الصبى يجوز له التظليل لما قلناه في المرأة ولما رواه حريز في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال لا بأس بالقبة على النساء والصبيان وهم محرمون ولا يرتمس المحرم في الماء ولا الصايم قال الشيخ (ره) قد رخص للنساء في التظليل وتركه أفضل على كل حال مسألة لو زامل المريض أو المرأة أو الصبى رجل صحيح اختص المريض والمرأة والصبي بالتظليل على المحمل وكشف الصحيح محمله لقيام المانع من التظليل في حقه وهو الاحرام السالم عن أحد الاعذار المسوغة له ولما رواه بكر بن صالح قال كتبت إلى أبى جعفر الثاني عليه السلام إن عمتي معي وهي زميلتي ويشتد عليها الحر إذا أحرمت فترى أظلل على وعليها فكتب ظلل عليها وحدها مسألة إذا استظل حالة الاختيار وجب عليه الفداء وهو رواية عن أحمد وقول أهل المدينة لأنه ستر رأسه بما يستدام ويلازمه غالبا فأشبه ما لو ستره بشئ بلاقيه؟ ولان الفداء يجب للضرورة فبدونها أولي ولان محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سأله رجل عن الظلال للمحرم من اذى مطر أو شمس وأنا أسمعه فأمره ان يهدى شاة يذبحه بمنى واحمد وإن منع التظليل إلا أنه لم يوجب الفدية فقيل له ان أهل المدينة يقولون عليه دم قال نعم أهل المدينة يغلطون إذا عرفت هذا فلا فرق بين أن يقع التظليل في احرام العمرة المتمتع بها واحرام الحج وقال الشيخ في بعض كتبه لو وقع التظليل في إحرام العمرة المتمتع بها لزمه كفارتان لما رواه أبو علي بن راشد قال قلت له عليه السلام جعلت فداك إنه يشتد على كشف الظلال لانى محرور تشتد الشمس على فقال ظلل وأرق دما أو دمين قال للعمرة قلت إنا محرم بالعمرة وتدخل مكة فتحل وتحرم بالحج قال فارق دمين ومع صحة السند نحمله على الاستحباب وقال بعض الشافعية إذا لم تمس المظلة رأسه فلا فدية وإن مسته وجبت الفدية البحث العاشر إزالة الشعر مسألة يحرم على المحرم إزالة شئ من شعره قليلا كان أو كثيرا على رأسه أو على بدنه أو لحيته باجماع العلماء قال الله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لكعب بن عجرة لعلك تؤذيك هوام رأسك قال نعم يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو انسك شاة وهو يدل على المنع من الحلق قبل ذلك ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام مر رسول الله صلى الله عليه وآله على كعب بن عجرة الأنصاري والقمل يتناثر من رأسه فقال أ تؤذيك هوامك فقال نعم قال فأنزلت هذه الآية فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فأمره رسول الله لصلى الله عليه وآله فحلق رأسه وجعل عليه صيام ثلاثة أيام والصدقة على ستة مساكين لكل مسكين مدان والنسك شاة وقال ابن عباس مريضا أي برأسه قروح أو به أذى أي قمل وسواء حلق لعذر أو لغير عذر فان الفدية واجبة عليه للآية وإذا وجبت مع العذر فمع عدمه أولي مسألة ولا فرق بين شعر الرأس في ذلك وبين شعر البدن في قول أهل العلم لما تقدم في قول الصادق عليه السلام ولا تحلق الشعر وهو يتناول شعر الرأس وغيره ولاشتماله على التنظيف والترفه فلزمته الفدية كشعر الرأس بل الحاصل من الترفة والتنظيف فيه أكثر من الرأس وقال أهل الظاهر لا يجب في شعر غير الرأس لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم وهو استدلال بمفهوم اللقب وليس حجة إجماعا من المحققين ولا فرق بين أن يزيل الشعر بالاطلاء أو بالحلق أو النتف عن الرأس أو البدن ولو قطع يده وعليها شعرات فلا فدية لان الشعر غير مقصود بالإبانة وكذا لو كشط جلدة الرأس كما لو قتل الصغيرة لا يجب المهر لان الصنع تابع عند القتل ولو أرضعت الكبيرة الصغيرة بطل النكاح ووجب المهر ولو مشط لحيته أو رأسه فانتثرت شعرات فعليه الفدية ولو شك هل كانت الشعرات متصلة فانفصلت أو التنفت بالمشط فالأقرب وجوب الفدية وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا يجب مسألة الكفارة تجب بحلق جميع الرأس وبعضه قليلا كان أو كثيرا لكن يختلف ففي حلق جميع الرأس دم وكذا فيما يسمى حلق الرأس وإن كان بعضه وفى حلق ثلاث شعرات صدقة مهما كان لان الدم معلق على حلق الرأس وهو إنما يصدق حقيقة في الجميع فيبقى الباقي على أصل البراءة وأما وجوب الفدية في القليل فلما ورد عنهم عليهم السلام ان من مس شعر رأسه ولحيته فسقط شئ من شعره يتصدق بشئ وقال الشافعي يجب بحلق ثلاث شعرات دم لأنه شعر آدمي يصدق عليه اسم الجمع المطلق والفرق بين القليل والكثير ظاهر وقال أبو حنيفة لا يجب الدم إلا بحلق ربع الرأس لان الربع يقوم مقام الكل فإنه يصدق رأيت رجلا وإن كان لم يشاهد سوى جانب منه ونمنع حقيقة الاطلاق ولهذا يصح نفيه ورؤية الرجل مجاز إما لأنه ليس هو الهيكل المخصوص بل شئ مجرد وإما لأنه أجزاء أصلية ولان الانسان ليس مربعا بل إذا رأى ما يعرفونه قال رأيته ولو رأى صفحة وجهه وقال مالك إذا حلق من رأسه ما أماط عنه الأذى وجب الدم قل أو كثر وعن أحمد روايتان إحديهما انه يجب بثلاث شعرات كقول الشافعي والثانية بأربع شعرات ولو نتف شعرة أو شعرتين فعندنا تجب صدقة وللشافعي أقوال أحدها تجب في الشعرة الواحدة مد من طعام وفى الشعرتين مدان وفى الثلاث دم شاة لان تبعيض الدم عسر والشعر قد عدل الحيوان بالطعام في جزاء الصيد وغيره والشعر الواحدة هي النهاية في القلة والمد أقل ما وجب في الكفارة فقوبلت به الثاني إنه يجب في الشعرة الواحدة درهم وفى الشعرتين درهمان لان تبعيض الدم عسر وكانت الشاة تقوم في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاثة دراهم تقريبا به فاعتبرت تلك القيمة عند الحاجة إلى التوزيع الثالث إن في الشعرة الواحدة ثلث دم وفى الشعرتين ثلثا الدم تقسيطا للواجب في الشعرات الثلاث على الآحاد الرابع ان الدم الكامل بالشعرة الواحدة لان محظورات الاحرام لا تختلف بالقلة والكثرة كالطيب أو اللبس مسألة لو حلق رأسه لاذى لم يكن محرما ولا تسقط الفدية لنص القران ولو كثرت الهوام في رأسه أو كانت به جراحة وأحوجه أذاها إلى الحلق جاز له ذلك ويجب الفداء كما في حديث كعب بن عجزه وقد تقدم وكذا لو كان كثير الشعر يؤذيه الحر جاز له الحلق مع الفداء ولو كان الضرر اللاحق من نفس الشعر مثل أن ينبت في عينه أو طال حاجباه فغطيا عينيه فله قلع ما في العين وقطع ما استرسل على عينيه ولا فدية عليه لان الشعر أذاه فكان له دفع أذيته بغير فدية كالصيد إذا صال عليه ولو كان الأذى من غير الشعر لكن لا يتمكن من إزالة الأذى إلا بإزالة الشعر كالقمل والقروح برأسه أو صداع برأسه أو شدة الحر عليه لكثرة شعره فعليه الفدية لأنه قطع الشعر لإزالة ضرر غيره فأشبه أكل الصيد للمخمصة لا يقال القمل من ضرر الشعر والحر سببه ككثرة الشعر فتساويا لأنا نقول ليس القمل من الشعر وإنما لا يتمكن من المقام في الرأس إلا به فهو محل له لا سبب فيه وكذا الحر من الزمان بدليل إن الشعر يوجد في زمن البرد فلا يتأذى به وهذا تفصيل حسن لا بأس به ذكره بعض الشافعية تنبيه لو نتف إبطه وجب عليه الفدية لأنه أزال الشعر للترفه فكان عليه الفداء كغيره ولما رواه حريز في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال إذا نتف الرجل إبطه بعد الاحرام فعليه دم إذا عرفت هذا فليس الحكم منوطا بالحلق بل بالإزالة والإبانة إما بنتف أو إحراق أو غيره مسألة النسيان مسقط للفدية في الطيب واللباس وما عدا الوطي من الاستمتاعات كالقبلة واللمس بشهوة وسيأتى وهل تسقط الفدية في الحلق والقلم فيه للشافعية وجهان أحدهما لا تجب كما في الاستمتاعات والثاني الوجوب وهو المعتمد لان الاتلافات يتساوى عمدها وخطؤها كما في ضمان الأموال وأما المجنون والمغمى عليه والصبي غير المميز فالأقرب عدم الضمان في حقهم لعدم التكليف عليهم بخلاف الناسي فإنه يفعل ما يتعاطاه والنسيان عذر في سقوط الاثم لا في إزالة الفداء مسألة يجوز للمحرم أن يحلق شعر المحل ولا شئ عليه وبه قال الشافعي ومالك واحمد وهو محكى عن مجاهد لان المحل يسوغ له حلق رأسه فجاز للمحرم فعله به كما لو فعله المحل لان المحرم إنما هو إزالة شعر المحرم عن نفسه ولأنه لم يتعلق بمنبته حرمة الاحرام فجاز للمحرم حلقه كشعر البهيمة ولأنه يجوز له ان يطيبه ويلبسه فأشبه المحل إذا حلقه ولأصالة براءة الذمة وقال أبو حنيفة لا يجوز له فان فعل فعليه صدقة لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم معناه لا يحلق بعض رؤوس بعض
(٣٣٨)