على عدم وجوب التعاون إلا في ظروف خاصة، كإنقاذ النفس المحترمة من الهلاك، فلا بد من رفع اليد عن ظهور القسم الأول من الآية في وجوب التعاون على البر وحمله على الاستحباب، ما لم يدل دليل على الوجوب.
وأما القسم الأخير منها، فلا موجب لرفع اليد عن ظهوره في التحريم (1).
هذا، ويرى بعضهم: أن الآية تدل على حرمة التعاون على الإثم لا على حرمة الإعانة، وبينهما فرق واضح، لأن الأول من باب المفاعلة ومعناه:
قيام الاثنين أو الأكثر بعمل ما على نحو الاشتراك، بحيث يكون كل منهما ظهيرا للآخر في وقوع الفعل، وله دور القيام ببعض الأجزاء والمقدمات.
أما في الإعانة فلا يشترط ذلك، بل يكفي أن يقوم بالفعل واحد، ويقوم المعين ببعض ما يؤثر في صدور الفعل منه، مثل بيع العنب لمن يعمله خمرا بقصد أن يعمله.
وممن يرى ذلك: صاحب الجواهر (2)، والإيرواني (3)، والسيد الخوئي (4).
قال السيد الخوئي: " المحرم هو التعاون على الإثم، ومن الواضح أنه غير الإعانة، فإنه إنما يتحقق بالاشتراك في الإتيان بالمحرم بحيث يكون له دور القيام ببعض الأجزاء والمقدمات، وفي غيره لا دليل على الحرمة " (1).
وبناء على تمامية هذا القول، فالآية تدل على حرمة التعاون على الإثم ولا تدل على حرمة الإعانة، ولا بد لإثبات حرمتها من التماس دليل آخر، فإن تم فهو، وإلا فلا دليل عليها كما صرح بذلك السيد الخوئي. نعم، تم الدليل على حرمة إعانة الظالمين بالخصوص (2).
ثانيا - السنة:
وهي مجموعة من الأخبار التي جاءت في موارد خاصة، وتدل على حرمة الإعانة على الإثم.
منها - قوله (صلى الله عليه وآله): " من أعان على قتل مسلم