الغارقة، وقال: إنها - أي قضية السفينة - أجنبية عن مسألة الإعراض. ثم قال: لم يرد في مسألة الإعراض نص يعول عليه، ثم قال: " ليس في البين أي دليل يتمسك به إلا السيرة العقلائية الممضاة بعدم الردع، بعد أن كانت المسألة مما تعم به البلوى ".
ثم شرع بعد ذلك في بيان السيرة، ثم قال:
" وخلاصة الكلام: أن ملاحظة السيرة تقضي بعدم الخروج عن الملك بمجرد الإعراض، ومن ثم ساغ له الرجوع، وليس للآخذ الامتناع ما لم يتصرف، فلا يترتب على الإعراض بما هو إعراض عدا الإباحة، لا زوال الملك، غاية الأمر أن الإباحة تتصف باللزوم بعد التصرف، بل تستتبع الملك في التصرف المتوقف على الملك... " (1).
وقال في موضوع إحياء الموات:
" الإعراض عن الملك لا يوجب زوال ملكيته. نعم، إذا سبق إليه من تملكه ملكه، وإلا فهو يبقى على ملك مالكه، فإذا مات فهو لوارثه، ولا يجوز التصرف فيه إلا بإذنه أو إعراضه عنه " (2).
وقال في موضوع إطلاق الصائد:
" إذا أطلق الصائد صيده من يده، فإن لم يكن ذلك عن إعراض عنه، بقى على ملكه لا يملكه غيره باصطياده، وإن كان عن إعراض، صار كالمباح بالأصل، فيجوز لغيره اصطياده ويملكه بذلك، وليس للأول الرجوع عليه. وكذا الحكم في كل مال أعرض عنه مالكه، حيوانا كان أو غيره، بل الظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الإعراض ناشئا عن عجز المالك عن بقائه في يده وتحت استيلائه، لقصور في المال أو المالك، وأن يكون لا عن عجز عنه، بل لغرض آخر " (1).
والمستفاد من كلامه في المستند وإحياء الموات من المنهاج: أن الإعراض عن الملك لا يوجب زوال ملكيته، نعم كل من سبق إليه فهو أحق به.
لكن يستفاد من كلامه في إطلاق الصيد: أن الإعراض عن الملك يجعل الملك كالمباح في الأصل، وهذا المعنى يوهم زوال الملكية، وهو خلاف ما تقدم منه: من عدم زوالها.
وقال الإمام الخميني في موضوع إطلاق الصيد:
" لو أطلق الصائد صيده، فإن لم يقصد الإعراض عنه لم يخرج عن ملكه، ولا يملكه غيره باصطياده، وإن قصد الإعراض وزوال ملكه عنه، فالظاهر أنه يصير كالمباح، جاز اصطياده لغيره ويملكه، وليس للأول الرجوع إليه بعد تملكه، على الأقوى " (2).