قال عرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح وحد عرفة من بطن عرنة وثوية ونمرة إلى ذي المجاز خلف الجبل موقف وعن الصادق (ع) قال واتق الأراك ونمرة وهي بطن عرنة وثوية (وذا المجاز صح) فإنه ليس من عرفة لا تقف فيه. مسألة. يستحب أن يضرب خباه بنمرة وهي بطن عرنة اقتداء برسول الله وقال الصادق (ع) في الصحيح فاضرب خباك بنمرة وهي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة ويجوز النزول تحت الأراك إلى تزول الشمس ثم يمضى إلى الموقف فيقف فيه لقول الصادق (ع) لا ينبغي الوقوف تحت الأراك فأما النزول تحته حتى تزول الشمس وينهض إلى الموقف فلا بأس وينبغي أن يقف على السهل ويستحب أن يقف على ميسرة الجبل ولا يرتفع إلى الجبل إلا عند الضرورة إلى ذلك لان إسحاق بن عمار سأل الكاظم (ع) عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحب إليك أم على الأرض فقال على الأرض ولان النبي صلى الله عليه وآله وقف بعرفه في ميسرة الجبل وروى سماعة بن مهران قال سألت الصادق (ع) إذا كثر الناس بمنى وضاقت عليهم كيف يصنعون قال يرتفعون إلى وادى محسر قلت فإذا كثروا بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون قال يرتفعون إلى المأزمين قلت فإذا كانوا بالموقف وكثروا كيف يصنعون فقال يرتفعون إلى الجبل ويستحب له إن وجد خللا أن يسده بنفسه ورحله قال الله تعالى كأنهم بنيان مرصوص فوضعهم بالاجتماع وقال الصادق إذا رأيت خللا فتقدم بنفسك وراحلتك فإن الله يحب أن تسد تلك الخلال ويستحب أن يقرب إلى الجبل (لقول الله تعالى وما قرب إلى الجبل صح) فهو أفضل. مسألة. يستحب للامام أن يخطب بعرفة قبل الاذان على ما تقدم فإذا أذن المؤذن وأقام صلى بالناس الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين يجمع بينهما على هذه الصفة وباستحباب الاذان في الأولى قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ومالك واحمد في إحدى الروايتين لان رسول الله خطب إلى أن أذن المؤذن فنزل وصلى بالناس وفى الرواية الثانية لأحمد يتخير بين الاذان لها وعدمه وقال مالك أذان العصر مستحب كغيرها من الصلوات ويبطل بما رواه العامة حديث في جابر ثم أذن بلال ثم أقام (فصلى الظهر ثم أقام صح) فصلى العصر ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح فإذا زالت الشمس يوم عرفه فاغتسل وصلى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين والفرق إن التعجيل هنا لأجل الدعاء. مسألة. إذا صلى مع الامام جمع معه كما يجمع الامام إجماعا ولو كان منفردا جمع أيضا بأذان واحد وإقامتين عند علمائنا وبه قال الشافعي وعطا ومالك واحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد لما رواه العامة عن بن عمر إنه كان إذا فاته الجمع بين الظهر والعصر مع الامام بعرفه جمع بينهما منفردا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وصل الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ولان الغرض التفرع للدعاء وهو مشترك بين المنفرد وغيره وقال النخعي والثوري و أبو حنيفة لا يجوز له أن يجمع إلا مع الامام لان لكل صلاة وقتا محدودا وإنما ترك في الجمع مع الامام فإذا لم يكن الامام رجعنا إلى الأصل وقد بينا أن الوقت مشترك و العلة مع الامام موجودة مع المنفرد ويجوز الجمع لكل من بعرفه من مكي وغيره وقد أجمع علماء الاسلام على أن الامام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة وكذا من صلى معه وقال احمد لا يجوز الجمع إلا لمن يكون بينه وبين وطنه إثنا عشر فرسخا إلحاقا له بالقصر ويبطل بأن النبي صلى الله عليه وآله جمع فجمع معه من حضر من أهل مكة وغيرها ولم يأمرهم بترك الجمع كما أمرهم بترك القصر حين قال أتموا فإنا سفر فلو كان حراما لبينه ولو كان الامام مقيما أتم وقصر من خلفه من المسافرين وأتم المقيمون عند علمائنا أجمع وقال الشافعي يتم المسافرون وهو غلط لان القصر غريمة فلا يجوز خلافه ولقول النبي صلى الله عليه وآله يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد ولو كان الامام مسافرا قصر وقصر من خلفه من المسافرين وأتم المقيمون خلفه عند علمائنا وكذا أهل مكة يتمون لنقص المسافة عن مسافة القصر وبه قال عطا ومجاهد والزهري والثوري والشافعي واحمد وأصحاب الرأي وابن المنذر لان النبي (ص) نهى أهل مكة عن القصر وقال مالك والأوزاعي لهم القصر لان لهم الجمع فكان لهم القصر كغير هم والفرق السفر ويستحب تعجيل الصلاة حين تزول الشمس وأن يقصر الخطبة ثم يتروح إلى الموقف لان التطويل يمنع من التعجيل إلى الموقف ولان النبي صلى الله عليه وآله غدا من منى حين صلى الصبح صبيحة يوم عرفه حتى أتى عرفة فنزل بنمرة حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله صلى الله عليه وآله مهجرا فجمع بين الظهر والعصر ثم خطب الناس ثم راح فوقف على الموقف من عرفة ولا خلاف في هذا بين علماء الاسلام. مسألة. إذا فرغ من الصلاتين جاء إلى الموقف فوقف ويستحب له الاغتسال للموقف قال الصادق (ع) الغسل يوم عرفه إذا زالت الشمس ويقطع التلبية عند زوال الشمس من يوم عرفه لان عبد الله ابن سنان سأل في الصحيح الصادق (ع) عن تلبية المتمتع متى يقطعها قال إذا رأيت بيوت مكة ويقطع تلبية الحج عند زوال الشمس يوم عرفة ويقطع تلبية العمرة المبتولة حين تقع إخفاف الإبل في الحرم فإذا جاء إلى الموقف بسكينة ووقار حمد الله وأثنى عليه وكبره وهلله ودعا واجتهد قال الصادق (ع) في الصحيح وإنما تعجل الصلاة وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة ثم تأتى الموقف بالسكينة والوقار فاحمد الله وهلله ومجده واثن عليه وكبره مئة مرة واحمد الله مئة مرة وسبح مئة مرة واقرأ قل هو الله أحد مئة مرة وتخير لنفسك من الدعاء ما أحببت فإنه يوم دعاء وتعوذ بالله من الشيطان (فإن الشيطان صح) لن يذهلك في موطن قط أحب إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن و إياك أن تشغل بالنظر إلى الناس واقبل قبل (إلى) نفسك الحديث ويستحب فيه الدعاء الذي دعا به زين العابدين (ع) في الموقف وأن يكثر من الدعاء لاخوانه المؤمنين و يؤثر هم على نفسه قال إبراهيم بن هاشم رأيت عبد الله بن جندب بالموقف فلم أر موقفا كان أحسن من موقفه ما زال ماد أيديه إلى السماء ودموعه تسيل على خديه حتى تبلغ الأرض فلما صرف الناس قلت يا أبا محمد ما رأيت موقفا قط أحسن من موقفك قال والله ما دعوت فيه إلا لاخواني وذلك لان أبا الحسن (ع) موسى أخبرني إنه من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش ولك مائة ألف ضعف مثله فكرهت أن أدع مئة ألف ضعف مضمونة لواحد لا أدرى هل يستجاب أم لا. إذا عرفت هذا فهذه الأدعية وغيرها ليست واجبة وإنما الواجب اسم الحضور في جزء من أجزاء عرفة ولو مجتازا مع النية. مسألة. أول وقت الوقوف بعرفة زوال الشمس من يوم عرفة عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك لان النبي صلى الله عليه وآله وقف بعد الزوال وقال خذوا عنى مناسككم ووقف الصحابة كذلك وأهل الأمصار من زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى زماننا مطبقون على الابتداء في الموقف بعد زوال الشمس ولو كان جايزا قبل ذلك لفعله بعضهم قال بن عبد البر أجمع العلماء على أن أول الوقوف بعرفه بعد زوال الشمس وقال الصادق (ع) في الصحيح ثم تأتى الموقف بعد الصلاتين والامر للوجوب وقال احمد أوله طلوع الفجر من يوم عرفه لقوله صلى الله عليه وآله من صلى معنا هذه الصلاة يعنى صلاة الصبح يوم النحر وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه ولم يفصل قبل الزوال وبعده وهو محمول على ما بعد الزوال استنادا إلى فعله عليه السلام. مسألة. آخر الوقت الاختياري غروب الشمس من يوم عرفه روى العامة عن علي (ع) وأسامة بن زيد إن النبي صلى الله عليه وآله دفع حين غربت الشمس ومن طريق الخاصة قول الصادق في الصحيح فأفاض رسول الله صلى الله عليه وآله بعد غروب الشمس وسأل يونس بن يعقوب الصادق (ع) متى نفيض من عرفات قال إذا ذهبت الحمرة من ههنا وأشار بيده إلى المشرق وإلى مطلع الشمس. مسألة. لو لم يتمكن من الوقوف بعرفة نهارا وأمكنه أن يقف بها ليلا ولو قليلا إلى أن يطلع الفجر أو قبله وجب عليه وأجزأه إذا أدرك المشعر قبل طلوع الشمس يوم النحر ولا نعلم في ذلك خلافا لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله قال وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه ومن طريق الخاصة رواية الحلبي الصحيحة عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يأتي بعد ما تفيض الناس من عرفات فقال إن كان في مهمل حتى يأتي عرفات من ليلته فيبيت بها ثم يفيض فيدرك
(٣٧٢)