الحرم ثم أمر به من غير شرط في حق من لا يرى حرمة للحرم والأشهر الحرم بقوله تعالى " واقتلوهم حيث ثقفتموهم " وكان فرض الجهاد في المدينة على الكفاية في ابتداء الوجوب عندنا وهو أحد وجهي الشافعية والثاني إنه كان فرض عين وأما بعد النبي صلى الله عليه وآله فالكفار إن كانوا قاطنين في بلادهم غير قاصدين لقتال المسلمين فالجهاد لهم فرض كفاية لا فرض عين وإلا لتعطلت المعايش والكفاية تحصل بشيئين أحدهما أن يبعث الامام في كل ثغر جماعة يقومون بحرب من ازائهم من الكفار ويحصل بهم القصد من امتناع دخولهم إلينا وينبغي أن يحتاط بأحكام الحصون وحفر الخنادق ونحوها ويرتب في كل ناحية أميرا قيما بأمور الجهاد وحراسة المسلمين والثاني أن يدخل دار الكفار غازيا بنفسه أو يبعث جيشا يؤمر عليهم من فيه كفاية اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله حيث كان يبعث السرايا والجيوش وأقله في كل سنة مرة وما زاد فهو أفضل وقال بعض الشافعية تجب إدامته بحسب الامكان بحيث لا يبقى إلا مسلم أو مسالم وليس بجيد لان الغالب إن الأموال والعدد لا توفى في تجهيز الجيوش أكثر من مرة واحدة في السنة ولان النبي صلى الله عليه وآله فعل ذلك فإن غزاة بدر كانت في السنة الثانية من الهجرة وغزاة أحد في الثالثة وغزاة ذات الرقاع في الرابعة وغزاة الخندق في الخامسة وغزاة بنى المصطلق في السادسة وفتح خيبر في السابعة وفتح مكة في الثامنة وغزاة تبوك في التاسعة وإن لم يستقر الكفار في بلادهم بل قصدوا بلدة من بلد المسلمين قاصدين لها فالوجه إن الوجوب لا يتعين وصفه بل يكون فرض كفاية وهو أحد وجهي الشافعية فإن أقام به البعض والأوجب على الأعيان ويستوى في ذلك الغنى والفقير والحر والعبد ولا يحتاج إلى إذن سيده والثاني إنه فرض عين فإن حصلت المقاومة من غير مرافقة العبيد فللشافعية قولان أحدهما إن الحكم كذلك لتقوى القلوب ويعظم الشوكة وتشد النكاية في الكفار والثاني إنه لا ينحل الحجر عنه لان في الأحرار غنية عنهم ولو أحوج الحال إلى الاستعانة بالنساء وجب ولو لم يتمكن أهل البلد من التأهب والتجمع فمن وقف عليه كافرا وكفار وعلم أنه يقتل وجب عليه المدافعة عن نفسه بقدر ما يمكنه سواء الذكر والأنثى والحر والعبد السليم والأعمى والأعرج ولو لم يعلم القتل بل جوز السلامة وأن يوسران استسلم وإن امتنع قتل وجب عليه الاستسلام فإن الأسر يحتمل معه الخلاص ولو امتدت الأيدي إلى المرأة وجب عليها الدفع وإن قتلت لان المكره على الزنا لا تحل له المطاوعة والبلاد القريبة من تلك البلدة يجب عليهم النفور إليها مع عجز أهلها لا مع عدم العجز وهو أحد وجهي الشافعية والثاني إنه يجب وأما البلاد البعيدة فإن احتيج إلى مساعدتهم وجب عليهم النفور وإلا فلا وللشافعية وجهان أحدهما عدم الوجوب على من بعد مسافة القصر ويجب على الأقربين فالأقربين إلى أن يكفوا ويأمن أهل البلدة وينبغي للأقربين التثبيت إلى لحوق الآخرين مع احتمال الحال ذلك ولا يشترط وجدان الركوب فيمن يكون بلده دون مسافة القصر مع قدرته وأما من بعد إلى مسافة القصر فللشافعية وجهان عدم الاشتراط لشدة الخطب وثبوته كالحج وكذا الوجهان في اشتراط الزاد . مسألة. لو نزل الكفار في خراب أو على جبل في دار الاسلام بعيد عن البلدان احتمل مساواته لنزولهم في البلد لأنه من دار الاسلام وعدمه لان الديار يشرف بسكون المسلمين وللشافعية وجهان ولو أسروا مسلما أو جماعة من المسلمين فالوجه إنه كدخول دار الاسلام لان سبب حرمة دار الاسلام حرمة المسلمين فالاستيلاء على المسلمين أعظم من الاستيلاء على دارهم ويحتمل المنع لان أعداد الجيش وتجهيز الجند لواحد يقع في الأسر بعيد وللشافعية وجهان ولو كانوا على القرب من دار الاسلام وتوقعنا استخلاص الاسراء لو مشينا إليهم وجب ولو توغلوا في دار الكفر ولم يمكن التسارع إليهم انتظرنا الامكان. مسألة. الجهاد قسمان أحدهما أن يكون للدعاء إلى الاسلام ولا يجوز إلا بإذن الإمام العادل أو من نصبه لذلك عند علمائنا أجمع لأنه أعرف بشرايط الدعاء وما يدعوهم إليه من التكاليف دون غيره قال بشير قلت للصادق (ع) رأيت في المنام إني قلت لك إن القتال مع غير الامام المفروض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير فقلت نعم هو كذلك فقال الصادق (ع) هو كذلك هو كذلك وقال احمد يجب مع كل إمام بر وفاجر لرواية أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال الجهاد واجب عليكم مع كل إمام برا كان أو فاجرا وهو محمول على القسم الثاني من نوعي الجهاد مع أن أبا هريرة طعن في حديثه ولهذا أدبه عمر على كثرة حديثه ولولا التهمة في حديثه لما فعل عمر به ذلك خصوصا مع معارضته للكتاب العزيز حيث يقول ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار والفاجر ظالم ووجوب هذا القسم على الكفاية على ما تقدم فينبغي للامام أو نائبه اعتماد النصفه بينهم فلا يكرر الغزو على قوم دون قوم والثاني إن يدهم المسلمين العدو فيجب على الأعيان عند قوم وعلى الكفاية عند آخرين وقد سبق. مسألة. قد عرفت أن رد السلام واجب على الكفاية على الجماعة وهو فرض عين على الواحد فابتداؤه مستحب ولا يستحب على المصلى عند بعض الشافعية ولا على من يقضى حاجته ولا في الحمام ولو أجاب الجميع دفعة واحدة كانوا مؤدين فرض كفاية كما يلحقهم الذم بأجمعهم لو تركوا ولو تعاقبوا فالوجه إن الفرض يسقط بالأول وقال بعض الشافعية إن المتأخر يكون مؤديا لفرض كفاية وليس بجيد ولو سلم (على شخص أو جماعة فرد عليه غيرهم لم يسقط الفرض عمن سلم عليه وابتداء السلام سنة على الكفاية ولو سلم واحد من جماعة على واحد من جماعة أخرى كفى ذلك لإقامة السنة ولو سلم صح) في بعض الأحوال اللتي لا يستحب فيها السلام فالوجه وجوب الرد عملا بالعموم خلافا للشافعية وإذا سلم على المصلى وجب عليه الجواب وقالت الشافعية لا يجب حتى يفرغ من الصلاة ويجوز أن يجيب في الصلاة بالإشارة وعندنا يجب بمثل ما سلم عليه فيقول في الجواب السلام عليكم ولا يقول عليكم السلام وأما من يقضى الحاجة فالقرب منه ومكالمته بعيد عن الأدب والمروة وأما الحمام فإنه موضع التنظيف والدلك فلا تليق التحية بحالهم والمشغول بالاكل إن كانت اللقمة في فيه واحتاج في المضغ والبلع إلى زمان يمنعه عن الجواب لم يسن التسليم عليه وأما بعد الابتلاع وقبل وضع لقمه أخرى في فمه فلا منع وبعض الشافعية منع مطلقا وبعضهم سوغه مطلقا ولا يمنع المعامل وقت المعاملة والمساومة من التسليم عليه لان أغلب أحوال الناس ذلك ولابد في السلام وجوابه من رفع الصوت بقدر ما يحصل به السماع وصيغته السلام عليكم (ويقوم مقامه سلام عليكم صح) ولو قال عليكم السلام لم يكن مسلما إنما هي صيغة جواب ويراعى صيغة الجمع وإن كان السلام على واحد خطابا له ولو أخل بصيغة الجمع حصل أصل السنة وصيغة الجواب وعليكم السلام ولو قال وعليك السلام للواحد جاز ولو ترك حرف العطف وقال عليكم السلام فهو جواب خلافا لبعض الشافعية ولو تلاقى اثنان فسلم واحد منهما على الاخر وجب على كل واحد منهما جواب الاخر ولا يحصل الجواب بالسلام وإن ترتب السلامان ولو قال المجيب وعليك ففي كونه جوابا نظر من حيث إنه لا تعرض للسلام فيه ومن حيث إنه يكون جوابا للعطف ورجوعا إلى قول السلام ولو قال عليكم لم يكن جوابا وكمال السلام أن يقول السلام عليكم ورحمة الله و بركاته وكمال الجواب أن يقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وينبغي أن يكون الجواب متصلا بالسلام ليعد جوابا له كما في قبول الايجاب في العقود ولو ناداه من وراء ستر أو حايط وقال السلام عليكم يا فلان أو كتب كتابا وسلم فيه عليه أو أرسل رسولا فقال سلم على فلان فبلغه الكتاب والرسالة قال بعض الشافعية يجب عليه الجواب لان تحية الغائب إنما تكون بالمناداة أو الكتاب أو الرسالة وقد قال تعالى " وإذا حييتم " الآية والوجه إن سمع النداء وجب الجواب وإلا فلا وما يعتاده الناس من السلام عند القيام ومفارقة الجماعة دعاء لا تحية يستحب الجواب عنه ولا يجب ويكره أن يخص طائفة من الجميع بالسلام ولو سلم عليه جماعة فقال وعليك السلام
(٤٠٦)