وقال ابن إدريس لا يجوز له ان يشرع في صلاة يشك في صحتها والعلم بأنه قد صلى في ثوب طاهر بعد صلاته فيهما غير نافع لان الواجب يقارنه الوجه المقتضى وجوبه فلا يكون متأخرا عنه وليس بجيد فان الفرق واقع بين الثياب والأواني لعدم تمكنه من استعمالها وينجس به في الحال وفيما بعد والثوب النجس قد تباح الصلاة فيه إذا لم يجد غيره بخلاف الماء النجس والشك ممنوع فان ستر العورة شرط وهو متمكن منه بفعل صلوتين فتجبان معا وليس اليقين بالطهارة شرطا بل عدم العلم بالنجاسة وهو حاصل في الثوبين والوجه لو سلم مقارنته فإنه مقارن هنا لان المقتضى لوجوبهما تحصيل ستر العورة كما أن المأمور بالصلاة يجب عليه الوضوء لتوقفها عليه وإن كانت الصلاة متأخرة لأنه ليس وجه وجوب الوضوء الصلاة بل التمكن منها وكونها لا تتم الا به الثاني ان يصلى في كل ثوب بعدد النجس ويزيد واحدة وهو الأقوى عندي وبه قال احمد وابن الماجشون لأنه تمكن من أداء الصلاة في ثوب طاهر بيقين فيجب كما لو اشتبه الطهور بالطاهر وكما لو نسى صلاة من يوم ولما رواه صفوان بن يحيى قال كتبت إلى ابن أبي الحسن (ع) في رجل معه ثوبان أصاب أحدهما بول ولم يدر أيهما هو وخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع قال يصلى فيهما جميعا وقال أبو حنيفة والشافعي يتحرى فيهما كالقبلة والفرق مشقة اعتبار اليقين في القبلة لكثرة الاشتباه فيها ولان الاشتباه في الثوبين حصل بالتفريط لأنه كان يمكنه تعليم النجس أو غسله ولا يمكنه ذلك في القبلة ولان القبلة عليها أدلة من النجوم والشمس والقمر وغيرها فيصح الاجتهاد في طلبها ويقوى دليل الإصابة لها بحيث لا يبقى احتمال الخطا الا وهما ضعيفا بخلاف الثياب فروع - آ - لو وجد المتيقن طهارته مع الثوبين المشتبهين صلى في المتيقن لان وجه الوجوب وهو التمكن من الصلاة في ثوب طاهر موجود في الثوب فتعين - ب - لو لم يعلم عدد النجس صلى فيما تيقن انه صلى في ثوب طاهر فان كثر ذلك وشق فالوجه التحري دفعا للمشقة - ج لو ضاق الوقت عن الصلاة في الجميع صلى فيما يحتمله الوقت وإن كانت واحدة ويتخير في الساقطة والمأتي بها إذا لم تغلب عنده النجس - د - لو أداه اجتهاده إلى نجاسة أحدهما فإن كان لامارة فالوجه لزوم الصلاة فيه مع ضيق الوقت ويحتمل مع اتساعه تعدد الصلاة والشافعي جوز التحري فأوجب الصلاة فيه مطلقا ولا إعادة عليه فلو غسل الثوب الاخر فصلى فيه صحت صلاته ولو جمع بين المغسول والطاهر بالتحري والاجتهاد ثم صلى فيهما لم تصح عندنا لان المشتبه بالنجس كالمتيقن نجاسة في المنع واختلف الشافعية فقال بعضهم لا تصح لأنه تيقن حصول النجاسة ولم يتيقن زوالها لان الذي غسله يحتمل ان يكون هو الطاهر وقال آخرون تصح لان المغسول طاهر قطعا والاخر طاهر اجتهادا فيجرى مجرى اليقين ولهذا يصح ان يصلى فيه وهو ممنوع - ه - لو لم يغلب على ظنه طهارة أحد الثوبين صلى في كل منهما منفردا على ما اخترناه وعريانا على قول بعض علمائنا وبه قال الشافعي لكنه أوجب الإعادة خلافا لنا لان معه ثوبا طاهرا بيقين قال ولا يجوز ان يصلى في كل منهما لأنه يؤدى إلى أن يصلى بنجاسة متيقنة وهو حرام ونحن لا نوجب الإعادة لو قلنا بنزعهما لأنه فعل المأمور به شرعا فيخرج عن العهدة وتحريم الصلاة في الثوب النجس لا يستلزم تحريمها في المشتبه لاستدراك مصلحة الصلاة في الثوب الطاهر - و - لو اشتبه الثوبان ولا ظن ومعه من الماء ما يغسل أحدهما لزمه عندنا تحصيل اليقين الطهارة وهو أظهر مذهبي الشافعي وفى الاخر لا يجب لان الثوب الذي يريد غسله لا يعلم نجاسته ولا يمكن ان يؤمر بغسل ما لا يعلم نجاسته والثانية ممنوعة - ز - لو اشتبه الثوبان ومعه ثالث طاهر بيقين لم يجز له الاجتهاد عندنا ويصلى في الطاهر وهو ظاهر وللشافعي وجهان وكذا لو قدر على غسل أحدهما منع من الاجتهاد وللشافعي وجهان - ح - لو تلف أحد الثوبين لم يجتهد عندنا وهو طاهر على مذهبنا وللشافعي وجهان هذا أحدهما إذا المقصود من الاجتهاد معرفة الطاهر من النجس بالتمييز بينهما وقد تعذر ثبوته لتمكنه من التوصل إلى معرفة صفة الباقي من طهارة أو نجاسة بامارات تدل عليه إذا ثبت المنع من الاجتهاد فما ذا يصنع يحتمل وجهان الصلاة فيه واعادتها عريانا لأنه إن كان طاهرا حصل بالصلاة فيه الصلاة في ثوب طاهر وهو المأمور به فيخرج عن العهدة وإن كان نجسا أجزأته الصلاة عاريا والصلاة عاريا خاصة لأصالة البراءة السالم عن معارضة اليقين بالصلاة في ثوب طاهر مع التعذر بخلاف الثوبين وكذا لو انصب أحد المشتبهين بالمضاف احتمل استعمال الاخر مع التيمم والاكتفاء بالتيمم - ط - لو غسل أحدهما من غير اجتهاد تعين عليه الصلاة فيه وهو أحد وجهي الشافعي والثاني له ان يصلى في الاخر - ى - لو خفى موضع النجاسة من الثوب الواحد غسل الثوب كله ولم يجز التحري وهو مذهب الشافعي خلافا له في الثوبين مسألة يجوز ان يصلى في ثوب عمله المشرك إذا لم يعلم مباشرته له برطوبة لأصالة الطهارة ولان المعلى بن خنيس سمع الصادق (ع) يقول لا باس بالصلاة في الثياب التي تعملها المجوس والنصارى واليهود وقال معاوية بن عمار سئلت الصادق (ع) عن الثياب السابرية تعملها المجوس وهم أنجاس وهم يشربون الخمر ونساؤهم على تلك الحال ألبسها ولا اغسلها وأصلي فيها قال نعم وسأله (ع) عبد الله الحلبي عن الصلاة في ثوب المجوسي فقال يرش بالماء ووجه الجميع حمل الثاني على الاستحباب أو على علم المباشرة بالرطوبة أو الظن والشيخ منع في المبسوط من ذلك وهو حسن لغلبته الظن بالمباشرة بالرطوبة فروع - ا - يستحب غسل هذه الثياب إذا لم يعلم مباشرتهم لها برطوبة فان علم أو ظن وجب ب - تجوز الصلاة في ثياب الصبيان لان النبي (ص) كان يصلى وهو حامل لامامة بنت ابن أبي العاص - ج - يجوز ان يصلى في ثوب الحايض لأصالة الطهارة وقال (ع) لعايشة ناوليني الخمرة فقالت انى حايض فقال صلى الله عليه وآله ليس حيضتك في يدك - د - يجوز ان يصلى في الثوب الذي يجامع فيه إذا لم يعلم فيه نجاسة لطهارته ولو اصابه منى لم يجز الصلاة فيه عندنا لأنه نجس خلافا للشافعي ولو اصابه مذى صحت الصلاة فيه عندنا لأنه طاهر خلافا للشافعي ولو اصابه من رطوبة فرج المراة فهو طاهر ان لم يكن منيا وللشافعي وجهان النجاسة كالمذي والطهارة لأنه عرق الفرج - ه - لو أعار ثوبه من لا يتقى النجاسة استحب له غسله ولا يجب عملا بالأصل لان عبد الله بن سنان سال الصادق (ع) عن الذي يعير ثوبه لمن يعلم أنه يأكل الجري ويشرب الخمر فيرده أيصلى فيه قبل ان يغسله قال لا يصلى فيه حتى يغسله - و - المسك طاهر يجوز ان يصلى فيه عملا بالأصل ولما رواه علي بن جعفر عن أخيه الكاظم (ع) قال سألته عن فارة المسك تكون مع الرجل يصلى وهو في جيبه أو ثيابه فقال لا باس بذلك وكتب عبد الله بن جعفر إلى ابن أبي محمد العسكري يجوز للرجل ان يصلى ومعه فارة مسك فكتب لا باس به إذا كان ذكيا مسألة لو صلى في ثوب نجس عالما بذلك اعاده بالاجماع عند من شرط الطهارة ومع الخروج القضاء لأنه لم يفعل المأمور به على وجهه فيبقى في العهدة ولو علم النجاسة ثم نسيها وصلى فقولان أحدهما انه يعيد مطلقا في الوقت وخارجه اختاره الشيخان والمرتضى وهو المعتمد وبه قال الشافعي لأنه أخل بالشرط بتفريطه بالنسيان فلزمه القضاء ولقول الصادق (ع) ان أصاب ثوب الرجل الدم فصلى فيه وهو لا يعلم فلا إعادة عليه وان علم قبل ان يصلى فنسى وصلى فيه فعليه الإعادة وقال الشيخ في موضع لا يعيد مطلقا وبه قال احمد لان العلا سال الصادق (ع) عن الرجل يصيب ثوبه الشئ فينجسه فينسى ان يغسله ويصلى فيه ثم يذكر انه لم يكن غسله أيعيد الصلاة فقال لا يعيد قد مضت صلاته وكتبت له ولان ما عذر فيه بالجهل عذر فيه بالنسيان بل النسيان أولي لورود النص بالعفو فيه لقوله (ع) عفى عن أمتي الخطاء والنسيان قال الشيخ في التهذيب هذا الخبر شاذ وأشار إلى رواية العلا ونحن نحمله على ما إذا لم يعلم والنسيان حقيقة في الترك فيحمل على الترك لعدم العلم وهذا وإن كان بعيدا لكن فيه جمع بين الأدلة فيكون أولي و العفو عن النسيان لا يوجب ترك القضاء بل مفهومه هنا عدم الاثم ونحن نقول به وههنا قول ثالث لعلمائنا انه يعيد في الوقت دون خارجه لأنه ما دام في الوقت يكون في عهدة التكليف لعدم فعل ما أمر به وبعد الخروج يكون قضاء والأصل عدمه الا بأمر مجدد ولو لم يعلم بالنجاسة حتى فرغ من صلاته وتيقن حصولها في ثوبه أو بدنه حال الصلاة فقولان لعلمائنا أحدهما
(٩٧)