جماعة؟ الأقرب أنه ليس لهما منعه مطلقا، بل في بعض الأحيان بما يشق عليهما مخالفته، كالسعي في ظلمة الليل إلى العشاء والصبح " (1).
وقال المحقق الأردبيلي: "... لعل اجتناب ما فيه لهما غضاضة مع عدم المعارض واجب، ويمكن جواز ارتكاب ما لم يعلم فيه ذلك وعدم وجوب الاستئذان، وإن وجب الامتناع بعد العلم بالغضاضة وعدم الرضا والإذن وإظهار الأذى لمصلحة معقولة معتبرة في نظر العقلاء في الجملة، لا مجرد التشهي والأغراض الفاسدة الباطلة " (2).
والحاصل: لم أعثر على تصريح بوجوب إطاعة الأبوين فيما يأمران به وينهيان عنه مطلقا، سواء استلزم إيذاءهما أو لا، إلا أن نتمسك بإطلاق كلام بعض من تقدم ذكرهم ونثبت أن كلامهم يشمل صورتي الإيذاء وعدمه، لكن ذلك مشكل أيضا، لكثرة التخصيص الوارد في مواطن متفرقة من الفقه.
نعم، قال الإمام الخميني عند عد موارد الصوم المكروه: "... وصوم الولد من دون إذن والده مع عدم الإيذاء له من حيث الشفقة، ولا يترك الاحتياط مع نهيه وإن لم يكن إيذاء، وكذا مع نهي الوالدة " (3).
وكلامه صريح في الإطلاق - أي سواء استلزمت المخالفة الإيذاء أو لا - إلا أنه على نحو الاحتياط الوجوبي.
تنبيه (1):
يستفاد من كلام صاحب الجواهر ومن وافقه ممن تأخر عنه: أن المحرم هو المخالفة التي تستلزم إيذاء من حيث الشفقة على الولد، كالنهي عن السفر خوفا وشفقة عليه، أو النهي عن الصوم شفقة عليه ونحو ذلك.
وبناء على ذلك فلو كانت المخالفة تستلزم إيذاء لا من حيث الشفقة عليه، بل من حيث إنه خالفه فيما يريد، كما لو أمره أن يصرف وقته كله في خدمته، فلا تكون المخالفة محرمة.
ولعل إلى هذه النكتة أشار المحقق الأردبيلي حيث اشترط أن تكون الأذية لمصلحة معقولة معتبرة في نظر العقلاء في الجملة، لا لمجرد التشهي والأغراض الفاسدة (1).
وكلامه وإن كان أعم مما قاله صاحب الجواهر - وهو كون الأذية لمجرد الشفقة - لكنه يتضمن ذلك.
تنبيه (2):
إن التعبير ب " الولد " في كلمات الفقهاء يعم الابن والبنت، كما هو واضح.