الإعراض إنما يتصور في الحقوق القابلة للإسقاط.
وجعل حق استخدام البينة لإثبات المدعي حقه غير قابل للإسقاط، فهو غير قابل لإسقاطه بالإعراض أيضا.
ولم أعثر فعلا على كلام للسيدين اليزدي والحكيم في الإعراض عن الحق.
أما السيد الخوئي، فقد قال: " إذا قام الجالس من المسجد وفارق المكان، فإن أعرض عنه بطل حقه، ولو عاد إليه وقد أخذه غيره، فليس له منعه وإزعاجه " (1). ثم ذكر حكم ما إذا كان ناويا للعود، وهو خارج عن الإعراض.
وقال بالنسبة إلى المدارس: " فمن حاز غرفة وسكنها فهو أحق بها، ولا يجوز لغيره أن يزاحمه ما لم يعرض عنها... " (2).
وقال أيضا: " إذا جلس أحد في موضع من الطريق ثم قام عنه، فإن كان جلوسه جلوس استراحة ونحوها بطل حقه، وإن كان لحرفة ونحوها، فإن كان قيامه بعد استيفاء غرضه أو أنه لا ينوي العود، بطل حقه أيضا، فلو جلس في محله غيره لم يكن له منعه... " (3).
ثم ذكر فرض ما لو نوى العود.
وقال: " الظاهر أنه لا يعتبر في التملك بالإحياء قصد التملك، بل يكفي قصد الإحياء والانتفاع به بنفسه أو من هو بمنزلته، فلو حفر بئرا في مفازة بقصد أن يقضي منها حاجته ملكها، ولكن إذا ارتحل وأعرض عنها فهي مباحة للجميع " (1).
ومورد كلامه وإن كان هو الإعراض عن الملكية الحاصلة بالإحياء حيث جعل حفر البئر مملكا وإن كان بقصد الانتفاع لا التملك، لكن يدل على زوال الحق الثابت في مثل هذه الموارد بالإعراض بطريق أولى، وربما يشير إليه قوله في التحجير: " إذا انمحت آثار التحجير فإن كان من جهة إهمال المحجر بطل حقه وجاز لغيره إحياؤه " (2).
والإهمال وإن كان أعم من الإعراض، لكن إذا زال الحق بالإهمال فهو يزول بالإعراض بطريق أولى.
وأما الإمام الخميني، فقد قال بالنسبة إلى المدارس: "... فمن سبق إلى سكنى حجرة منها فهو أحق بها ما لم يفارقها معرضا عنها " (3).
ومفهوم كلامه أن الإعراض مزيل للحق.
وقال بالنسبة إلى المساجد: " لو قام الجالس السابق وفارق المكان رافعا يده معرضا عنه بطل