يخرجه عن موضوع الإعراض، الذي هو رفع اليد عن الملك من دون إنشاء إباحة.
هذا، ونسب إلى الشيخ القول بإزالة الملك بالإعراض (1)، لكن لم نر تصريحا منه بذلك.
وقال ابن إدريس: " وروى الحسن بن علي بن يقطين، عن أمية بن عمرو، عن الشعيري، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن سفينة انكسرت في البحر، فاخرج بعضه بالغوص، وأخرج البحر بعض ما غرق فيها، فقال: أما ما أخرجه البحر فهو لأهله، الله أخرجه، وأما ما اخرج بالغوص، فهو لهم، وهم أحق به " ثم قال:
" وجه الفقه في الحديث: أن ما أخرجه البحر فهو لأصحابه، وما تركه أصحابه آيسين منه، فهو لمن وجده وغاص عليه، لأنه صار بمنزلة المباح، ومثله من ترك بعيره من جهد في غير كلأ ولا ماء، فهو لمن أخذه، لأنه حلاه آيسا منه ورفع يده عنه، فصار مباحا، وليس هذا قياسا، لأن مذهبنا ترك القياس، وإنما هذا على جهة المثال، والمرجع فيه إلى الإجماع وتواتر النصوص، دون القياس والاجتهاد، وعلى الخبرين إجماع أصحابنا منعقد " (2).
والمستفاد من هذا النص: أن الإعراض مزيل للملك ويصير المال المعرض عنه كالمباح يملكه من حازه. ومن علامات الإعراض يأس المالك من التوصل إلى ماله.
لكن تقدم: أن مجرد ترك المال، لعدم إمكان التوصل إليه ليس إعراضا، فلابد إذن من إحراز الإعراض بأي طريق كان وإن كان سببه اليأس عن إمكان التوصل إليه.
وقال المحقق الحلي في الشرائع: " لو انكسرت سفينة في البحر فما أخرجه البحر فهو لأهله، وما اخرج بالغوص فهو لمخرجه، وبه رواية في سندها ضعف (1) " (2).
وظاهره التردد في ذلك كما قال صاحب الجواهر (3).
وقال أيضا: " ولو أطلق الصيد من يده لم يخرج عن ملكه. وإن نوى إطلاقه وقطع نيته عن ملكه هل يملكه غيره باصطياده؟ الأشبه لا، لأنه لا يخرج عن ملكه بنية الإخراج، وقيل: يخرج، كما لو وقع منه شئ حقير فأهمله، فإنه يكون كالمبيح له. ولعل بين الحالين فرقا " (4).
والفرق - كما قال صاحب الجواهر (5) - لعله:
(1) تقدم سند الرواية في كلام ابن إدريس. قال الشهيد الثاني: " ووجه ضعف سندها أن أمية المذكور واقفي.
والظاهر أن المراد بالشعيري: إسماعيل بن زياد السكوني المشهور ". المسالك 14: 77.
(2) الشرائع 4: 109.
(3) الجواهر 40: 400.
(4) الشرائع 3: 211.
(5) الجواهر 36: 207.