الثالث - القول بعدم جريان البراءتين العقلية والنقلية:
اختار هذا القول صاحب الكفاية في حاشيته على الكفاية حيث قال - معلقا على كلامه: " هذا بحسب حكم العقل، أما النقل فالظاهر... " الذي تقدم عنه في القول الثاني -: " لكنه لا يخفى أنه لا مجال للنقل فيما هو مورد حكم العقل بالاحتياط، وهو ما إذا علم إجمالا بالتكليف الفعلي، ضرورة أنه ينافيه رفع الجزئية المجهولة، وإنما يكون مورده ما إذا لم يعلم به كذلك، بل علم مجرد ثبوته واقعا " (1).
ويظهر هذا القول من بعض آخرين كما أشار إلى ذلك الشيخ الأنصاري، منهم:
1 - المحقق السبزواري حيث قال عند الكلام عما يجب على من لم يحسن شيئا من الفاتحة وبعد نقل الأقوال في ذلك: " واعلم أن أكثر الخلافات التي أوردناها في هذا المبحث ترجيح طرف منها مشكل، لفقد النص وعدم استقلال العقل بأمثال هذه الأمور، لكن القاعدة التي أشرنا إليها مرارا: من وجوب تحصيل اليقين ببراءة الذمة من التكليف الثابت عند الشك والاشتباه في حقيقة المكلف به وما يعتبر فيه، يقتضي العمل بطريقة الاحتياط في أمثال هذه المواضع... " (2).
2 - السيد الطباطبائي - صاحب المناهل - حيث قال: " إذا اختلف الأصحاب في جزئية شئ في عبادة واجبة كالصلاة والصوم، أو شرطية فيها، فهل الأصل عدمها حتى يقوم دليل من الخارج عليهما، أو اللازم الحكم بهما حتى يقوم من الخارج دليل على عدمهما؟ فيه إشكال، والتحقيق أن يقال:
إن للمسألة صورا: الأول - أن يستفاد من الإجماع وجوب عبادة كأن يتفقوا على وجوب صلاة في الوقت الفلاني، ثم يحصل الشك في وجوب شئ فيها على وجه الجزئية، أو في اشتراطها به باعتبار الاختلاف فيهما، وهنا يجب الحكم بالوجوب والاشتراط، وذلك لأن الذمة قد اشتغلت بتلك العبادة بالإجماع كما هو الفرض فيحتاج في تحصيل البراءة منه إلى اليقين بها، ولا يحصل إلا بالإتيان بالمشكوك فيه " (1).
وممن يظهر منه أيضا هذا القول الشيخ محمد تقي صاحب الحاشية (2). ونسب إلى شريف العلماء (3) أستاذ الشيخ الأنصاري.
ثانيا - دوران الأمر بين الأقل والأكثر في الشرائط:
الشرط على قسمين:
القسم الأول - ما كان خارجا عن ماهية المشروط، مثل الطهارة بالنسبة إلى الصلاة،