أربابها لان النبي صلى الله عليه وآله كان يبعثهم في كل عام فيجب اتباعه ولان تحصيل الزكاة غالبا إنما يتم به وتحصيل الزكاة واجب فيجب ما لا يتم إلا به إذا ثبت هذا فينبغي للامام أن يوصيه كما وصى أمير المؤمنين (ع) عامله قال الصادق (ع) بعث أمير المؤمنين (ع) مصدقا من الكوفة إلى باديتها فقال له يا عبد الله انطلق وعليك بتقوى الله وحده لا شريك له ولا تؤثرون دنياك على اخرتك وكن حافظا لمن ائتمنك عليه راعيا لحق الله فيه حق تأتى نادى بنى فلان فإذا قدمت فأنزل بمائهم من غير أن نخالط أبياتهم ثم امض إليهم بسكينة ووقار حتى تقوم بينهم فسلم عليهم وقل يا عباد الله أرسلني إليكم ولى الله لآخذ منكم حق الله في أموالكم فهل لله في أموالكم حق فتؤدوه إلى وليه فإن قال لك قائل لا فلا تراجعه فإن أنعم إليك منعم منهم فانطلق معه من غير أن تحيفه أو تعده إلا خيرا فإذا أتيت ماله فلا تدخله إلا بإذنه فإن أكثره له فقل له يا عبد الله أتأذن لي في دخلوا مالك فإن أذن لك فلا تدخل دخول متسلط عليه ولا عنف به فاصدع المال صدعين ثم خيره أي الصدعين شاء فأيهما اختار فلا تعرض له ثم اصدع الباقي صدعين ثم خيره فأيهما اختار فلا تعرض له فلا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله عز وجل في ماله فإذا بقى ذلك فاقبض حق الله منه فان استقالك فأقله ثم اخلطهما واصنع مثل الذي صنعت أولا حتى تأخذ حق الله في ماله فإذا قبضته فلا توكل به إلا ناصحا شفيعا أمينا حفيظا غير معنف لشئ منها ثم احدر ما اجتمع عندك من كل ناد إلينا نصيره حيث أمر الله عز وجل فإذا انحدر بها رسولك فأوعر إليه أن لا يحول بين ناقة وبين فصيلها ولا يفرق بينهما ولا يصرن لبنها فيضر ذلك بفصيلها ولا يجهد بها ركوبا وليعدل بينهن في ذلك وليوردهن كل ماء يمر به ولا يعدل بهن عن نبت الأرض إلى جواز الطرق في الساعة التي فيها يربح ويعنق وليرفق بهن جهده حتى تأتينا بإذن الله سجاحا سمانا غير متعبات ولا مجهدات فنقسم بهن بإذن الله على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وعلى أولياء الله فان ذلك أعظم لاجرك وأقرب لرشدك ينظر الله إليها واليك والى جهدك ونصحك لمن بعثك وبعث في حاجته فإن رسول الله (ص) قال ما ينظر الله عز وجل إلى ولي له يجهد نفسه بالطاعة والنصيحة لامامه إلا كان معنا في الرفيق الاعلى ثم بكى الصادق (ع) وقال لبريد بن معوية يا بريد والله ما بقيت لله حرمة إلا انتهكت ولا عمل بكتاب الله ولا بسنة نبيه صلى الله عليه وآله في هذا العالم ولا أقيم في هذا الخلق حد منذ قبض الله أمير المؤمنين (ع) ولا عمل لشئ من الحق إلى يوم الناس هذا ثم قال أما والله لا تذهب الأيام والليالي حتى يحيى الله الموتى ويميت الاحياء ويرد الحق إلى أهله ويقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه ونبيه صلى الله عليه وآله فابشروا ثم أبشروا والله ما الحق إلا في أيديكم مسألة إذا تولى الرجل اخراج الزكاة بنفسه سقط حق العامل منها لأنه إنما يأخذ بالعمل وكذا لو تولى الامام أو الوالي من قبله قسمتها لم يستحق شياء لأنه يأخذ رزقه من بيت المال لأنه يتولى أمور المسلمين وهذا من جملة المصالح أما الساعي فإن رأى الامام ان يجعل له أجرة من بيت المال لم يستحق شيئا من الصدقة وإن لم يجعل له شيئا كان له نصيب من الزكاة ويتخير الامام بين أن يستأجره لمدة معلومة أو يعقد له جعالة فإذا عمل ما شرط عليه فإن كان اجره مثله أقل كان الفاضل من الثمن من الصدقة مردودا على أهل السهمان وإن كان السهم أقل من اجرته جاز للامام ان يعطيه الباقي من بيت المال لأنه من المصالح وهو أحد قولي الشافعي ويجوز أن يعطيه من باقي الصدقة ويقسم الفاضل عن الجزية بين باقي المستحقين لان الفاضل لما رد عليهم كان الناقص عليهم وهو القول الثاني للشافعي وله ثالث تخيير الامام بينهما كما قلناه وله رابع انه يأخذ من سهم المصالح إذا لم يفضل عن أهل السهمان فضل وان فضل أخذ من الصدقة والوجه إنه لا يشترط تقدير الأجرة أو السهم لان له نصيبا بفرضه تعالى فلا يشترط في استعمال غيره ولقول الصادق (ع) وقد سأله الحلبي وما يعطى المصدق قال ما يرى الامام ولا يقدر له شئ مسألة والمؤلفة قلوبهم لهم نصيب من الزكاة بالنص والاجماع وهم الذين يستمالون إلى الجهات بالاسهام وإن كانوا كفارا وحكمهم باق عند علمائنا وبه قال الحسن البصري والزهري واحمد ونقله الجمهور عن الباقر (ع) الآية فإنه تعالى سمى المؤلفة في الأصناف الذين سمى الصدقة لهم وروى زياد بن الحرث الصيداوي قال أتيت النبي صلى الله عليه وآله فبايعته قال فأتاه رجل فقال اعطني من الصدقة فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو فجزاها ثمانية اجزاء فان كنت من ذلك الأجزاء أعطيتك حقك ومن طريق الخاصة رواية سماعة قال سألته عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها قال هي محلله للذين وصف الله في كتابه للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم الحديث وقال الشعبي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي انقطع سهم المؤلفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله لان الله تعالى أعز الاسلام وأغناه عن أن يتألف عليه رجال فلا يعطى مشرك تألفا بحال وروى هذا عن عمر وهو مدفوع بالآية وبعمل النبي صلى الله عليه وآله إلى أن مات ولا يجوز ترك الكتاب والسنة إلا بنسخ والنسخ لا يثبت بعد موته (ع) فلا يجوز ترك الكتاب والسنة بمجرد الآراء والتحكم ولا بقول صحابي على إنهم لا يعملون بقول الصحابي إذا عارض القياس فكيف إذا عارض الكتاب والسنة قال الزهري لا أعلم شياء نسخ حكم المؤلفة على أن ما ذكروه لا يعارض حكم الكتاب والسنة فإن الاستغناء عنهم لا يوجب دفع حكمه وإنما يمنع عطيتهم حال الغنى عنهم فإذا دعت الحاجة إلى اعطائهم أعطوا كما أن باقي الأصناف إذا عدم منهم صنف في زمان سقط حكمه في ذلك الزمان فإذا وجد عاد حكمه قال الشيخ يجوز للامام القايم مقام النبي صلى الله عليه وآله يتألف الكفار ويعطيهم سهمهم الذي سماه الله تعالى ولا يجوز لغير الإمام القائم مقامه (ع) ذلك وسهم المؤلفة مع سهم العامل ساقط اليوم مسألة قال الشيخ المؤلفة عندنا هم الكفار الذين يستمالون بشئ من الصدقات إلى الاسلام يتألفون ليستعان بهم على قتال المشركين ولا يعرف أصحابنا مؤلفة أهل الاسلام وقال المفيد (ره) المؤلفة ضربان مسلمون ومشركون وبه قال الشافعي وهو الأقوى عندي لوجود المقتضى وهو المصلحة الناشية من الاجماع والكثرة على القتال وقسم الشافعي المؤلفة قسمين مشركون ومسلمون فالمشركون ضربان أحدهما من له نية حسنة في الاسلام والمسلمين فيعطى من غير الصدقة بل من سهم المصالح لتقوى نيتهم في الاسلام فيميلون إليه فيسلمون لما روى أن صفوان بن أمية لما أعطاه النبي صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة خرج معه إلى هوازن واستعار النبي صلى الله عليه وآله ثلاثين درعا وكانت أول الحرب على المسلمين فقال قائل غلبت هوازن وقتل محمد صلى الله عليه وآله بفيك الحجر لرب من قريش أحب إلينا من رب من هوازن ولما اعطى النبي صلى الله عليه وآله العطايا قال صفوان مالي فأرمى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى وادى فيه ابل مجملة فقال هذا لك فقال صفوان هذا عطاء من لا يخشى الفقر الثاني مشركة لم يظهر منهم ميل إلى الاسلام ولا نية حسنة في المسلمين لكن يخاف منهم فإن أعطاهم كفوا شرهم وكف غيرهم معهم روى ابن عباس إن قوما كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وآله فإن أعطاهم مدحوا الاسلام وقالوا هذا دين حسن وإن منعهم ذموا وعابوا فهذان الضربان هل يعطون بعد موت النبي صلى الله عليه وآله قولان أحدهما يعطون لأنه (ع) أعطاهم ومعنى العطاء موجود والثاني لا يعطون لان مشركا جاء إلى عمر يلتمس المال فلم يعطه وقال من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ولأنه تعالى أظهر الاسلام و قمع المشركين فلا حاجة بنا إلى ذلك فان قلنا يعطون فإنهم يعطون من سهم المصالح لا من الزكاة لأنها لا تصرف إلى المشركين وهو ممنوع للآية وأما المؤلفة من المسلمين
(٢٣٢)