الأول - عدم الجواز. قال ابن إدريس في اللحم المشتبه: " وإذا اختلط اللحم الذكي بلحم الميتة ولم يكن هناك طريق إلى تمييزه منها، لم يحل أكل شئ منه، ولا يجوز بيعه، ولا الانتفاع به، وقد روي: أنه يباع على مستحل الميتة، والأولى إطراح هذه الرواية وترك العمل بها... " (1).
ومال إليه العلامة في المنتهى (2)، نعم قال بجواز بيعه على غير أهل الذمة، وقال: " لم يكن ذلك بيعا في الحقيقة ".
ونقل كلامه - أي ابن إدريس - في المختلف ثم قال: " إنه في الحقيقة ليس بيعا، بل هو استنقاذ مال الكافر من يده برضاه، فكان سائغا " (3).
الثاني - الجواز، ونسب إلى المشهور بين من تعرض للمسألة (4). واستدلوا له برواية زكريا بن آدم، قال: " سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيها لحم كثير ومرق، قال: يهرق المرق أو يطعمه أهل الذمة أو الكلاب، واللحم فاغسله وكله... قلت: فخمر أو نبيذ قطر في عجين أو دم، قال: فقال: فسد، قلت: أبيعه من اليهود والنصارى وأبين لهم، فإنهم يستحلون شربه؟ قال: نعم... " (1).
وفي مرسلة لابن أبي عمير: " قيل لأبي عبد الله (عليه السلام) في العجين يعجن من الماء النجس، كيف يصنع به؟ قال: يباع ممن يستحل أكل الميتة " (2).
واستند المانعون إلى مرسلة أخرى لابن أبي عمير - وفيها: " يدفن ولا يباع " (3) - وإلى أن الكفار مكلفون بالفروع كالمسلمين، فهم مكلفون باجتناب أكل النجس، فيكون بيعهم الطعام النجس إعانة لهم على الإثم (4).
ورد بأجوبة عديدة، منها: أن ذلك ليس إثما في دينهم الذي أمرنا شرعا بمجاراتهم عليه (5).
أقول: هذا ما وجدناه في كلام الفقهاء في هذا المجال، وهو ليس بصريح في التزامهم بجواز إطعام النجس أو الحرام للكفار، وخاصة أهل الذمة وإن كان بعض كلامهم ظاهرا في ذلك.
و - إطعام النجس والحرام للدواب:
قال صاحب الكفاية: " يجوز سقي الدواب المسكر، بل سائر المحرمات والمتنجسات - للأصل (1) الوسائل 25: 358، الباب 26 من أبواب الأشربة المحرمة، الحديث الأول.
(2) الوسائل 1: 242، الباب 11 من أبواب الأسئار، الحديث الأول.
(3) المصدر المتقدم: الحديث 2.
(4) ذكر ذلك أكثر من تعرض للمسألة.
(5) انظر الجواهر 6: 277 و 36: 339 - 341.