بعد ذلك جايزا لما روى ابن سنان في الصحيح عن الصادق (ع) قال لا بأس بأن تبيع الرجل المتاع ليس عندك تساومه ثم تشترى له نحو الذي طلب ثم توجبه على نفسك ثم تبيعه منه بعد ولو باعه قبل شرائه له جاز لما تقدم ولما رواه ابن سنان في الصحيح عن الصادق (ع) إنه سأله عن الرجل يأتيني يزيد منى طعاما أو بيع نسية وليس عندي يصلح أن أبيعه إياه وأقطع له سعره ثم اشتريه من مكان آخر فادفعه إليه قال لا بأس إذا عرفت هذا فإنما يجوز إذا كان المبيع غير مشخص أما إذا كان مشخصا بأن يكون مثلا لزيد عبد أو طعام فيأتي خالد إلى بكر فيطلب منه ذلك العبد أو الطعام بعينه فيشتريه منه ثم يذهب بكر إلى زيد فيشتريه منه ليدفعه إلى خالد فإنه لا يجوز لنهيه (ع) عن بيع ما ليس عنده إذا ثبت هذا فإن فعل كان العقد الأول باطلا ويكون الثاني صحيحا ثم يجدد العقد الباطل بعد العقد الصحيح وروى معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق (ع) قال قلت له يجيئني الرجل يطلب المبيع الحرير وليس عندي منه شيئا فيقاولني عليه فأقاوله في الربح والأجل حتى يجتمع على شئ ثم اذهب فاشترى له الحريرة فادعوه إليه فقال أرأيت إن وجد بيعا هو أحب إليه مما عندك أيستطيع أن ينصرف إليه ويدعك أو وجدت أنت ذلك أتستطيع أن تنصرف إليه عنه وتدعه قلت نعم قال لا بأس وينبغي حمله على المشخص. مسألة لو جاء إليه شخص يطلب متاعا بقدر معلوم ولم يكن عنده فاستعاره من غيره ثم باعه إياه ثم اشتراه منه ودفعه إلى مالكه لم يجز لان بيعه له وهو غير مالك باطل والاستعارة للبيع غير جايزة وإن جازت للرهن فيكون الشراء منه أولي بالبطلان وفي رواية ابن حديد قال قلت للصادق (ع) يجئ الرجل (يطلب صح) منى المتاع بعشرة ألف أو أقل أو أكثر وليس عندي إلا بألف درهم فاستعيره من جارى فآخذ من ذا وذا فأبيعه ثم اشتراه منه أو أمر من يشتريه فارده على أصحابه قال لا بأس وهذه الرواية ضعيفة فإن ابن حديد ضعيف جدا فلا تعويل عليها لمنافاتها المذهب. مسألة يجوز تعجيل المؤجل بإسقاط بعضه لأنه إبراء وهو سايغ مطلقا لا يجوز تأخير المعجل بزيادة فيه نعم يجوز اشتراط التأجيل في عقد لازم كالبيع وشبهه لا بزيادة في الدين بل بزيادة في ثمن ما يبيعه إياه فلو كان عليه دين حال فطالبه فسأل منه الصبر إلى وقت معلوم بشرط أن يشترى منه ما يساوى مائة بثمانين جاز لان التأخير أمر مطلوب للعقلاء لا يتضمن مفسدة وهو غير واجب على صاحب الحق بل له المطالبة بالتعجيل وبيع ما نريد ثمنه على قيمته جايز مطلقا فلا وجه لمنعه مجتمعا ولان محمد بن إسحاق بن عمار سأل الرضا (ع) عن الرجل يكون له المال يدخل عليه صاحبه يبيعه لؤلؤة تسوى مائة درهم بألف درهم ويؤخذ عند المال إلى وقت قال لا بأس وسأل محمد بن إسحاق أيضا أبا الحسن (ع) يكون له على الرجل دراهم فيقول أخرني بها وأربحك فابتعه حبة تقوم على بألف درهم بعشرة آلاف درهم أو بعشرين ألف وأؤخره بالمال قال لا بأس. المطلب الثاني في السلم والنظر في ماهيته وشرايطه وأحكامه النظر الأول في الماهية. مسألة. السلم والسلف عبارتان عن معنى واحد وهو بيع شئ موصوف في الذمة بشئ حاضر يقال سلف وأسلف واسلم ويجئ فيه سلم غير إن الفقهاء لم يستعملوه وذكر الفقهاء فيه عبارا ت متقاربة - آ - إنه عقد على موصوف في الذمة بدل يعطى عاجلا - ب - أسلاف عرض حاضر في عرض موصوف في الذمة - ج - تسليم عاجل في عرض لا يجب تعجيله وهذه تعريفات ردية وهو يشارك القرض في اللفظ يسمى كل منهما سلما لاشتراكهما في معنى وهو أن كل واحد منهما إثبات مال في الذمة بمبذول في الحال. مسألة وقد أجمع المسلمون على جوازه قال الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه " قال ابن عباس إن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله تعالى في كتابه وأذن فيه ثم قال قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى " مع أن اللفظ عام يشمل هذا وما رواه العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله قدم المدينة وهم يسلفون في التمر السنة والسنتين وربما قال والثلث فقال من سلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم ومن طريق الخاصة في الحسن عن الصادق (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا بأس في السلم بالمتاع إذا سميت الطول والعرض ولأصالة وأحل الله البيع السالم عن معارض. مسألة السلف نوع من البيوع لابد فيه من إيجاب محمول؟ فالايجاب إما قوله بعتك كذا وصفته كذا إلى رجل كذا بكذا وينعقد سلما لا بيعا مجرد فيثبت له جميع شرايط البيع ويزيد قبض رأس المال قبل التفرق نظرا إلى المعنى لا اللفظ وأما أسلمت أو سلفت أو ما أدى معناه فيقول قبلت ولو أسلم بلفظ الشراء فقال اشتريت منك ثوبا أو طعاما صفته كذا إلى كذا بهذه الدراهم فقال بعته منك انعقد لان كل سلم بيع فإذا استعمل لفظ البيع فيه قد استعمله في موضع وإذا انعقد فهو سلم اعتبارا بالمعنى كما قلناه ولا يكون بيعا اعتبارا باللفظ وفيه للشافعية وجهان أصحهما عندهم الاعتبار باللفظ فلا يجب تسليم الدراهم في المجلس ويثبت فيه خيار الشرط وهل يجوز الاعتياض عن الثوب فيه لهم قولان كما في الثمن ومنهم من قطع بالمنع لأنه مقصود الجنس كالبيع في الأثمان قصدا لمالية لا قصد الجنس والحق ما قلناه من أن الاعتبار بالقصد إذ الألفاظ لا دلالة لها بمجرد ذواتها ما لم ينضم القصد إليها ولهذا لم يعتد بعبارة الساهي والغافل والنائم والسكران واللاعب والمكره بعضهم قال بما قلناه فيجب تسليم الدراهم في المجلس ولا يثبت فيه خيار الشرط عندهم ولا يجوز الاعتياض عن الثوب عندهم كغيره من السلف ولو قال اشتريت ثوبا صفته كذا في ذمتك بعشرة دراهم في ذمتي فإن جعلناه سلفا وجب تعيين الدرهم وتسليمها في المجلس وإن جعلناه بيعا لم يجب. مسألة وكما ينعقد السلم بلفظ البيع كذا الأقرب العكس فلو قال أسلمت إليك هذا الثوب ويعينه في هذا الدينار انعقد بيعا نظرا إلى المعنى لا إلى لفظ السلم فلا يجب التقابض في المجلس حينئذ ولا يكون هذا سلما إجماعا وللشافعية قولان في انعقاده بيعا نظرا إلى المعنى فينعقد ويحتمل عدم الانعقاد لاختلاف اللفظ ولو قال بعتك بلا ثمن أو على أن لا ثمن عليك فقال قبلت أو اشتريت وقبضه ففي انعقاده هبة نظر ينشأ من الالتفات إلى المعنى واختلاف اللفظ وقبل يكون المقبوض مضمونا هنا على القابض فيه نظر ينشأ من ثبوت الضمان في البيع الفاسد وهذا منه ومن دلالة اللفظ على إسقاطه وللشافعية وجهان أما لو قال بعت ولم يتعرض للثمن فإنه لا يكون تمليكا ويجب الضمان وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم فيه الوجهان السابقان. النظر الثاني في الشرايط وينظمها مباحث البحث الأول الاجل (مسألة صح) الاجل شرط في السلم فلا يجوز حالا فإن بيع حالا بلفظ السلم خرج اللفظ عن حقيقته إلى مجازه وهو مطلق البيع ولم يكن سلما وبه قال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي لما تقدم من رواية العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال من سلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم ومن طريق الخاصة رواية سماعة قال سألته عن السلم وهو السلف في الحرير والمتاع الذي يصنع في البلد الذي أنت فيه قال نعم إذا كان إلى أجل معلوم ولان الحلول يخرجه عن اسمه ومعناه فإنه سمى سلما وسلفا لتعجيل أحد العوضين وتأجيل الآخر ومعناه إنه وضع للرفق والرفق لا يحصل إلا بالأجل وقال الشافعي السلم يجوز حالا ومؤجلا وبه قال عطا وأبو ثور وابن المنذر لان الاجل غرر فيه لان التسليم قد يتعذر وقت الاجل فإذا أسقطه لم تؤثر في صحة العقد كبيوع الأعيان ولا ينقض بالكتابة لان الغرر يحصل بإسقاط الاجل لان العبد يتحقق عجزه عن العوض حال.
العقد لان ما في يده مال السيد إن كان في يده شئ ولا يلزم السلم في المعدوم لان المفسد تعذر القبض في محله دون الاجل والاسم حاصل لان رأس المال يجب قبضه في المجلس بخلاف المسلم فيه وإن كان حالا وأما الرفق فلحظ المتعاقدين فإذا أسقطاه لم يؤثر في العقد كما لو أسلم إليه وكان رأس المال أكثر مما يساوى حالا ويمنع كون الاجل غررا وإلا لكان منهيا عنه وخصوصا وقد رويتم تأويل الآية في الدين أنها عبارة عن السلف إذا ثبت هذا فلو باعه سلفا ولم يرد مطلق البيع كان باطلا