أنه إذا تعلق التكليف بأحد شيئين، فإما أن يكونا متباينين، أو لا:
فالأول - مثل ما لو علمنا بوجوب الصلاة، لكن لا نعلم أنها الظهر أو الجمعة، فهذه الصورة هي مسألة دوران الأمر - أي التكليف - بين المتباينين.
والثاني - مثل ما لو علمنا بوجوب الصلاة، لكن لا نعلم أنها متكونة من تسعة أجزاء - أي من دون السورة مثلا - أو من عشرة أجزاء بما فيها السورة، وهذه الصورة هي مسألة دوران الأمر - أي التكليف - بين الأقل والأكثر.
وقد تقدم بعض الكلام عن الأول في عنوان " احتياط "، وينحصر بحثنا فعلا في الثاني، أي الأقل والأكثر.
أقسام الأقل والأكثر:
قسموا الأقل والأكثر إلى قسمين:
الأول - الأقل والأكثر الاستقلاليان:
وهما اللذان يلاحظ كل منهما مستقلا عن الآخر، فيكونان واجبين أو حرامين مستقلين، بحيث يكون لكل منهما إطاعة ومعصية مستقلتان.
فمثال الواجب، ما لو علمنا بانشغال ذمتنا بدين، لكن لا ندري هل هو خمسة أو عشرة دراهم. وبعبارة أخرى: نعلم بأصل وجوب فراغ الذمة بدفع دراهم، لكن لا نعلم أنها خمسة أو عشرة، فكل من الخمسة والعشرة واجب مستقل، ولذلك لو دفعنا خمسة دراهم برئت ذمتنا بمقدارها، فإن كانت ذمتنا مشغولة بعشرة بقيت مشغولة بخمسة أخرى، بخلاف الأقل والأكثر الارتباطيين، كما سيأتي.
ومثال الحرام، ما لو علمنا بحرمة قراءة العزائم على الجنب والحائض، ولكن شككنا - فرضا - في أن المحرم هل هو قراءة خصوص آية السجدة أو جميع السورة؟ (1) الثاني - الأقل والأكثر الارتباطيان:
وهما اللذان يلاحظ أحدهما - أي الأقل - تارة مستقلا من دون لحاظ شئ آخر، ويلاحظ أخرى مشروطا بشئ آخر، أو - بعبارة أخرى - يلاحظ ضمن شئ آخر وهو الأكثر.
ومثالهما في الشبهة الوجوبية: ما لو علمنا بوجوب الصلاة وشككنا في أن ماهيتها هل هي تسعة أجزاء أي من دون لحاظ السورة، أو عشرة مع لحاظ السورة؟
ومثالهما في الشبهة التحريمية هو: ما لو علمنا بحرمة الغناء ولكن شككنا هل هو مطلق ترجيع الصوت - وهو الأقل - أو بقيد كونه مطربا، وهو الأكثر.
وكذا لو علمنا بحرمة صنع المجسمات، لكن شككنا في أن الحرام هل هو صنعها مطلقا وإن كانت ناقصة، أو بقيد كونها كاملة، فالأول هو الأقل، والثاني هو الأكثر (2).