الحصر من الآية، وهذا واضح فيما لو كان الاستثناء متصلا.
وأما لو كان منقطعا، فهو وإن لم يفد الحصر في حد ذاته، إلا أن قرينة المقام - الدالة على أنه تعالى بصدد بيان الأسباب الصحيحة للمعاملة ومقابلتها للفاسدة، بمعنى فصل صحيحها عن فاسدها - تدل على إفادة الحصر في المقام (1).
2 - قوله (صلى الله عليه وآله): " لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه " (2).
ووجه الاستدلال به هو: أنه لو كان بيع المكره نافذا لكان سببا لحلية ماله للمشتري بغير طيب النفس، وهو خلاف قوله (صلى الله عليه وآله):
" لا يحل... ".
وبعبارة أخرى: لما كان شرط الحلية في تصرف مال الآخرين هو طيب أنفسهم بذلك، ولما لم يكن المكره طيب النفس بتصرف الغير في ماله، فمعناه: عدم حلية تصرفه فيه، ولا يعني ذلك إلا عدم نفوذ المعاملة (3).
ثانيا - ما يدل على مانعية الإكراه:
1 - حديث الرفع، وهو قوله (صلى الله عليه وآله): " رفع عن أمتي تسعة أشياء: الخطأ، والنسيان، وما أكرهوا عليه، وما لا يعلمون، و... " (1).
فإذا قلنا: إن المرفوع في هذه الموارد هو جميع الآثار المتصورة لكل مورد من هذه الموارد التسعة، فيشمل الرفع الأحكام الوضعية أيضا، فلا يختص المرفوع بالمؤاخذة ليقتصر فيه على الأحكام التكليفية. فارتفاع جميع آثار العقد المكره عليه معناه رفع صحته (2).
وربما يستشهد لإكمال الاستدلال بالحديث - على فرض أن المرفوع هو خصوص المؤاخذة - بصحيحة البزنطي عن أبي الحسن (عليه السلام): " في الرجل يستكره على اليمين، فيحلف بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك، أيلزمه ذلك؟ فقال: لا، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وضع عن أمتي ما أكرهوا عليه، وما لم يطيقوا، وما أخطأوا... " (3).
ووجه الاستشهاد هو: أن الحلف على الطلاق والعتاق وصدقة ما يملك وإن كان باطلا عندنا في صورة عدم الإكراه أيضا إلا أن مجرد استشهاد