يجب في هذه الحال فانصرف إليها وكونه غررا غلط ولو كان تعيين المكان غررا في العقد لكان تعليقه بزمان غررا إلا أن يكون موضعا لا يمكن فيه التسليم فإنه لا يجوز و يحتمل قويا إنه لا يشترط موضع التسليم وإن كان في جملة مؤنة فإن شرطاه تعين ولو اتفقا على التسليم في غيره جاز ومع الاطلاق ينصرف وجوب التسليم إلى موضع العقد ولو كانا في بلد غربة أو برية وقصدهما مفارقته قبل الحلول فالأقرب وجوب تعيين المكان. مسألة. يجوز أخذ الرهن على المسلم فيه وكذا الضامن ولا نعلم فيه خلافا قال الله " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين " إلى اخر الآية الثانية وروى العامة عن ابن عباس وابن عمر إنهما قالا لا بأس بالرهن والحميل ومن طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم الصحيحة عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن السلم في الحيوان وفي الطعام ويؤخذ الرهن قال نعم استوثق من مالك ما استطعت قال وسألته عن الرهن الكفيل في بيع النسية فقال لا بأس به ولأنه دين واجب مستقر في الذمة فجاز أخذ الرهن والضمين به كالثمن. مسألة. لا يجوز السلف في ثوب يشترط أن يكون من غزل امرأة بعينها أو نسج شخص بعينه ولا في الثمرة بشرط أن تكون من نخلة معينة أو بستان بعينه أو في زرع بشرط أن يكون من أرض معينة أو قرية صغيرة وبه قال الشافعي لتطرق الموت إلى تلك المرأة أو النساج المعين أو تعذر غزلها ونسجه وقد يصيب تلك النخلة أو البستان الجايحة فتنقطع الثمرة وكذا الغلة فقد يصيب تلك الأرض المعينة أو القرية الصغيرة آفة لا يخرج الزرع تلك السنة فأذن في التعيين غرر لا ضرورة إلى إحتماله ولان التعيين ينافي المدينية من حيث إنه يصير محال التسليم (التحصيل) والمسلم فيه ينبغي أن يكون دينا مرسلا في المدينية ليستيسر أداؤه أما لو أسلم في ثمرة ناحية أو قرية كبيرة فإن أفاد أمرا زايدا كمعقلي البصرة ومعقلي بغداد فإنهما صف واحد لكن ذكر كل واحد منهما يمتاز عن الآخر.
بصفات وخواص فالإضافة إليها تفيد فايدة الأوصاف ويكون الشرط لازما وإن لم يفد أمرا زايدا احتمل عدم الالتفات إليه كتعيين المكيال لخلوه عن الفائدة و الصحة لأنه لا ينقطع غالبا ولا يتضيق به المحال وكلاهما للشافعية وأصحهما عندهم الثاني وهو الأقوى عندي إذا تقرر هذا فإذا نسب القلة إلى قرية عظيمة ببعد الحيلولة فيها فاتفق كان بحكم انقطاع المسلم فيه يتخير المشترى بين الصبر والفسخ وفي رواية زرارة الصحيحة عن الباقر (ع) قال سألته عن رجل اشترى طعام قرية بعينها فقال لا بأس إن خرج فهو له وإن لم يخرج كان دينا عليه. مسألة. قد بينا إنه يجب اشتراط الجودة والرداءة في كل ما يسلم فيه لان القيمة والاغراض تختلف بهما وهو أحد قولي الشافعية والقول الثاني لا يحتاج إليه ويحمل المطلق على الجيد وهو محتمل عندي وعلى كل تقدير إذا اشترطت الجودة أو قلنا ينزل عليها المطلق ينزل على أقل مراتب الدرجات كغيرها من الصفات فإذا شرط الكتابة كفى أقل درجاتها وكذا الخياطة وشبهها لان المراتب لا نهاية لها فاكتفى بأقل المراتب لأصالة البراءة عما زاد ولو شرط الرداءة وجاز ويكتفى فيها (بأي) كان من أنواعها وقال كثير من الشافعية إن شرطا رداءة النوع جاز لانضباطه وإن شرطا رداءة العين أو الصفة لم يجز لأنها لا تنضبط وما من ردئ إلا وهناك خير منه وإن كان رديا فيفضى إلى النزاع واعلم أن نوع المسلم فيه لابد من التعرض له فإن لم ينص عن النوع وتعرض للردى تعريفا للنوع قالت الشافعية فذلك محتمل لا محالة وإن نص على النوع فذكر الرداءة حشو وأما رداءة الصفة فقال كثير منهم بجواز اشتراطه لانهم ذكروها في مقابلة الجودة ولا شك انهم لم يريدوا بها جودة النوع. مسألة الصفات المشترطة إن كانت مشهورة عند الناس فلا بحث وإن لم تكن مشهورة إما لغرابة الألفاظ المستعملة فيها أو لغيرها فلابد من معرفة المتعاقدين بها وإن جهلاها أو أحدهما لم يصح العقد وهل يكفي معرفتهما إشكال ينشأ من أنه لابد من أن يعرفها غيرها ليرجعا إليه عند التنازع ومن أنه عقد على معلوم عند المتعاقدين فكان جايزا كالمقدار وإن جهله غيرهما فإن شرطنا معرفة الغير اكتفى بمعرفة عدلين ولا يفتقر إلى الاستفاضة وللشافعية قولان الاكتفاء بالعدلين واشتراط الاستفاضة وكذا يجرى الوجهان فيما إذا لم يعرف المكيال المذكور إلا عدلان. مسألة. إذا دفع البايع من غير الجنس كما إذا باع تمرا فدفع زبيبا أو أسلم في ثوب كتان فدفع ثوب قطن لم يجب على المشترى قبوله إجماعا لأنه غير ما شرطه فإن تراضيا عليه جاز للأصل ولقوله (ع) الصلح جايز بين المسلمين إلا ما حرم حلالا وحلل حراما وقال الشافعي لا يجوز لأنه اعتياض وذلك غير جايز في السلم وهو مصادرة على المطلوب ويؤيده ما رواه العيص بن القاسم في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل أسلف رجلا دراهم بحنطة حتى إذا حضر الاجل لم يكن عنده طعام ووجد عنده دواب أو رقيقا أو متاعا يحل له أن يأخذ من عروضه تلك بطعامه قال نعم يسمى كذا وكذا بكذا وكذا صاعا أما إن دفع من الجنس لكنه أجود مما شرط وجب قبوله ولم يكن حراما لما رواه سليمان بن خالد سأل الصادق (ع) عن رجل يسلم في وصف أسنان معلوم ولون معلوم ثم يعطى فوق شرطه فقال إذا كان على طيبة نفس منك ومنه فلا بأس به ولو كان أكثر لم يجب القبول لما فيه من المنة ولو جاء بالثوب المسلم فيه أجود مما شرط فأعطاه عوض الجودة شيئا جاز وبه قال أبو حنيفة لأنه أخذ عوضا عن الزيادة فأشبه ما لو أسلم في عشرة أذرع فجاءه بأحد عشر ذراعا ولأنها معاوضة على شئ سايغ بشئ مملوك فكان جايزا كغيرها (من المعاوضات صح) وقال الشافعي لا يجوز لان الجودة صفة فلا يجوز افرادها بالعقد كما لو كان مكيلا أو موزونا بخلاف الذرع لأنه عين وليس بصفة ويمنع من جواز افرادها والأصل فيه إن هذا نوع من الصلح وليس بيعا حقيقيا فلم يكن به بأس وإن دفع أدون في الوصف مما عليه لم يجب قبوله لكن لو رضي به جاز لأنه نوع إسقاط لما وجب له ولما رواه أبو بصير عن الصادق (ع) قال سألته عن السلم في الحيوان قال ليس به بأس قلت أرأيت إن أسلم في أسنان معلومة أو شئ معلوم من الرقيق فأعطاه دون شرطه وفوقه بطيب نفس منهم فقال لا بأس به وبه قال الشافعي ولو دفع عوضا عن الرداءة فالأقرب الجواز كما في طرف الجودة وأما إن جاء (بنوع صح) آخر كما إذا أسلم في الزبيب الأبيض فجاء بالأسود فالأقرب الجواز لأنه من جنسه والمخالفة في الوصف لا غير بشرط أن يتراضيا عليه وللشافعي قولان أحدهما المنع لأنه يكون اعتياضا وهو ممنوع وللشافعي في قبول الأجود في الوصف مع إتحاد الجنس قولان أحدهما المنع لما فيه من المنة وأصحهما الجواز كما قلناه لان إتيانه به يشعر بأنه لا يجد سبيلا إلى إبراء ذمته بغير ذلك وهو يهون أمر المنة ولو اختلف النوع كما لو أسلم في المعقلي فجاء بالبرني أو في الزبيب الأبيض فجاء بالأسود وفي الثوب الهروي فجاء بالمروى لم يجب على المسلم قبوله لاختلاف الأغراض باختلاف الأنواع وقال بعض الشافعية يجب القبول والحق الأول فإن قبله جاز وهو أحد قولي الشافعي كما لو اختلفت الصفة والثاني لا يجوز كما لو اختلف الجنس وامتناعه باطل عندنا وللشافعية اختلاف في أن التفاوت بين التركي والهندي من العبيد تفاوت جنس أو تفاوت نوع والصحيح عندهم الثاني ومن أن التفاوت بين الرطب والتمر وبين ما يسقى بماء السماء وما يسقى بغيره تفاوت نوع أو صفة والأشبه الأول تذنيب لو دفع الارداء أزيد من الحق فإن لم يكن ربويا جاز وإن كان ربويا وكانت المعاوضة على سبيل البيع لم يجز لأنه ربا وإن لم يكن على سبيل البيع فالأقرب عندي الجواز مسألة. للمشترى سلما أخذ الحنطة خالية من التبن وغيره من الزايد على العادة من التراب وأخذ التمر جافا ولا يجب تناهى جفافه لأنا قد بينا إن الواجب أقل ما يطلق عليه الاسم ويجب تسليم الرطب صحيحا غير مشدخ ولا يجوز قبض المكيل والموزون جزافا فإن تراضيا به فالأقوى عندي الجواز وللمشتري ملء المكيال وما يحتمله ولا يكون ممسوحا ولا يدقه ولا يهزه ولا يزلزل المكيال ولا يوضع الكف على جوانبه وليس له قبض المكيل بالوزن ولا بالعكس إلا بالتراضي. مسألة. ليس للمشترى المطالبة بالمسلم فيه قبل المحل إجماعا وإلا لبطل فايدة التأجيل ولو أدى المسلم إليه قبل المحل لم يجب على المشترى قبوله سواء كان له في الامتناع غرض كما إذا كان وقت تهب أو كان المسلم فيه حيوانا يحذر