لهما أيضا دخول مكة والمقام بها على إحرامها حتى يخرجا إلى عرفات فإن أراد الطواف بالبيت استحبابا غير أنهما يجددان التلبية عقيب كل طواف وسعى حتى يخرجا إلى عرفات وقد بينا أن كل من دخل مكة يجب أن يكون محرما إلا المتكرر كالحطاب والمرضى والرعاة والمقاتل شرعا والعبد لان السيد لم يأذن له بالتشاغل عن خدمته ومن يجب عليه دخول مكة بإحرام لو دخلها بغير إحرام لم يجب عليه القضاء وبه قال الشافعي لأصالة البراءة وقال أبو حنيفة عليه ان يأتي بحجة أو عمرة فإن فعل في سنته لحجة الاسلام أو منذورة أو عمرة منذورة أجزأه ذلك عن عمرة الدخول استحبابا وإن لم يحج من سنته استقر القضاء مسألة الحايض والنفساء لها الاغتسال لدخول مكة لان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر عايشة لما حاضت افعلى ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ويجوز دخول مكة ليلا ونهارا إجماعا للأصل وحكى عن عطا إنه كره دخولها ليلا وقال إسحاق دخولها نهارا أولى وحكى ذلك عن النخعي والأصل انه عليه السلام دخلها تارة ليلا وتارة نهارا مسألة إذا أراد دخول المسجد الحرام استحب له أن يغتسل لما تقدم وأن يدخله على سكينة ووقار حافيا بخشوع و خضوع من باب بنى شيبه لان هبل الصنم مدفون تحت عتبه باب بنى شيبه فاستحب الدخول منها ليطأه الداخل برجله ويدعو بالمنقول الفصل الثالث في الطواف وفيه مباحث الأول في مقدماته مسألة الطهارة شرط في الطواف الواجب فلا يصح طواف المحدث عند علمائنا وبه قال مالك والشافعي لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله قال الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام في الصحيح لا بأس أن تقضى المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف بالبيت والوضوء أفضل ولو شرع في الطواف الواجب على غير طهارة فذكر إعادة لان زرارة سأل الباقر عليه السلام عن الرجل يطوف بغير وضوء أيعتد بذلك الطواف قال لا وهو يتناول العامد والساهي ولو ذكر في الأثناء إنه محدث أعاد الطواف من أوله لان علي بن جعفر سأل الصادق عليه السلام في الصحيح عن رجل طاف بالبيت وهو جنب فذكر وهو في الطواف فقال يقطع طوافه ولا يعتد به وقال أبو حنيفة ليست الطهارة شرطا واختلف أصحابه فقال بعضهم بالأول وبعضهم بالثاني وعن أحمد روايتان إحديهما كقولنا والثاني إن الطهارة ليست شرطا فمتى طاف للزيارة غير متطهر أعاد ما دام مقيما بمكة فإن خرج إلى بلده جبره بدم مسألة لا يشترط الطهارة في طواف النافلة وإن كانت أفضل لقول الصادق عليه السلام في رجل طاف على غير وضوء إن كان تطوعا فليتوضأ وليصل وسأل عبيد بن زرارة الصادق عليه السلام إني أطوف طواف النافلة وإني على غير وضوء فقال توضأ وصل وإن كان متعمدا مسألة يشترط خلو البدن والثوب من النجاسة في صحة الطواف سواء كانت النجاسة دما أو غيره قلت أو كثرت لقوله عليه السلام الطواف بالبيت صلاة ولأنها شرط في الصلاة فتكون شرطا في الطواف والخلاف فيه كما تقدم لقوله عليه السلام الطواف بالبيت صلاة ولأنها شرط في الصلاة فتكون شرطا في الطواف والخلاف فيه كما تقدم لقوله عليه السلام الطواف بالبيت صلاة وقوله عليه السلام لا يحج بعد العام مشرك ولا عريان ولأنها عبادة متعلقة بالبدن فكانت الستارة شرطا فيها كالصلاة والختان شرط في الطواف للرجل مع القدرة دون المرأة لقول الصادق عليه السلام في الصحيح الأغلف لا يطوف بالبيت ولا بأس أن تطوف المرأة مسألة يستحب أن يغتسل لدخول المسجد ويدخل من باب بنى شيبة بعد أن يقف عندها لان النبي صلى الله عليه وآله دخل منها ويسلم على النبي صلى الله عليه وآله ويدعو بالمأثور ويكون دخوله بخضوع وخشوع وعليه سكينة ووقار يقول إذا نظر إلى الكعبة الحمد لله الذي عظمك وشرفك وكرمك وجعلك كتابة للناس وأمنا مباركا وهدى للعالمين البحث الثاني في كيفية الطواف مسألة يجب في الطواف النية وهي شرط لقوله عليه السلام لا عمل إلا بالنية وهو أن ينوى الطواف للحج أو العمرة واجبا أو ندبا قربة إلى الله تعالى ويجب أن يبتدئ في الطواف من الحجر الأسود الذي في الركن العراقي فإن البيت له أربعة أركان ركنان يمانيان وركنان شاميان وكان لاصقا بالأرض وله بابين شرقي وغربي فهدمه السيل قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وآله بعشر سنين وأعادت قريش عمارته على الهيئة التي هو عليها اليوم وقصرت الأموال الطيبة والهدايا والنذور عن عمارته فتركوا من جانب الحجر بعض البيت روت عايشة إن النبي صلى الله عليه وآله قال ستة أذرع من الحجر من البيت فتركوا بعض البيت من جانب الحجر خارجا لان النفقة كانت تضيق عن العمارة وخلفوا الركنين الشاميين عن قواعد إبراهيم عليه السلام وضيقوا عرض الجدار من الركن الأسود إلى الشامي الذي يليه فبقى الأساس من شبه الدكان مرتفعا وهو الذي يسمى بالشاذروان روى إن النبي صلى الله عليه وآله قال لعائشة لولا حدثان قومك بالشرك لهدمت البيت وبنيته على قواعد إبراهيم عليه السلام فألصقته بالأرض وجعلت له بابين شرقيا وغربيا ثم هدمه ابن الزبير أيام ولايته وبناه على قواعد إبراهيم عليه السلام كما تمناه رسول الله صلى الله عليه وآله ثم لما استولى الحجاج هدمه وأعاده على الصورة التي عليه اليوم وهي بناء قريش والركن الأسود في صوب الشرق والأسود هو أحد الركنين اليمانيين والباب بينه وبين أحد الشاميين وهو الذي يسمى عراقيا أيضا والباب إلى الأسود أقرب منه إليه ويليه الركن الاخر الشامي والحجر بينهما والميزاب بينهما ويلي هذا الركن اليماني الآخر الذي عن يمين الأسود مسألة ويجوز أن يحاذي بجميع بدنه الحجر الأسود في بروزه حين الابتداء به في الطواف فلو ابتدأ الطايف من غير الحجر الأسود لم يعتد بما فعله حتى ينتهى إلى الحجر الأسود فيكون منه ابتداء طواف أن جدد النية عنده أو استصحبها فعلا ولو نسيها واستمر على نية الأولى لم يعتد بذلك الشوط الثاني وإلا بطل طوافه وينبغي أن يمر عند الابتداء بجميع بدنه على الحجر الأسود بأن لا يقدم جزءا من الحجر فلو حاذاه ببعض البدن لم يعتد بذلك الطواف وهو الجديد للشافعي وقال في القديم يعتد به لما رواه العامة عن جابر إن النبي صلى الله عليه وآله بداء بالحجر فاستلمه وفاضت عيناه من البكاء ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام في الصحيح من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود والامر للوجوب لا نعلم فيه خلافا مسألة وكما يجب الابتداء بالحجر الأسود يجب الختم به هكذا سبعة أشواط فلو ترك ولو خطوة منها لم يجزئه ولا تحل له النساء حتى يعود إليها فيأتي بها لان رعاية العدد شرط في صحة الطواف عندنا وبه قال الشافعي ومالك واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله طاف بالبيت سبعا وقال عليه السلام خذوا عنى مناسككم ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قلت رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر قال يعيد ذلك الشوط ولأنها عبادة واجبة ذات عدد فلا يقوم أكثر عددها مقام كلها كالصورة ولأنه مأمور بعدد فلا يخرج عن العهدة ببعضه إذا الفايت لا بدل له مطلقا وقال أبو حنيفة إذا طاف أربعة أشواط فإن كان بمكة لزمه إتمام الطواف وإن خرج لزمه جبرها بدم لان ما فعل أكثرها وهو خطأ فإن جزء الشئ يقوم مقام الجميع فإن من أدرك ركوع الامام ركعة لأنه أدرك أكثرها وهو خطأ فإن الفائت هو القراءة والامام ينوب فيها بخلاف صورة النزاع مسألة ويجب أن يطوف على يساره بأن يجعل البيت عن يساره ويطوف على يمين نفسه فلو نكس وجعل البيت عن يمينه ومر على وجهه نحو الركن اليماني وطاف لم يجزئه ووجب عليه الإعادة عند علمائنا وبه قال الشافعي ومالك واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله ترك البيت في طوافه على جانبه اليسار وقال عليه السلام خذوا عنى مناسككم فيجب اتباعه وقال أبو حنيفة يعيد الطواف ما دام بمكة فإن فارقها أجزأه دم شاة لأنه اتى بالطواف وإنما ترك هيئة من هيئاته فلا يمنع إجزاؤه كما لو ترك الرمل والفرق ندبية الرمل مسألة ويجب أن يجعل البيت على جانبه الأيسر ويطوف كذلك الأشواط السبعة فلو استقبل البيت بوجهه وطاف معترضا لم يصح وهو أحد وجهي الشافعية لأنه لم يول الكعبة شقه الأيسر كما أن المصلى لما أمر بأن يولى الكعبة صدره ووجهه لم يجز له أن يوليها شقه والوجه الثاني للشافعية الجواز لحصول الطواف في يسار البيت وكذا يجرى الخلاف فيما لو لاقاها بشقه الأيمن ومر القهقرى نحو الباب أو استدبر ومر معترضا ومن صحح الطواف فالمعتبر عنده أن يكون تحرك الطايف ودورانه في يسار البيت مسألة ويجب أن يكون بجميع بدنه خارجا
(٣٦١)