(ع) ثم يقرأ سورة قصيرة من القرآن ولأنهما بدل فتجب فيهما القراءة كالمبدل وللشافعي في ايجاب مطلق القراءة في كل منهما قولان الوجوب كالمبدل وفى أيتهما كان وله ثالث عدم الوجوب وبه قال أبو حنيفة للأصل والمشهور الأول لان النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ فيهما القرآن وقال صفوان بن يعلى سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقرأ على المنبر ونادوا يا مالك وقالت أم هاشم تلقفت سورة من فم رسول الله صلى الله عليه وآله إذا خطب يوم الجمعة على المنبر إذا عرفت هذا فقال الشيخ يجب في كل خطبة حمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي (ع) والوعظ وقرائة سورة خفيفة من القرآن وقال المرتضى (رض) يحمد الله ويمجده ويبتنى عليه ويشهد لمحمد بالرسالة ويوشح الخطبة بالقرآن ثم يفتتح الثانية بالحمد والاستغفار والصلاة والدعاء لأئمة المسلمين وفى حديث سماعة عن الصادق (ع) ينبغي للامام الذي يخطب الناس ان يخطب وهو قائم يحمد الله ويثنى عليه ثم يوصى بتقوى الله ثم يقرأ سورة قصيرة من القرآن ثم يجلس ثم يقوم فيحمد الله ويثنى عليه ويصلى على محمد وآله وعلى أئمة المسلمين ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات فإذا فرغ أقام المؤذن وصلى بالناس ركعتين إما الشافعي فأوجب في كل منهما الحمد لله والصلاة على رسوله (ع) والوعظ بأي لفظ اتفق ويكفيه أطيعوا الله وفى الثانية الدعاء للمؤمنين فلو أتى به في الأولى لم يحتسب عن الثانية وقرائته تتم بها الفائدة لا غيرها كقوله تعالى ثم نظر في إحديهما لا بعينها على أقوى الوجوه عنده فروع - آ - كلام المرتضى يقتضى الاكتفاء بمسمى القرآن في الخطبة الأولى وهو أحد وجهي الشافعي - ب - لا يكفي آية فيها وعظ عنهما - ج - كلام الشيخ يقتضى عدم وجوب الدعاء للمؤمنين وهو أحد وجهي الشافعي وكلام المرتضى يقتضى الاستغفار للمؤمنين وأوجب الشافعي في قول الدعاء لهم في الثانية وقال بعض أصحابه يجب تخصيصه بالحاضرين فيما يتعلق بأمور الآخرة وكلام المرتضى يقتضى وجوب الشهادة بالرسالة في الأولى والصلاة عليه في الثانية وفى وجه للشافعي وجوب الصلاة عليه في إحديهما - د - لا يكفيه أن يأتي بآيات تشتمل على الاذكار فإنه لا يسمى خطبة في العادة ه لا تصح الخطبة إلا بالعربية لان النبي صلى الله عليه وآله داوم على ذلك وقال صلوا كما رأيتموني اصلى ويحتمل غيرها لمن يفهم أو لم يفهم العربية على الأقوى إذا القصد الوعظ والتخويف وانما يحصل لو فهموا كلامه مسألة يشترط في الخطبتين أمور الأول الوقت وهو ما بعد الزوال على الأشهر فلا يجوز تقديمهما ولا شئ منهما عليه عند أكثر علمائنا وبه قال الشافعي لان ايجاب السعي مشروط بالنداء الثابت بعد الزوال ولأنهما بدل عن الركعتين فلهما حكم مبدليهما وللشيخ قول بجواز ايقاعهما قبل الزوال عند وقوف الشمس بمقدار ما إذا فرغ زالت وبه قال مالك حيث جوز تقديم الخطبة دون الصلاة واحمد حيث جوز تقديم الصلاة أيضا عليه لان أنسا قال كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله الجمعة إذا مالت الشمس وهو دليل جواز ايقاع الخطبة قبل ميلها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) كان رسول الله (ص) يخطب في الظل الأول ويحتمل إرادة الابتداء بالتأهب للخطبة والصعود على المنبر وغيرها من مقدمات الخطبة الثاني تقديمها على الصلاة لأنهما شرط فيها والشرط مقدم ولان النبي صلى الله عليه وآله داوم على ذلك وقال صلوا كما رأيتموني اصلى ولقول الباقر (ع) وقد سئل عن خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الصلاة أو بعد قال قبل الصلاة ثم يصلى الثالث قيام الخطيب حال خطبتيه عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله خطب قائما فتجب متابعته ولقول الصادق (ع) أول من خطب وهو جالس معاوية استأذن الناس في ذلك من وجع كان بركبتيه ثم قال (ع) الخطبة وهو قائم خطبتان يجلس بينهما جلسة لا يتكلم فيها قدر ما يكون فصلا بين الخطبتين ولأنه ذكر مفروض في قيام مشروع فكان واجبا كالتكبير والقراءة وقال أبو حنيفة واحمد يجوز الجلوس مع الاختيار وهو رواية عن مالك ووجه للشافعية لأنه ذكر ليس من شرطه الاستقبال فلا يجب له القيام كالاذان ولا يعتبر القيام بالاستقبال لسقوطه في صلاة الخوف دون القيام فافترقا فروع - آ - لو كان له عذر يمنعه عن القيام جاز أن يخطب جالسا وهل تجب الاستنابة اشكال - ب - لو عجز عن القعود اضطجع وفى وجوب الاستنابة اشكال - ج - لو خطب جالسا مع القدرة بطلت صلاته لفوات شرط الخطبة وبه قال الشافعي واختاره الشيخ أيضا إما صلاة المأمومين فان علموا بقدرته وجلوسه بطلت صلاتهم أيضا وإن اعتقدوا عجزه أو لم يعلموا بقعوده أو بصحته صحت صلاتهم مطلقا وقال الشافعي إن كان الامام من جملة العدد لم تصح الجمعة وإن كان زايدا على العدد صحت صلاتهم كما لو كان جنبا ولا يعلمون والأصل ممنوع ولو علم البعض خاصة صحت صلاة الجاهل دونه - د - يجب في القيام الطمأنينة كما تجب في المبدل - ه - الجلوس بين الخطبتين مطمئنا ليفصل بينهما به وهو شرط في الخطبتين قاله الشيخ (ره) وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله فصل بينهما بجلسة وفعله واجب وقول الصادق (ع) يخطب وهو قائم ثم يجلس بينهما جلسة لا يتكلم فيها وقال أبو حنيفة ومالك واحمد لا تجب الجلسة بل يستحب عملا بالأصل وهو مدفوع بالطارئ ولو عجز عن القعود فصل بالسكتة فان قدر على الاضطجاع فاشكال أقربه الفصل بالسكتة أيضا ولو خطب جالسا لعجزه فصل بالسكتة أيضا مع احتمال الفصل بالضجعة - و - الطهارة من الحدث والخبث شرط في الخطبتين قاله الشيخ (ره) وهو قول الشافعي في الجديد لأنه (ع) كان يخطب متطهرا وكان يصلى عقيب الخطبة وقال صلوا كما رأيتموني اصلى ولأنه ذكر هو شرط في الصلاة فشرطت فيه الطهارة كالتكبير وقال في القديم لا يشترط وبه قال مالك وأبو حنيفة واحمد لأنه ذكر يتقدم الصلاة فلا يشترط فيه الطهارة كالاذان والفرق إنه ليس شرطا في الصلاة بخلاف الخطبة إذا عرفت هذا فان خطب في المسجد شرطت الطهارة من الخبث والحدث الأكبر إجماعا - ح - العدد قال الشيخ (ره) شرط الخطبتين العدد المشترط في الجمعة وبه قال الشافعي وأبو حنيفة في إحدى الروايتين لأنه ذكر شرط في الجمعة فكان من شرطه حضور العدد كالتكبير ولان وجوب الخطبة تابع لوجوب الجمعة التابع لحضور العدد وعن أبي حنيفة انه ليس بشرط فيجوز ان يخطب وحده لأنه ذكر متقدم فلا يشترط فيه العدد كالاذان والفرق اشتراط الخطبة دون الاذان ولأنه موضوع لاعلام الغياب فلا يشترط فيه الحضور والخطبة مشتقة من الخطاب وإنما يكون للحاضرين إذا ثبت هذا فإذا خطب والعدد حاضر ثم نفضوا في الأثناء فالمأتي به حال غيبتهم غير محسوب لان القصد بها الاسماع فان عادوا قبل طول الفصل جاز البناء على ما مضى حال سماعهم كما لو سلم ثم ذكر قبل طول الفصل وان طال فالأقرب البناء أيضا وهو أحد قولي الشافعي لان غرض الوعظ يحصل مع تفرق الكلمات وأصحهما عنده الاستيناف لان النبي (ع) كان يوالي وقد ظهر مما اخترناه عدم اشتراط الموالاة في الخطبة وللشافعي قولان أما لو اجتمع بدل الأولين العدد فلابد من استيناف الخطبة مطلقا وان انفضوا بعد تمام الخطبة وعادوا قبل طول الفصل بنيت الصلاة على الخطبة ولو عادوا بعد الطول فكذلك وللشافعي قولان فان أوجبنا الموالاة لم تجز الصلاة بتلك الخطبة بل تجب اعادتها والصلاة جمعة مع سعة الوقت وللشافعي عدمه في وجه ضعيف بل يصلى الظهر والعدد إنما هو شرط في واجبات الخطبة دون مستحباتها إجماعا ح ارتفاع الصوت بهما بحيث يسمعه العدد وهو أظهر وجهي الشافعي لان مقصود الوعظ لا يحصل إلا بالاسماع فلا يكفي ان يخطب سرا لمنافاة الغرض ولان النبي (ع) كان إذا خطب رفع صوته كأنه منذر جيش وعن أبي حنيفة عدم الوجوب وهو وجه للشافعي أيضا ولو رفع الصوت بقدر ما يبلغ ولكن كانوا أو بعضهم صما فالأقرب الأجزاء ولا يجهد نفسه في رفع الصوت لما فيه من المشقة ولا تسقط الجمعة
(١٥١)