تخمر ثم تخلل وعلى هذا القول وجهان في أنه يزول بنفس الاحرام أو الاحرام يوجب عليه الارسال فإذا أرسل حينئذ يزول وعلى القول بعدم زوال الملك عنه ليس لغيره أخذه ولو أخذه لم يملكه ولو قتله ضمنه بمثابة التغلب من يده ولو مات والصيد في يده بعد إمكان الارسال لزمه الجزاء لان التقدير وجوب الارسال وهو مقصر بالامساك ولو مات الصيد قبل إمكان الارسال فوجهان والمذهب عندهم وجوب الضمان ولا خلاف في أنه لا يجب تقديم الارسال على الاحرام مسألة قد بينا انه لا يدخل الصيد في ملك المحرم ببيع ولا هبة ولا غير ذلك من الأسباب وهل ينتقل بالميراث الأقرب ذلك لكن يزول ملكه عنه عقيب ثبوته إن كان الصيد حاضرا معه ويجب عليه إرساله ولو باعه ففي الصحة إشكال فإن قلنا بالصحة لم يسقط عنه ضمان الجزاء حتى لو مات في يد المشترى وجب الجزاء على البايع وإنما يسقط عنه إذا أرسله المشترى ولو قلنا بأنه لا يرث فالملك في الصيد لباقي الورثة وإن كانوا أبعد وإحرامه بالإضافة إلى الصيد مانع من موانع الميراث فحينئذ ينتقل ما عداه من التركة إليه إذا كان أولى وينتقل الصيد إلى الابعد فلو فرضنا إنه أحل قبل قسمة التركة بينه وبين شركائه في الميراث أخذ نصيبه منه وإن أحل بعدها فلا نصيب له ولو كان هو أولي من باقي الورثة لم يكن له شئ وإن أحل قبل القسمة ولو استعار المحرم صيدا أو أودع عنده كان مضمونا عليه بالجزاء وليس له التعرض له فإن أرسله سقط عنه الجزاء وضمن القيمة للمالك وإن رد إلى المالك لم يسقط عنه ضمان الجزاء ما لم يرسله المالك وإذا صار الصيد مضمونا على المحرم بالجزاء فإن قتله محل في يده فالجزاء على المحرم وإن قتله محرم آخر فالجزاء عليهما وعلى القاتل ومن في يده طريق للشافعية وجهان وعندنا يجب على كل واحد منهما فداء كامل مسألة المحرم يضمن الصيد بإتلافه مطلقا سواء قصد التخليص أو لا فلو خلص صيدا من فم هرة أو سبع أو من شق جدار وأخذه ليداويه ويتعهده فمات في يده فهو كما لو أخذ المغصوب من الغاصب ليرده إلى المالك فهلك في يده إحتمل الضمان وبه قال أبو حنيفة لان المستحق لم يرض بيده فتكون يده يد ضمان وعدمه لأنه قصد المصلحة فتكون يده يد وديعة وللشافعي قولان كالاحتمالين ولو صال صيد على محرم أو في الحرم فقتله دفعا فلا ضمان لأنه بالصيال التحقق بالمؤذيات وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يجب عليه الضمان ولو ركب إنسان صيد أو صال على محرم ولا يمكن دفعه إلا بقتل الصيد فقتله فالوجه وجوب فداء كامل على كل واحد منهما وللشافعي قولان أحدهما إن الضمان على القاتل لان الأذى هنا ليس من صيد فحينئذ يرجع القاتل على الراكب والثاني أن الضمان على الراكب ولا يطالب به المحرم ولو ذبح صيدا في مخمصة وأكله ضمن لأنه أهلك لنفعه نفسه من غير ايذاء من الصيد ولو أكره محل أو محرم في الحرم على قتل صيد فقتله ضمنه المكره لان المباشرة ضعفت بالاكراه وللشافعي وجهان هذا أحدهما والثاني أنه على المكره ثم يرجع به على المكره وعن أبي حنيفة إن الجزاء في صيد الحرم على المكره وفى الاحرام على المكره مسألة الجزاء يجب على المحرم إذا قتل الصيد عمدا وسهوا وخطاء بإجماع العلماء قال الله تعالى ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ولا نعلم فيه خلافا الا من الحسن البصري ومجاهد فإنهما قالا إن قتله متعمدا ذاكرا لاحرامه الجزاء عليه وإن كان مخطئا أو ناسيا لاحرامه فعليه الجزاء وهو مخالف للقران فإنه تعالى علق الكفارة على القتل عمدا والذاكر لاحرامه متعمدا ثم قال في سياق الآية ليذوق وبال أمره والساهي والمخطئ لا عقاب عليه ولا دم ولا نعرف لهما دليلا على مخالفتهما لنص القرآن والاجماع فلا اعتداد بقولهما مسألة لا خلاف في وجوب كفارة الصيد على القاتل ناسيا والعامة قد بينا وجوبها عليه أيضا وأما الخاطئ فإن الكفارة تجب عليه كذلك أيضا عند علمائنا أجمع وبه قال الحسن البصري وعطا والنخعي ومالك والثوري وأصحاب الرأي والزهري لما رواه العامة عن جابر قال جعل رسول الله صلى الله عليه وآله في الضبع يصيده المحرم كبشا وقال عليه السلام في بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه ولم يفرق بين العامد والخاطئ ومن طريق الخاصة قول أبى الحسن عليه السلام وعليه الكفارة ولأنه إتلاف مال فاستوى عمده وخطؤه عن ابن عباس أنه قال لا كفارة على الخاطئ في قتل الصيد وبه قال سعيد بن جبير وطاوس وابن المنذر وعن أحمد روايتان لقوله صلى الله عليه وآله فمن قتله منكم متعمدا ولأصالة البراءة ولأنه محظور الاحرام لا يفسده فيجب التفرقة بين الخطاء والعمد كالملبس والطيب ولأنه يدل بدليل الخطاب وليس حجة والأصل ترك للدليل والقتل إتلاف واللبس ترفه فافترقا مسألة لو كرر المحرم الصيد ناسيا تكررت الكفارة إجماعا وإن تعمد فللشيخ قولان أحدهما يجب الجزاء في الأول دون الثاني وبه قال ابن بابويه وهو مروى عن ابن عباس وهو قول شريح والحسن البصري وسعيد بن جبير ومجاهد والنخعي وقتاده واحمد في إحدى الروايات والثاني تتكرر الكفارة بتكرر السبب وهو قول العلماء وبه قال عطا والثوري والشافعي وابن المنذر وهو المعتمد لقوله تعالى فمن قتله منكم متعمدا وهو يتناول العامد ولما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه جعل في الضبع يصيده المحرم كبشا ولم يفرق ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام عليه كلما عاد كفارة ولأنها كفارة عن قتل فاستوى فيها المبتدى والعامد كقتل الآدمي احتج الشيخ بقوله تعالى ومن عاد فينتقم الله منه فجعل جزاء العود الانتقام وهو يدل على سقوط الكفارة لأنه لم يوجب جزاء ولقول الصادق عليه السلام فإن عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاؤه وينتقم الله منه والنقمة في الآخرة والانتقام لا ينافي وجوب الجزاء لعدم دلالته على أنه كل الجزاء ونفى الجزاء محمول على أنه ليس عليه جزاؤه خاصة جمعا بين الأدلة مسألة يجب الجزاء على القاتل للضرورة كالمضطر إلى أكله لعموم قوله فمن قتله وهو يتناول المضطر وغيره ولأنه قتله من غير معنى يحدث فيه من الصيد يقتضى قتله فيضمنه كغيره ولأنه أتلفه لضمنه ودفع الأذى عنه فكان عليه الكفارة كحلق الرأس ولقول الصادق عليه السلام وقد سئل عن المحرم يضطر فيجد الميتة والصيد أيهما يأكل قال يأكل من الصيد ما يجب أن يأكل من ماله قلت بلى قال إنما عليه الفداء فليأكل وليفده وقال الأوزاعي لا يضمنه لأنه مباح له فأشبه صيد البحر والإباحة لا تستلزم عدم الكفارة كما في حلق الرأس والفرق أن صيد البحر لا يتناوله حرم الاحرام ولا الحرم فلا تجب الكفارة به بخلاف الصيد ويجب الضمان على من أتلف الصيد بتخليصه من سبع أو شبكة أو بتخليصه من خيط في رجله ونحوه وبه قال قتادة لعموم الأدلة ولان غاية ذلك عدم القصد إلى قتله وهو لا يسقط الضمان كقتل الخطاء وقال عطا لا ضمان عليه وللشافعي قولان لأنه فعل أبيح لحاجة الحيوان فلا يضمن ما يتلف به كما لو داوى ولى الصبى الصبى فمات به والجواب إنه مشروط بالسلامة والجزاء يجب على المحرم سواء كان إحرامه للحج أو للعمرة وسواء كان الحج تمتعا أو قرانا أو إفرادا وسواء كانا واجبين أو مندوبين صحيحين أو عرض لهما الفساد للعمومات ولا نعرف فيه خلافا وإذا قتل المحرم صيدا مملوكا لغيره لزمه الجزاء لله تعالى والقيمة لمالكه وبه قال الشافعي وأبو حنيفة للعموم وقال مالك لا يجب الجزاء بقتل المملوك وإذا كان الصيد في الحرم وتجرد عن الاحرام ضمن ولو كان محرما تضاعف الجزاء وقال الشافعي صيد الحرم مثل صيد الاحرام يتخير فيه بين ثلاثة أشياء المثل والاطعام والصوم وفيما لا مثل له يتخير بين الصيام والطعام وقال أبو حنيفة لا مدخل للصوم في ضمان صيد الحرم مسألة الصيد إذا كان مثليا تخير القاتل بين أن يخرج مثله من النعم وبين أن يقوم المثل دراهم ويشترى به طعاما ويتصدق به على المساكين وبين أن يصوم عن كل مدين يوما ولو لم يكن له مثل تخير بين أن يقوم الصيد ويشترى بثمنه طعاما ويتصدق به أو يصوم عن كل مدين يوما قال الشيخ ولا يجوز إخراج القيمة بحال ووافقنا الشافعي في ذلك كله ومالك إلا أن مالكا قال يقوم الصيد وعندنا يقوم المثل وقال بعض أصحابنا إنها على الترتيب وقال أبو حنيفة الصيد مضمون بالقيمة سواء كان له مثل من النعم أو لا إلا أنه إذا قومه تخير بين أن يشترى بالقيمة من النعم ويخرجه وبين أن يكون يشترى بالقيمة طعاما ويتصدق به وبين أن يصوم عن كل مد يوما إلا أنه إذا اشترى النعم لم يجزئه إلا ما يجوز في الضحايا وهو الجذع من الضمان والثني من كل شئ وقال أبو يوسف يجوز أن يشترى بالقيمة شئ من النعم ما لا يجوز في الضحايا وما يجوز وإذا اختار المثل أو قلنا
(٣٥١)