تنبيه (3):
لا شبهة في استحباب إطاعة الوالدين في غير الموارد الواجبة، وعليه تحمل الروايات التي يظهر منها وجوب إطاعة الوالدين مطلقا.
حدود إطاعة الوالدين:
إن إطاعة الوالدين - على جميع المباني - مشروطة بأن لا تستلزم معصية، لقوله تعالى: * (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) * (1)، ولقول الإمام علي (عليه السلام): " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " (2)، وقد أرسل الفقهاء وغيرهم هذا المضمون - بل هذا النص - إرسال المسلمات وإن لم يسندوه إلى أحد.
ولقوله (عليه السلام) بهذا المضمون أيضا: "... فحق الوالد على الولد أن يطيعه في كل شئ إلا في معصية الله سبحانه " (3).
ولابد من حمل الأمر بالإطاعة في غير موارد الوجوب، على الأمر الأدبي الندبي كما تقدم.
وبناء على ذلك كله، فلا يجب إطاعتهما لو نهيا عن الواجبات، كالصلاة الواجبة والصوم الواجب والحج الواجب، وأداء الحقوق المالية كالخمس والزكاة، ونحو ذلك، وكذا لو أمرا بفعل محرم.
وأما لو أوجب الولد شيئا على نفسه بيمين وشبهها، جاز للوالد النهي عنه، لأن اليمين إما أن لا تنعقد مع عدم إذن الوالد، أو تنعقد، لكن يجوز له أن يحلها (1).
إطاعة الزوجة للزوج:
المستفاد من مجموع كلمات الفقهاء في موضوع النفقة والتمكين والنشوز وموارد متفرقة أخرى: أن الإطاعة الواجبة إنما تكون في موردين:
الأول - ما يتعلق بالتمكين والاستمتاع:
مثل أن يأمرها بأن تمكنه من نفسها للاستمتاع، أو للاستعداد للاستمتاع، كالتنظيف، وإزالة ما هو منفر للطباع: كالوسخ والرائحة النتنة والشعر ونحو ذلك.
الثاني - ما يتعلق بالخروج من المنزل: فإنه قد وردت نصوص مستفيضة تدل على نهي الزوجة عن الخروج من المنزل من دون إذن زوجها (2).
(1) انظر الجواهر 35: 260 و 360 - 361.
(2) قيد السيد الخوئي ذلك بما إذا كان الخروج منافيا لحق الزوج، وأما إذا لم يكن كذلك، كالخروج اليسير لزيارة والديها مثلا، وخاصة إذا كان في النهار، فلا يحرم بدون إذن الزوج. انظر مستند العروة (الصوم) 2: 361، لكنه احتاط وقال بعدم جواز الخروج في هذه الصورة أيضا في منهاج الصالحين 2: 289، المسألة 1407.