بقيد الإطلاق، ولذلك لا يستفاد الإطلاق من الوضع، فلابد من استفادته من طريق آخر، وهو توفر مقدمات الحكمة في الكلام، وهنا يتبادر السؤال عن حقيقة مقدمات الحكمة.
ما هي مقدمات الحكمة؟
قلنا: إن المشهور بين المتأخرين: أن أسماء الأجناس وضعت للماهية المبهمة والمهملة، ويكون استعمالها في المطلق والمقيد استعمالا حقيقيا، لكن إرادة خصوص أحدهما تحتاج إلى قرينة معينة، ففي المقيد تكون القرينة خاصة، وهو ذكر ما يدل على التقييد في الكلام، وفي المطلق تكون القرينة عامة، وهي المعبر عنها ب " مقدمات الحكمة ". وقد وقع الخلاف في عددها، وفيما يلي نذكر الآراء فيها إجمالا، ثم نوضح المراد منها:
1 - رأي صاحب الكفاية:
جعل صاحب الكفاية المقدمات ثلاثا كالآتي:
أ - كون المتكلم في مقام بيان المراد، لا الإهمال أو الإجمال.
ب - انتفاء ما يوجب التعيين.
ج - انتفاء القدر المتيقن في مقام التخاطب (1).
2 - رأي المحقق النائيني:
جعل النائيني المقدمات ثلاثا أيضا ولكن على النحو التالي:
أ - أن يكون الموضوع قابلا للإطلاق والتقييد.
ب - أن يكون المتكلم في مقام البيان، لا في مقام الإجمال.
ج - عدم ذكر القيد سواء كان متصلا أو منفصلا.
والمقدمة الأخيرة هي التي عبر عنها صاحب الكفاية بقوله: " انتفاء ما يوجب التعيين ".
وقال بالنسبة إلى المقدمة الأولى: إنها محققة لموضوع الإطلاق، لا شرط لانعقاده.
وأما بالنسبة إلى ما ذكره صاحب الكفاية:
من عدم وجود القدر المتيقن في مقام التخاطب، فقال: " إن وجود القدر المتيقن في مقام التخاطب مما لا أثر له ولا يصلح لهدم الإطلاق " (1).
وبالنتيجة تكون المقدمات عنده اثنتين.
3 - رأي المحقق العراقي:
اكتفى العراقي بالمقدمات الثلاث التي ذكرها شيخه صاحب الكفاية (2).
4 - رأي السيد الخوئي:
جعل المقدمات ثلاثا، لكن حذف القدر المتيقن وأضاف اشتراط قدرة المتكلم على الإطلاق والتقييد بدلا من قابلية الكلام للإطلاق والتقييد (3).
5 - رأي الإمام الخميني:
جعل المقدمة واحدة، وهي كون المتكلم في مقام البيان، وأما عدم القرينة على التعيين - أي القيد