قال الله تعالى وليطوفوا قال ابن عبد البر أجمع العلماء على أن هذه الآية فيه وما رواه العامة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال عن صفية لما حاضت لما ستناهي قالوا يا رسول الله إنها قد أفاضت يوم النحر قال أخرجوا فدل على وجوب الطواف وإنه حابس لمن لم يأت به ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة ولأنه أحد النسكين فكان الطواف فيه ركنا كالعمرة إذا عرفت هذا فإن أخل به عامدا بطل حجه وإن أخل به ناسيا وجب عليه أن يعود ويقضيه فإن لم يتمكن استناب فيه وقال الشافعي إن كان قد طاف طواف الوداع أجزأ عنه وإلا وجب عليه الرجوع ولا تحل له النساء حتى يطوفه وإن طال زمانه وخرج وقته إذا ثبت هذا فلو نسى طواف النساء لم تحل له النساء حتى يزور البيت ويأتي به ويجوز له أن يستنيب فيه لما رواه معاوية بن عمار في الحسن عن الصادق عليه السلام قال قلت له رجل نسى طواف النساء حتى دخل أهله قال لا تحل النساء حتى يزور البيت وقال يأمر أن يقضى عنه إن لم يحج فإن توفى قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره الفصل الرابع في السعي والتقصير وفيه مباحث الأول في مقدماته وهي عشرة كلها مندوبة الأول الطهارة وهي مستحبة في السعي غير واجبة عند علمائنا وهو قول عامة العلماء للأصل ولما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله قال لعايشة حين حاضت اقضى ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت وعن عايشة وأم سلمة قالتا إذا طافت المرأة بالبيت وصلت ركعتين ثم حاضت فلتطف بالصفا والمروة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام في الصحيح لا بأس أن تقضى المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف فإنه فيه صلاة والوضوء أفضل الثاني استلام الحجر الأسود قبل السعي إذا صلى ركعتي الطواف إجماعا لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله فعل ذلك ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام فإذا فرغت من الركعتين فائت الحجر الأسود فقبله واستلمه وأشر إليه فإنه لابد من ذلك الثالث الشرب من ماء زمزم وصب الماء على الجسد من الدلو القابل للحجر الأسود والدعاء لقول الصادق عليه السلام في الصحيح إذا فرغ الرجل من طوافه وصلى ركعتين فليأت زمزم فيستقى منه ذنوبا أو ذنوبين فليشرب منه وليصب على رأسه وظهره وبطنه و يقول حين يشرب اللهم اجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء وسقم ثم يعود إلى الحجر الأسود وعن الصادق والكاظم عليهما السلام في الصحيح وليكن ذلك من الدلو الذي بحذاء الحجر الرابع الخروج إلى الصفا من الباب القابل للحجر الأسود بالسكينة والوقار ولا نعلم فيه خلافا روى الشيخ في الصحيح عن الصادق عليه السلام ثم أخرج إلى الصفا من الباب الذي خرج منه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو الباب الذي يقابل الحجر الأسود حتى تقطع الوادي وعليك السكينة والوقار الخامس الصعود على الصفا إجماعا إلا من شذ ذهب إلى وجوبه فإنه لا يصح السعي حتى يصعد إلى الصفا والمروة بقدر ما يستوفى السعي بينهما لأنه لا يمكنه استيفاء ما بينهما إلا بذلك فيجب كوجوب غسل جزء من الرأس وصيام جزء من الليل وهو خطأ لأنه يمكنه الاستيفاء بأن يجعل عقبه ملاصقا للصفا وأصابع رجليه ملاصقه للمروة وبالعكس في الرجوع واستحبابه لقول الصادق عليه السلام في الصحيح تصعد الصفا حتى تنظر إلى البيت ويستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود واحمد الله وأثن عليه الحديث السادس حمد الله على الصفا والثناء عليه واستقبال الكعبة ورفع يديه والدعاء وإطالة الوقوف على الصفا لقول الصادق عليه السلام في الصحيح واحمد الله وأثن واذكر من آلائه وبلائه وحسن ما صنع إليك الحديث قال الصادق عليه السلام وإن رسول الله كان يقف على الصفا بقدر ما يقرء سورة البقرة مترسلا وعن علي بن النعمان رفعه قال كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا صعد الصفا استقبل الكعبة ثم يرفع يديه ثم يقول وذكر الدعاء وقال الصادق عليه السلام إذا أردت أن يكثر مالك فأكثر الوقوف على الصفا ولو لم يتمكن من إطالة الوقوف والدعاء بالمنقول دعا بما تيسر قال بعض أصحابنا كنت في قفاء الكاظم عليه السلام على الصفا وعلى المروة وهو لا يزيد على حرفين اللهم إني أسئلك حسن الظن بك على كل حال وصدق النية في التوكل عليك البحث الثاني في الكيفية مسألة يجب في السعي النية لأنه عبادة وقد قال الله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ولقوله عليه السلام لا عمل إلا بنية وهي شرط فيه يبطل السعي بالاخلال بها عمدا وسهوا ويجب فيها تعيين الفعل وانه سعى عمرة متمتع بها أو مفردة أو سعى الحج الواجب أو الندب حجة الاسلام أو غيرها والتقرب إلى الله تعالى مسألة يجب في الترتيب بأن يبدي بالصفا ويختم بالمروة إجماعا إلا من أبي حنيفة لما رواه جعفر الصادق عليه السلام عن جابر في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وآله وبدأ بالصفا وقال ابدؤا بما بدأ الله تعالى به ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله حين فرغ من طوافه وركعتيه قال ابدؤا بما بدأ الله به إن الله عز وجل يقول إن الصفا والمروة من شعائر الله وقال الصادق عليه السلام يبدأ بالصفا ويختم بالمروة مسألة يجب السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط يحتسب ذهابه من الصفا إلى المروة شوطا وعوده من المروة إلى الصفا آخر هكذا سبع مرات عند علمائنا أجمع وهو قول عامة العلماء لما رواه العامة عن الصادق عليه السلام عن الباقر عليه السلام عن جابر في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وآله ثم نزل إلى المروة حتى إذا نصبت قدماه رمل في بطن الوادي حتى إذا صعدنا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا فلما كان آخر طوافه على المروة قال لو استقبلت من أمرى ما استدبرت لم أسق الهدى وجعلتها عمرة وهذا يقتضى إنه أخر طوافه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ طف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة وقال أبو بكر الصيرفي من الشافعية يحتسب سعيه من الصفا إلى المروة ومنها إلى الصفا شوطا واحدا مسألة يجب السعي بين الصفا والمروة في المسافة التي بينهما فلا يجوز الاخلال بشئ منها بل يلصق عقبه بالصفا في الابتداء وأصابع رجليه به في العود وبالعكس في المروة ولا تحل له النساء حتى يكمله ولا يجب الصعود على الصفا ولا المروة خلافا لبعض الشافعية وقد تقدم لقوله تعالى فلا جناح عليه أن يطوف بهما قال المفسرون أراد بينهما وهو يصدق وإن لم يصعد عليهما ويستحب له أن يسعى ماشيا ويجوز الركوب إجماعا ولما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله طاف راكبا بالبيت وبالصفا والمروة ومن طريق الخاصة رواية الحلبي الحسنة إنه سأل الصادق عليه السلام عن السعي بين الصفا والمروة على الدابة قال نعم وعلى المحمل وقال معاوية بن عمار سألت الصادق عليه السلام عن الرجل يسعى بين الصفا والمروة راكبا قال لا بأس والمشي أفضل مسألة يستحب أن يمشى من الصفا إلى المنارة وأن يهرول ما بين المنارة وزقاق العطارين ثم يمشى من زقاق العطارين إلى المروة ولو كان راكبا حرك دابته في موضع الهرولة إجماعا لما روى العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله سعى بين الصفا والمروة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام ثم انحدر ماشيا وعليك السكينة والوقار حتى تأتى المنارة وهي طواف السعي واسع ملئ فروجك وقل بسم الله الله أكبر وصل الله على محمد واله وقل اللهم اغفر وارحم وأعف عما تعلم وأنت الأعز الأكرم حتى تبلغ المنارة الأخرى وكان المسعى مما أوسع هو اليوم ولكن الناس ضيقوه ثم امش وعليك السكينة والوقار حتى تأتى المروة الحديث ولان موضع الرمل من وادى محسر فاستحب قطعه بالهرولة كما يستحب قطع وادى محسر ويستحب الدعاء حالة السعي ولو ترك الرمل لم يكن عليه شئ إجماعا روى العامة عن ابن عمر قال إن أسع بين الصفا والمروة فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يسعى وإن امش فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يمشى وأنا شيخ كبير ومن طريق الخاصة قول سعيد الأعرج سألت الصادق عليه السلام عن رجل ترك شيئا من الرمل في سعيه بين الصفا و المروة قال لا شئ عليه وليس على النساء رمل ولا صعود على الصفا والمروة لان ترك ذلك استر ولو نسى الرجل الرمل حتى يجوز موضعه ثم ذكر فليرجع القهقرى إلى المكان الذي يرمل فيه البحث الثالث في الاحكام مسألة السعي واجب وركن من أركان الحج والعمرة يبطلان بالاخلال به عمدا عند علمائنا أجمع وبه قال عروة ومالك
(٣٦٦)