وقال الشهيد الثاني متمما العبارة المتقدمة:
" لضعف المباشر بهما، فكان السبب أقوى، كمن قدم طعاما إلى المغرور فأكله، فقرار الضمان على الغار، فيرجع المغرور عليه لو ضمن " (1).
فإنه لو لم يكن ضمان على المباشر فلا وجه للرجوع عليه أصلا.
ويمكن أن يكون كلامه ناظرا إلى خصوص المغرور لا هو والمكره، فإن صاحب المال مخير بين الرجوع على المغرور الذي أتلف المال بالمباشرة، وبين الرجوع على الغار الذي هو السبب.
وربما يشهد لذلك كلام بعضهم.
قال صاحب الجواهر: " ثم إن ظاهر الأصحاب في المقام عدم رجوع المالك على المكره بشئ بخلاف الجاهل المغرور، فإن له الرجوع عليه وإن رجع هو على الغار " (2).
وقال المراغي بعد أن جعل المعيار في التضمين في الإتلاف صدق عنوان " المتلف "، فمن صدق عليه هذا العنوان فهو الضامن:
" وهذا هو السر في جعلهم الضمان على المكره - بالكسر - نظرا إلى أن المباشر هنا ضعف بالإكراه، فصار يستند الفعل والإتلاف إلى المكره - بالكسر - ففي الحقيقة هو الذي أتلفه، فليس هذا مخالفا للقاعدة، بل لا وجه لجعلهم المباشر مقدما إلا الصدق، وهو هنا منتف.
وأما الغرور، فالذي يظهر: أن الاتلاف يستند إلى المغرور فهو ضامن، غايته أن الغار أيضا ضامن يرجع إليه المغرور بقاعدة أخرى تذكر بعد ذلك (1)، ولا يخرج الشخص بكونه مغرورا عن كونه متلفا " (2).
وسوف يأتي الكلام عن قاعدة الغرور في العنوانين: " تغرير " و " غرور ".
2 - الإكراه على الأسباب الفعلية المفيدة للملك:
ونقصد بهذه الأسباب: إحياء الموات، والاحتطاب، والاحتشاش، والاصطياد، ونحوها.
والسؤال هو: لو أكره أحد على سبب من هذه الأسباب، فهل يملك ما صار بيده بسببه أم لا؟
لم يتعرض الفقهاء لهذا الموضوع. نعم تعرض له المراغي في العناوين بصورة إجمالية (3).
وهناك أمور عديدة تؤثر في النتيجة الفقهية، مثل:
1 - هل تعد هذه الأمور قابلة للتوكيل أم لا؟ وبعبارة أخرى: هل المباشرة شرط فيها أم لا؟
2 - هل يعتبر قصد التملك شرطا في مملكيتها