مطلقا، لأصالة بقاء الملك، والإعراض ليس من الأسباب المخرجة، لأنه لا نص عليه... " (1).
وكلامه في الموردين صريح في عدم كون الإعراض مزيلا للملك، مضافا إلى أنه استشكل في ملكية الآخذ لنثار الأعراس، فكيف غيره؟
وقال الشهيد الأول في الدروس بالنسبة إلى الصيد: " ولو أطلقه من يده ونوى قطع ملكه عنه لم يخرج عن ملكه، وقيل: يخرج كما لو رمى الحقير مهملا له. ولمانع أن يمنع خروج الحقير عن ملكه وإن كان ذلك إباحة لتناول غيره، وفي الصيد كذلك إذا تحقق الإعراض " (2).
وقال أيضا: " ولا يجوز التقاط السنبل وقت الحصاد إلا بإذن المالك صريحا أو فحوى أو إعراضه عنه، وكذا ما يعرض عنه من بقايا الثمر. وهل للمالك انتزاعه بعد الإعراض؟ يحتمل ذلك، لأنه ليس أبلغ من الهبة التي يجوز الرجوع فيها. نعم لو تلفت العين فلا ضمان " (3).
والمستفاد من النصين: عدم كون الإعراض مزيلا للملك.
نعم يستفاد منهما: أن الإعراض موجب لإباحة التصرف في الشئ المعرض عنه.
وجاء في أجوبة المحقق الكركي عن الأسئلة الفقهية: " الشئ المعرض عنه لو أخذه الغير، ثم بعد الأخذ رجع مالك الشئ عن الإعراض فطلبه من الآخذ، هل له ذلك ما دامت العين باقية أم لا؟
الجواب: له ذلك مع بقاء العين " (1).
ويستفاد منه عدم إزالة الملك بالإعراض.
وقال في مورد آخر: " الملك الحقيقي لا يزول بالإعراض ولا يسقط بالإسقاط، بل إنما يزول بالسبب الناقل... " (2).
نعم قال في مورد ثالث: " إن الملك ربما كان ضعيفا متزلزلا يقبل الزوال بالإعراض " (3).
وقال بالنسبة إلى تملك الصاغة تراب الصياغة: " إنما يحكم بالحل إذا دلت القرائن على إعراض المالك " (4).
وهو ظاهر في حل تملك ذلك لا زوال ملكية المالك عنه.
وله كلمات أخرى تدل على عدم زوال الملك بالإعراض (5).
وقال الشهيد الثاني بالنسبة إلى السفينة المنكسرة - بعد نقل كلام الشيخ وابن إدريس -:
"... والأصح أن جواز أخذ ما يتخلف مشروط بإعراض مالكه عنه مطلقا، ومعه يكون أباحه لآخذه، ولا يحل أخذه بدون الإعراض مطلقا، (1) رسائل المحقق الكركي 2: 286.
(2) جامع المقاصد 8: 152.
(3) جامع المقاصد 3: 406.
(4) جامع المقاصد 4: 188.
(5) انظر: جامع المقاصد 9: 212، و 4: 370.