بنى عليه ثم إن استمر الاشتباه أجزأه إجماعا إلا من الحسن بن صالح بن حي لأنه ادعى فرضه باجتهاده فأجزأه كما لو ضاق الوقت واشتبهت القبلة ان لم يستمر فان اتفق وقوع الصوم في رمضان أجزأه إجماعا إلا من الحسن بن صالح بن حي فإنه قال لا يجزئه وهو غلط لأنه أدي العبادة باجتهاده فإذا وافق الإصابة أجزأه كالقبلة إذا اشتبهت عليه ولأنه مكلف بالصوم إجماعا والعلم غير ممكن متعين الظن احتج بأنه صامه على الشك فلا يجزيه كما إذا صام يوم الشك ثم بان انه من رمضان والفرق يوم الشك لم يضع الشارع الاجتهاد طريقا إليه وان وافق صومه بعد رمضان أجزأه أيضا عند عامة العلماء إلا الحسن بن صالح بن حي فإنه قال لا يجزئه وليس بجيد لأنه أدي العبادة في أحد وقتيها أعني وقت القضاء فأجزأه كما لو فعلها في الوقت الآخر وهو وقت الأداء وكما لو دخل الوقت وهو متلبس بالصلاة ولان عبد الرحمن بن أبي عبد الله سأل الصادق عليه السلام الرجل أسرته الروم ولم يصم شهر رمضان ولم يدر أي شهر هو قال يصوم شهرا يتوخاه ويحسب فإن كان الشهر الذي صامه قبل رمضان لم يجزئه وإن كان بعده أجزأه وان وافق صومه قبل رمضان لم يجزئه عند علمائنا وبه قال أبو ثور ومالك واحمد والشافعي في أحد القولين لأنه فعل العبادة قبل وقتها فلا يقع أداء ولا قضاء فلم يجزئه كالصلاة يوم الغيم ولرواية عبد الرحمن وقد تقدمت والثاني للشافعي الأجزاء لأنه فعل العبادة قبل وقتها مع الاشتباه فاجزأه كما لو اشتبه يوم عرفة فوقف قبله ونمنع حكم الأصل مسألة لو لم يغلب على ظن الأسير شهر رمضان لزمه ان يتوخى شهرا ويصومه ويتخير فيه وبه قال بعض الشافعية لأنه مكلف بالصوم وقد فقد العلم بتعيين الوقت فسقط عنه التعيين ووجب عليه الصوم في شهر يتوخاه كما لو فاته الشهر مع علمه ولم يصمه فإنه يسقط عنه التعيين ويتوخى شهرا يصومه للقضاء وكما لو اشتبهت القبلة وضاق الوقت ولرواية عبد الرحمن وقال بعض الشافعية لا يلزمه ذلك لأنه لم يعلم دخول شهر رمضان ولا ظنه فلا يلزمه الصيام كما لو شك في دخول وقت الصلاة فإنه لا يلزمه الصلاة والفرق ظاهر لتمكنه من العلم بوقت الصلاة بالصبر ولو وافق بعضه الشهر دون بعض صح ما وافق الشهر وما بعده دون ما قبله ولو وافق صومه شوال لم يصح صومه يوم العيد وقضاه وكذا ذو الحجة وإذا توخى شهرا فالأولى وجوب التتابع فيه وإن كان له أن يصوم قبله وبعده وإذا وافق صومه بعد الشهر فالمعتبر صوم أيام بعدة ما فاته سواء وافق بين هلالين أم لا وسواء كان الشهران تامين أو أحدهما أو ناقصين نعم لو كان رمضان تاما فتوخى شهرا ناقصا وجب عليه إكمال يوم وقال بعض الشافعية إذا وافق شهرا بين هلالين (أجزأه مطلقا وإن لم يوافق لزمه صوم ثلاثين) وإن كان رمضان ناقصا لأنه لو نذر صيام شهر أجزأه عدة بين هلالين وإن كان ناقصا وهو خطا لأنه يلزم قضاء ما ترك والاعتبار بالأيام لقوله تعالى فعدة من أيام أخر والاجزاء في النذر لان اسم الشهر يتناوله إما هنا فالواجب عدد ما فات من الأيام ولو صام شوالا وكان ناقصا ورمضان ناقص أيضا لزم يوم عوض العيد وقال بعض الشافعية يلزمه يومان وليس بجيد وإذا صام على سبيل التخمين من غير أمارة لم يجب القضاء إلا أن يوافق قبل رمضان ولو صام تطوعا فبأن انه رمضان فالأقرب الأجزاء وبه قال أبو حنيفة لان نية التعيين ليست شرطا وكما لو صام يوم الشك بنية التطوع وثبت انه من رمضان وقال الشافعي لا يجزئه وبه قال احمد مسألة وقت وجوب الامساك هو طلوع الفجر الثاني باجماع العلماء قال الله تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ويجوز له الأكل والشرب إلى أن يطلع الفجر وأما الجماع فيجوز إلى أن يبقى للطلوع مقدار الغسل ويجب الاستمرار على الامساك إلى غروب الشمس الذي تجب به صلاة المغرب ولو اشتبه عليه الغيبوبة وجب عليه الامساك ويستظهر حتى يتيقن للأصالة (البقاء) ويستحب له تقديم الصلاة على الافطار إلا أن يكون هناك من ينتظر (الافطار فيقدم) الافطار معهم على الصلاة سئل الصادق عليه السلام عن الافطار قبل الصلاة أو بعدها قال إن كن معه قوم يخشى ان يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم وإن كان غير ذلك فليصل وليفطر البحث الثاني في شرائطه وهي قسمان الأول شرائط الوجوب مسألة يشترط في وجوب الصوم البلوغ وكمال العقل فلا يجب على الصبى ولا المجنون ولا المغمى عليه إجماعا إلا في رواية عن أحمد انه يجب على الصبي الصوم إذا أطاقه وبه قال عطا والحسن وابن سيرين والزهري وقتادة والشافعي وقال الأوزاعي إذا أطاق صوم ثلاثة أيام متتابعات لا يخور منهن ولا يضعف حل صوم رمضان وقد تقدم بطلانه فلو بلغ الصبي قبل الفجر وجب عليه الصوم إجماعا ولو كان بعد الفجر لم يجب واستحب له الامساك سواء كان مفطرا أو صائما بلغ بغير المفطر ولا يجب عليه القضاء لقوله عليه السلام رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النايم حتى ينتبه وقال يجب عليه الامساك ولا يجب عليه القضاء لان نية صوم رمضان حصلت ليلا فيجزئه كالبالغ ولا يمتنع ان يكون أول الصوم نفلا وباقيه فرضا كما لو صام شرع في صوم يوم تطوعا ثم نظر اتمامه وقال بعض الحنابلة يلزمه القضاء لأنه عبادة بدنية بلغ في أثنائها بعد مضى بعض أركانها فلزمه اعادتها كالصلاة والحج إذا بلغ بعد الوقوف وهذا لأنه ببلوغه يلزمه صوم جميعه والماضي قبل بلوغه نفل فلم يجز عن الفرض ولهذا لو نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم والناذر صايم لزمه القضاء وأما ما مضى من الشهر قبل بلوغه فلا قضاء عليه وسواء كان قد صامه أو أفطره في قول عامة أهل العلم وقال الأوزاعي يقضيه إن كان أفطره وهو مطيق لصيامه وهو غلط لأنه زمن مضى في حال صباه فلم يلزمه قضاء الصوم فيه كما لو بلغ بعد انسلاخ رمضان وان بلغ الصبي وهو مفطر لم يلزمه امساك ذلك اليوم ولا قضاؤه وعن أحمد روايتان في وجوب الامساك والقضاء وقال للشافعي إن كان أفطر استحب له الامساك وفي القضاء قولان وإن كان صايما فوجهان أحدهما يتمه استحبابا ويقضيه وجوبا لفوات نية التعيين والثاني يتمه وجوبا ويقضيه استحبابا مسألة العقل شرط في الصوم فلا يجب على المجنون بالاجماع وللحديث ولو أفاق في أثناء الشهر وجب عليه صيام ما بقى إجماعا ولا يجب عليه قضاء ما فات حال جنونه وبه قال أبو ثور والشافعي في الجديد واحمد لأنه معنى يزيل التكليف فلم يجب القضاء في زمانه كالصغر وقال مالك والشافعي في القديم واحمد في رواية يجب قضاء ما فات وان مضى عليه سنون لأنه معنى يزيل العقل فلم يمنع وجوب الصوم كالاغماء والأصل ممنوع وقال أبو حنيفة ان جن جميع الشهر فلا قضاء عليه وان أفاق في أثنائه قضى ما مضى ولو تجدد الجنون في أثناء النهار بطل صوم ذلك اليوم ولو أفاق قبل طلوع الفجر وجب عليه صيامه إجماعا وإن أفاق في أثنائه أمسك بقية النهار استحبابا لا وجوبا وحكم المعنى عليه حكم المجنون مسألة الاسلام شرط في صحة الصوم لا في وجوبه ولو أسلم في أثناء الشهر وجب عليه صيام الباقي دون الماضي وبه قال الشعبي وقتادة ومالك والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي لقوله عليه السلام الاسلام يجب ما قبله وقال عطا (وعن الحسن كالمذهبين) قضاؤه وهو غلط إلا أن يكون مرتدا فيجب عليه القضاء إجماعا واليوم الذي يسلم فيه إن كان اسلامه قبل طلوع فجره وجب عليه صيامه وإن كان بعده أمسك استحبابا لان عيص بن القاسم روى في الصحيح انه سأل الصادق عليه السلام عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيام هل عليهم ان يقضوا ما مضى ويومهم الذي أسلموا فيه (قال ليس عليهم قضاء ولا يومهم الذي أسلموا فيه) إلا أن يكونوا أسلموا فيه قبل طلوع الفجر وقال احمد يجب عليه امساكه وبه قال إسحاق لأنه أدرك جزءا من وقت العبادة فلزمته كما لو أدرك جزءا من وقت الصلاة والأصل ممنوع ووافقنا وأبو ثور وابن المنذر ولو طرئ الكفر في اخر النهار بطل الصوم مسألة السلامة من المرض شرط في الصحة فلو كان المريض يتضرر بالصوم
(٢٧٢)