الفرق بين قاعدة من ملك وقاعدة الإقرار:
حاصل الفرق بين القاعدة المبحوث عنها، وهي قاعدة من ملك، وقاعدة الإقرار أي قاعدة " إقرار العقلاء على أنفسهم جائز " هو:
أن مورد قاعدة " الإقرار " هو الإقرار على النفس، أي إذا كان الإقرار بضرر الإنسان المقر فقط.
ومورد قاعدة " من ملك " هو الأعم، أي سواء كان الإقرار بضرر المقر أو بضرر غيره.
إذن فالقاعدتان تتفقان فيما لو كان الإقرار بضرر المقر كإقرار المالك على نفسه، فإنه تشمله قاعدة الإقرار وقاعدة من ملك، فلذلك لم يكن هذا المورد محلا للبحث والاستدلال، لأنه مستدل عليه بقاعدة الإقرار، فلذلك قال الشيخ الأنصاري في بدء رسالته: " والمقصود الأصلي الانتفاع بها في غير مقام إقرار البالغ الكامل على نفسه، إذ يكفي في ذلك المقام ما أجمع عليه نصا وفتوى: من نفوذ إقرار العقلاء على أنفسهم " (1).
نعم يبحث ويستدل على الموارد التي لا تشملها قاعدة الإقرار، بل تشملها قاعدة من ملك فقط، مثل إقرار الوكيل والوصي والمأذون شرعا كالصبي في وصيته وهبته، والمأذون من قبل المالك كالعبد المأذون في التجارة.
مستند القاعدة:
ذكر الشيخ الأنصاري عدة أدلة على القاعدة، لكنها لم تسلم من مناقشته، نذكرها فيما يلي:
1 - الإجماع:
قال: " وربما يدعى الإجماع على القضية المذكورة بمعنى أن استدلال الأصحاب بها يكشف عن وجود دليل معتبر لو عثرنا به لم نعدل عنه، وإن لم يكشف عن الحكم الواقعي " (1).
لكنه ناقش هذا الإجماع فقال: " وهذه الدعوى إنما تصح مع عدم ظهور خلاف أو تردد منهم فيها، لكنا نرى من أساطينهم في بعض المقامات عدم الالتزام بها أو التردد فيها، فهذا العلامة في التذكرة رجح تقديم قول الموكل عند دعوى الوكيل - قبل العزل - التصرف، وتردد في ذلك في التحرير وتبع المحقق في تقديم دعواه نقصان الثمن عما يدعيه الوكيل " (2).
ثم أخذ يذكر الموارد المشابهة التي أفتى فيها الفقهاء بخلاف مفاد القاعدة إلى أن قال:
" هذا ولكن الإنصاف: أن القضية المذكورة في الجملة إجماعية، بمعنى أنه ما من أحد من الأصحاب ممن وصل إلينا كلامهم إلا وقد عمل بهذه القضية في بعض الموارد، بحيث نعلم أن لا مستند له سواها، فإن من ذكرنا خلافهم إنما خالفوا في بعض موارد القضية وعملوا بها في مورد آخر... " (3).
ثم ذكر الموارد التي تمسكوا فيها بالقاعدة،