وصل إلى مقصده إذا لم يكن بعزم الإقامة فيه إلى شهر فان نوى الإقامة فيه أو في أثناء المسافة عشرة أيام وجب الاتمام عند علمائنا أجمع وان نوى إقامة أقل من عشرة قصر وبه قال علي (ع) والصادق والباقر (ع) والحسن بن صالح بن حي لقول علي (ع) يتم الصلاة الذي يقيم عشرا ويقصر الصلاة الذي يقول اخرج اليوم اخرج غدا شهرا وعلي (ع) كان لا يرى الاجتهاد فيكون قوله توقيفا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) في المسافر إذا قدم بلدة قال إن دخلت أرضا وأيقنت ان لك بها مقام عشرة أيام فأتم الصلاة وان لم تدر مقامك بها تقول غدا اخرج أو بعد غد فقصر ما بينك وبين شهر وقال الشافعي إذا نوى مقام أربعة أيام غير يوم دخوله ويوم خروجه وجب عليه الاتمام لان يوم الدخول في الحط ويوم الخروج في الترحال وهما من اشغال السفر وعنه وجه انهما يحسبان وبه قال عثمان بن عفان وسعيد بن المسيب ومالك وأبو ثور لان الثلاث اخر حد القلة لقول النبي صلى الله عليه وآله يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا وكذلك عمر لما أجلي أهل الذمة من الحجاز ضرب لمن قدم منهم تاجر إلى الحجاز ان يقيم ثلاثة أيام فدل على أن الثلاث في حكم السفر وما زاد في حكم الإقامة ولا حجة فيه لان المقام يصدق في اليوم واليومين لكن لا تكون ذلك إقامة تنافى السفر وقال أبو حنيفة إن نوى مقام خمسة عشر يوما مع اليوم الذي يدخل فيه واليوم الذي يخرج فيه بطل حكم سفره وبه قال الثوري والمزني وابن عمر في إحدى الروايات لان ابن عباس وابن عمر قالا إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفى نفسك ان يقيم بها خمس عشرة ليلة فأكمل الصلاة ولم يعرف لهما مخالف و نمنع عدم المخالف وقد روى البخاري عن ابن عباس إنه أقام بموضع تسع عشر ليلة يقصر الصلاة وقال نحن إذا أقمنا تسع عشرة ليلة قصرنا الصلاة وإن زدنا على ذلك أتممنا وعن عايشة إذا وضعت الزاد والمزاد فأتم ولا اجماع مع هذا الخلاف وقولها ليس بحجة وعن ابن عباس ان نوى مقام تسعة عشر يوما وجب الاتمام وإن كان أقل لم يجب وبه قال إسحاق بن راهويه لان ابن عباس قال إن النبي صلى الله عليه وآله أقام في بعض أسفاره تسع عشرة يصلى ركعتين قال ابن عباس فنحن إذا أقمنا تسع عشرة نصلى ركعتين وان زدنا على ذلك أتمنا وليس بحجة لان فعل النبي صلى الله عليه وآله لا يقتضى العموم فلعله لم ينو المقام عشرة أيام وقال الليث بن سعد ان نوى مقام أكثر من خمسة عشر يوما أتم وهو محكى عن سعيد بن جبير وقال الأوزاعي ان نوى اثنى عشر يوما أتم وهو مروى عن ابن عمر أيضا وقال احمد ان نوى مقام مدة يفعل فيها أكثر من عشرين صلاة أتم وهو قريب من مذهب الشافعي واختاره ابن المنذر وهو مروى عن عايشة لان النبي صلى الله عليه وآله دخل مكة صبيحة يوم الأحد الرابع من ذي الحجة و كان قد صلى الصبح قبل دخوله فأقام بها تمام الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الصبح بها في اليوم الثامن ثم دخل إلى منى وكان النبي صلى الله عليه وآله يقصر في هذه الأيام وكانت صلاته في هذه المدة عشرين صلاة ولا حجة فيه لأنه لا يقصر إلى تمام العشرة عندنا وحكى عن أنس بن مالك انه أقام بنيشابور سنتين وكان يقصر فيهما وروى النخعي ان علقمة أقام بخوارزم سنتين وكان يقصر فيهما وفعلهما ليس حجة مسألة ولو ردد نيته فيقول اليوم أخرج غدا اخرج قصر إلى ثلاثين يوما ثم يتم بعد ذلك ولو صلاة واحدة سواء أقام عشرة أيام أو لا وبه قال بعض الحنابلة لقول علي (ع) ويقصر الصلاة الذي يقول اخرج اليوم اخرج غدا شهرا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وان لم تدر مقامك بها تقول غدا أخرج أو بعد غد فقصر ما بينك وبين شهر وقال الشافعي ان لم يتم مقامه أربعا فله القصر قولا واحدا وان أقام أربعة فصاعدا فأقوال أحدها الاتمام لان الإقامة أكثر من قصدها ولو نوى الإقامة أربعا أتم فالإقامة أولي الثاني انه يقصر إلى ثمانية عشر يوما تخريجا عن مسألة الحرب وهو ان المحارب إذا لم ينو المقام قصر إلى ثمانية عشر يوما لان النبي صلى الله عليه وآله قام عام الفتح الحرب هوازن سبعة عشر يوما أو ثمانية عشر يوما وهو يقصر فإن زاد أتم لقول ابن عباس فمن أقام أكثر من ذلك فليتم ولان الأصل الاتمام الثالث يقصر أبدا ما لم ينو مقام أربعة وبه قال أبو حنيفة لان المسور بن مخزمة قال كنا مع سعد بن أبي وقاص في قرية من قرى الشام أربعين ليلة وكنا نصلى أربعا وكان يصلى ركعتين وفعله ليس حجة فروع - آ - لا فرق بين المحارب وغيره عندنا في وجوب الاتمام بعد شهر لعموم الحديث وفى وجوب الاتمام لو نوى العشرة وللشافعي في المحارب قولان أحدهما انه يقصر الصلاة وان قصد الأربع وبه قال أبو حنيفة لعدم تحقق عزمه لأنه ربما هزم أو هزم والثاني وهو الجديد انه يترك القصر لان مسافر عزم على مقام أربع الثاني لو لم يقصد المحارب المقام وقصر إلى شهر كما قلنا وللشافعي قولان أحدهما انه يقصر مطلقا دائما إلى أن ينقضى القتال وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد لرواية جابر ان النبي صلى الله عليه وآله أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة ولا حجة فيه علينا والثاني يقصر إلى ثمانية عشر يوما كغيره لقول ابن عباس أقام النبي صلى الله عليه وآله لحرب هوازن ثمانية عشر يوما يقصر الصلاة فمن أقام أكثر من ذلك فليتم وهو معارض برواية جابر - ج - في بعض الروايات يقصر يعنى المتردد ما بينه وبين مضى شهر وفى بعضها ثلاثون يوما قال الباقر (ع) فإن لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر فليعد ثلاثين يوما ثم ليتم فلو كان الشهر هلاليا تسعة وعشرين يوما وأقام من أوله إلى اخره أتم على الأول دون الثاني والوجه التقصير إما أولا فللاستصحاب واما ثانيا فلان الشهر كالمجمل والثلاثين كالمبين - د - لو دخل بلدا في طريقه فقال إن لقيت فلانا فيه أقمت عشره أيام قصر إلى أن يلقاه أو يمضى ثلاثون يوما فان لقيه حكم بإقامته ما لم يغير النية قبل ان يصلى تماما ولو فريضة واحدة - ه - لو دخل بلدا لحاجة وعزم انه متى قضيت خرج فإن كانت تلك الحاجة لا تقتضي في عشرة أيام صار حكمه حكم المقيم وان جاز ان تقضى في أقل قصر إلى أن يمضى ثلاثون يوما - و - لو نوى مقام عشرة أيام في بعض المسافة انقطع سفره فإذا خرج إلى نهاية السفر فإن كان بين موضع الإقامة والنهاية ثمانية فراسخ قصر وإلا فلا ولو عزم في ابتداء السفر على الإقامة في أثناء المسافة فإن كان بين الابتداء وموضع الإقامة ثمانية فراسخ قصر وإلا فلا - ز - نية الإقامة عشرة أيام تقطع السفر سواء كان موضع إقامة كالبلدان والقرى والحلل أو لا كالجبال والبراري وللشافعي في الثاني قولان أحدهما كما قلناه لوجود نية الإقامة والثاني القصر لان الإقامة في هذا الموضع لا يتحقق فلا ينقطع الترخص بأمر لا حقيقة له وهو ممنوع - ح - قطع السفر إنما يحصل بنية مقام عشرة أيام كوامل وفى اعتبار يوم الدخول والخروج إشكال ينشأ من أنه تتمة السفر ومن حصول المقام فلو دخل ظهر الأول وخرج ظهر العاشر قصر على الأول وأتم على الثاني ولو عزم على أنه يخرج ظهر الحادي عشر أتم ولو خرج ضحوة الحادي عشر فكالعاشر - ط - لو نوى الإقامة في أثناء المسافة عشرة أيام أتم وان بقى العزم على السفر مسألة لو كان في أثناء المسافة له ملك قد استوطنه ستة أشهر انقطع سفره بوصوله إليه ووجب عليه الاتمام فيه عند علمائنا سواء عزم على الإقامة فيه أو لا وهو أحد قولي الشافعي لأنه حالة فيه يشبه حال المقيمين ولقول الرضا (ع) وقد سأله محمد بن بزيع عن الرجل يقصر في صنيعته لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام إلا أن يكون له فيها منزل يستوطنه فقلت ما الاستيطان فقال أين يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر فإذا كان كذلك يتم فيها متى يدخلها ولأنه بلد إقامته فلا يعد فيه مسافرا والثاني للشافعي القصر لان المهاجرين قدموا مكة مع رسول الله صلى الله عليه وآله ولاكثر هم بمكة وطن وما تركوا القصر ولأنه لم يعزم على الإقامة فكانت تلك البلدة وساير البلاد سواء ونمنع ان لهم املاكا وإن كان لهم قرابات فلا اعتبار بها فروع - آ - لا يشترط في الأشهر
(١٩٠)