وأقامت على الاسلام رد المهر وإن لم تقم ردت هي وحدها وهو أحد قولي الشافعي لان إسلامها غير محكوم بصحته وإن قلنا بصحة اسلام الصبى فظاهر فلا يجب رد مهرها كالمجنونة إذا لم يعلم إسلامها حال إفاقتها أو حال جنونها فيحافظ على حرمة الكلمة والثاني للشافعي إنه يجب رد مهرها لان وصفها بالاسلام يمنع من ردها فوجب رد مهرها كالبالغة ثم فرق بينها وبين المجنونة بأن المنع في المجنونة للشك في إسلامها وفي الصغيرة لوصف الاسلام ونمنع ذلك فان وصف الاسلام لا يحكم به فيها وإنما منعناه منها للشك في ثباتها عليه بعد بلوغها فإذا بلغت فان ثبتت على الاسلام رددنا مهرها وإن وصفت الكفر رددناها. مسألة. لو قدمت أمة مسلمة إلى الامام صارت حرة لأنها قهرت مولاها على نفسها فزال ملكه عنها كما لو قهر عبد حربي سيده الحربي فإنه يصير حرا والهدنة إنها تمنع من في قبضة الامام من المسلمين وأهل الذمة فإن جاء سيدها يطلبها لم تدفع إليه لأنها صارت حرة ولأنها مسلمة ولا يجب أيضا رد قيمتها كالحرة في الأصل وهو أحد قولي الشافعي والثاني ترد قيمتها إليه لان الهدنة اقتضت رد أموالهم عليهم وهذه من أموالهم فعلى هذا ترد على السيد قيمتها لا ما اشتراها به فإن جاء زوجها يطلبها لم ترد عليه لما مضى وإن طلب مهرها فإن كان حرا رد عليه وإن كان عبدا لم يدفع إليه المهر حتى يحضر مولاه فيطالب به لان المال حق له ولو حضر السيد دون العبد لم يدفع إليه شئ لان المهر يجب للحيلولة بينها وبين الزوج فإذا حضر الزوج فطالب ثبت المهر للمولى فيعتبر حضورهما معا ولو أسلمت ثم فارقتهم قال بعض الشافعية لا تصير حرة لانهم في أمان منها فأموالهم محظورة علينا فلا يزول الملك عنها بالهجرة بخلاف ما إذا هاجرت ثم أسلمت فإن الهدنة لا توجب أمان بعضهم من بعض فجاز ان تملك نفسها بالقهر ولم يتعرض أكثرهم لهذا التفصيل و أطلق الحكم بالعتق وإن أسلمت ثم فارقتهم لان الهدنة جرت معنا ولم تجر معها. إذا عرفت هذا فنقول إن أوجبنا غرامة المهر والقيمة نظر فإن حضر الزوج و السيد معا أخذ كل واحد منهما حقه وإن جاء أحدهما دون الاخر احتمل إنا لا نغرم شيئا لان حق الرد مشترك بينهما ولم يتم الطلب وإنا نغرم حق الطالب لان كل واحد من الحقين يتميز عن الآخر وإنا نغرم للسيد أن تفرد بالطلب ولا نغرم للزوج والفرق إن حق اليد في الأمة المزوجة للسيد فإنه له أن يسافر بها وإذا لم ينفرد الزوج باليد لم يؤثر طلبه على الانفراد وللشافعية ثلاثة أقوال كالاحتمالات ولو كان زوج الأمة عبدا فلها خيار الفسخ إذا عقدت فإن فسخت النكاح لم يغرم المهر لان الحيلولة حصلت بالفسخ وإن لم يفسخ غرم المهر ولابد من حضور السيد والزوج معا وطلب الزوج المرأة والسيد المهر فإن إنفرد أحدهما لم يغرم لان البضع ليس ملك السيد والمهر غير مملوك للعبد . مسألة. لو قدمت مسلمة ثم ارتدت وجب عليها أن تتوب فإن تفعل حبست دائما وضربت أوقات الصلوات عندنا وقتلت عند العامة على ما سيأتي فإن جاء زوجها وطلبها لم ترد عليه لأنه حكم لها بالاسلام أولا ثم ارتدت فوجب حبسها ويرد عليه مهرها لأنه حلنا بينه وبينها بالحبس وعند العامة إن جاء قبل القتل رد عليه مهرها للحيلولة بينه وبينها بالقتل وإن جاء بعد قتلها لم يرد عليه شئ لأنا لم نحل بينه وبينها عند طلبه لها ولو ماتت مسلمة قبل الطلب فلا غرم لأنه لا منع بعد الطلب وكذا لو مات الزو ج قبل طلبها لان الحيلولة حصلت بالموت لا الاسلام ولو مات أحدهما بعد المطالبة وجب رد المهر عليه لان الموت حصل بعد الحيلولة فإن كانت هي الميتة رد المهر عليه وإن كان هو الميت رد المهر على ورثته ولو قتلت قبل الطلب فلا غرم كما لو ماتت وإن قتلت بعده ثبت الغرم ثم قال الجويني إن الغرم على القاتل لأنه المانع بالقتل وفصل بعضهم بأنه إن قتلها على الاتصال بالطلب فالحكم ما ذكره وإن تأخر القتل فقد استقر الغرم علينا بالمنع فلا أثر للقتل بعده وفي الحالين لا حق للزوج فيها على القاتل من القصاص أو الدية لأنه لا يرثها ولو جرحها جارح قبل الطلب ثم طلبها الزوج وقد انتهت إلى حركة المذبوحين فهو كالطلب بعد الموت و إن بقيت فيها حياة مستقرة فالعزم على الجارح لان فواتها يستند إلى الجرح أو في بيت (المال صح) لحصول المنع من الحياة للشافعية وجهان أصحهما الثاني ولا يسقط الغرم و لو طلقها الزوج بعد قدومها مسلمة فإن كان باينا أو خلعا قبل المطالبة لم يجب رد المهر إليه لان الحيلولة منه بالطلاق لا بالاسلام فقد تركها باختياره وإن كان بعد المطالبة رد إليه لأنه قد استقر المهر له بالمطالبة والحيلولة وإن كان رجعيا لم تكن له المطالبة بالمهر لأنه أجراها إلى البينونة أما لو راجعها فإنه يرد عليه المهر مع المطالبة لان له الرجعة في الرجعي وإنما حال بينهما الاسلام ولو ملكها بشرط أن تطلق نفسها على الفور فكالطلاق الباين وقال بعض الشافعية إنه لو طلقها رجعيا استحق المهر بمجرد الطلب من غير رجعة لان الرجعة فاسدة فلا معنى لاشتراطها وهو ممنوع لتضمن الرجعة قصد الامساك وإن كانت رجعة الكافر للمسلمة باطلة. مسألة.
لو جاءت امرأة مسلمة ثم جاء زوجها وأسلم نظر فإن أسلم قبل انقضاء عدتها كان على النكاح لان امرأة مجوسية أسلمت قبل زوجها فقال علي (ع) أتسلم قال لا ففرق بينهما ثم قال إن أسلمت قبل انقضاء عدتها فهي امرأتك وإن انقضت عدتها قبل أن تسلم ثم أسلمت فأنت خاطب من الخطاب. إذا عرفت هذا فإن كان قد أخذ مهرها قبل إسلامه ثم أسلم في العدة ردت إليه ووجب عليه رد مهرها إليها لان استحقاقه للمهر إنما كان بسبب الحيلولة وقد زالت ولو أسلم بعد انقضاء عدتها لم يجمع بينهما وبانت منه ثم إن كان قد طالب بالمهر قبل انقضاء عدتها كان له المطالبة لان الحيلولة حصلت قبل إسلامه فإن لم يكن طالب قبل انقضاء العدة لم تكن له المطالبة بالمهر لأنه التزم حكم الاسلام (وليس من حكم الاسلام المطالبة بالمهر بعد البينونة ولو كانت غير مدخول بها وأسلمت ثم أسلم لم يكن له صح) المطالبة بمهرها (لأنه السلم صح) بعد البينونة وحكم الاسلام يمنع من وجوب المطالبة في هذه الحالة. مسألة. كل موضع يجب فيه الرد فإنه يجب رد أقل الأمرين من المسمى في العقد والمقبوض فإذا كان المقبوض أقل من المسمى لم تجب الزيادة على ما دفعه لقوله تعالى " وأتوهم ما انفقوا " وإن كان المقبوض أكثر كان الزايد هبة فلا يجب ردها فإن اختلفا في المقبوض كان القول قولها مع اليمين وعدم البينة قال الشيخ (ره) فإن أعطيناه المهر لما ذكرناه فقامت البينة بأن المقبوض كان أكثر كان له الرجوع بالفضل وفي هذا الاطلاق نظر فإنا لو دفعنا ما اعترفت به المرأة مع اليمين لم يكن له الرجوع بشئ تنبيهان الأول كل موضع حكمنا بوجوب رد المهر فإنه يكون من بيت مال المسلمين المعد للمصالح لان ذلك من مصالح المسلمين وللشافعية قولان أحدهما محل الغرم خمس الخمس المعد للمصالح والثاني إن كان للمرأة ما أخذ منها الثاني لو شرطنا في الصلح رد من جاء مطلقا لم يصح على ما تقدم فإذا بطل لم يرد من جاءنا منهم رجلا كان أو امرأة ولا يرد البدل عنها بحال لان البدل استحق بشرط وهو مفقود هنا كما لو جاءنا من غير هدنة. مسألة. لو قدم إلينا عبد فأسلم صار حرا فإن جاء سيده يطلبه لم يجب رده ولا رد ثمنه لأنه صار حرا بالاسلام ولا دليل على وجوب رد ثمنه وإذا عقد الامام الهدنة ثم مات وجب على من بعده من الأئمة العمل بموجب ما شرطه الأول إلى أن يخرج مدة الهدنة ولا نعلم فيه خلافا لأنه معصوم فعل مصلحة فوجب على القايم بعده تقريرها إلى وقت خروج مدتها وإذا نزل الامام على بلد وعقد معهم (صلحا صح) على أن يكون البلد لهم ويضرب على أرضهم خراجا يكون بقدر الجزية ويلتزمون أحكامنا ويجريها عليهم كان ذلك جايزا ويكون ذلك في الحقيقة جزية فإذا أسلم واحد منهم سقط عنه ما ضرب على أرضه من الصلح وصارت الأرض عشرية لان الاسلام يسقط الجزية ولو شرط (عليهم صح) أن يأخذ منهم العشر من زرعهم على أنه إن قصر ذلك عن أقل ما تقتضي المصلحة أن يكون جزية كان جايزا فإن غلب في ظنه إن العشر لا يفي بما يوجبه المصلحة من الجزية لا يجوز أن يعقد عليه وان أطلق ولا يغلب على ظنه الزيادة ولا النقصان قال الشيخ