القاعدة المذكورة في أذهانهم.
وقال المحقق الحلي عند كلامه عن الصلاة في وبر الثعالب والأرانب، بعد أن ذكر أن في ذلك روايتين - أي طائفتين - أشهرهما المنع من ذلك، ثم ذكر منهما روايتين للمنع ورواية للجواز: " واعلم أن المشهور في فتوى الأصحاب المنع مما عدا السنجاب ووبر الخز، والعمل به احتياط في الدين ". ثم ذكر روايتين دالتين على الجواز، ثم قال: " ولو عمل بهما عامل جاز، لكن على الأول عمل الظاهرين من الأصحاب منضما إلى الاحتياط للعبادة " (1).
لكن ليس في كلامه تصريح بكون إعراض المشهور عن الخبر موهن له، نعم فيه ظهور بهذا المعنى وتصريح بأن عمل المشهور بأحد الطرفين من الخبرين المتعارضين مرجح له.
وقال الشهيد الأول في مقدمة الذكرى بعد بيان أقسام الخبر: " ويرد الخبر، لمخالفة مضمونه القاطع من الكتاب والسنة والإجماع - لامتناع ترجيح الظن على العلم - أو بإعراض الأكثر عنه، أو... " (2).
وكلامه صريح في القاعدة.
وقال الشهيد الثاني في المسالك في مسألة بعد أن ذكر روايتين وصف إحداهما بكونها حسنة:
" ونسبها المصنف إلى الشذوذ من حيث إعراض الأصحاب عن العمل بمضمونها " (3).
ومراده من المصنف المحقق الحلي.
والنص صريح في القاعدة، كما يدل على التزام الحلي بها أيضا.
وهكذا استند الفقهاء (1) إلى القاعدة حتى يومنا هذا، بل اتسعت دائرة الاستناد إليها، وتعرض لها الأصوليون (2) أيضا عند الكلام عن حجية خبر الثقة وما يمكن أن يكون مضيقا لنطاق حجيته، وفي البحث عن تعارض الخبرين وترجيح ما عمل المشهور به منهما.
نظرية السيد الخوئي:
اشتهر السيد الخوئي بمخالفته لهذه النظرية، فإنه يرى أن عمل المشهور ليس جابرا لضعف السند، كما أن إعراضهم ليس موجبا لضعفه ووهنه.
ونحن ننقل هنا كلامه بالنسبة إلى القسم الثاني، وسوف يأتي الكلام عن القسم الأول في العنوانين:
" شهرة " و " مشهور " إن شاء الله تعالى.
قال السيد الخوئي - حسب ما نقله مقرر بحثه في مصباح الأصول -: