يصح التنفيل بالشئ فالمجهول فلو قال من جاء بشئ فله منه طائفة فجاء رجل بمتاع نفله الامام بما يراه مصلحة ولو قال من جاء بشئ فله منه قليل أو يسير أو شئ منه فله أن يعطيه أقل من النصف لان القليل واليسير يتناول ما دون النصف لان مثله لا يكون يسيرا وكذا الشئ يفهم منه في الغالب القلة فصار كما لو قال قليلا ولو قال من جاء بشئ فله جزؤه فله أن ينفله بالنصف وما دونه دون ما فوقه لان الجزء اسم للبعض منه إلى النصف يقال جزء من جزءين ويقال لأكثر من النصف جزءان من ثلاثة فدل على أن ما زاد على النصف لا يكون جزءا ولو قال من جاء بشئ فله سهم رجل كان له أن يعطيه سهم راجل لا فارس لأنه المتيقن قال محمد بن الحسن الشيباني لو قال من جاء بألف درهم فله ألفا درهم فجاء بالألف لم يكن له أكثر من ألف ولو قال من جاء بالأسير (فله الأسير صح) وألف لزمه دفعها لأنه في الأول قصد تحصيل المال لا غير فلا يعطيه إلا ما أصابه من المال وفي الثاني مقصوده كسر شوكتهم بأخذ الأسير قال بن الجنيد لو قال من جاء بأسير فله مائة درهم كان ذلك من الغنيمة أو في رقبة الأسير أو بيت مال المسلمين. مسألة. لو قال من أصاب ذهبا أو فضة فهو له فأصاب سيفا محلا بأحدهما كان له الحلية دون السيف والجفن لأنهما متغايران والجعل إنما وقع بأحدهما ولو أصاب خاتما نزع فصه للغنيمة وكان الخاتم ولو أصاب أبوابا فيها مسامير فضة لو نزعت لهلكت الأبواب قال محمد لا شئ له لان المسمار معيب في الباب فصار كالمستهلك ولو قال من أصاب قزا فهو له فأصاب جبة محشوة بقز فلا شئ له لان الحشو مغيب في الجبة والمغيب لا عبرة به أما لو قال من أصاب ثوب قز فهو له فأصاب رجل جبة بطانتها ثوب قز أو ظهارتها فله الثوب القز والاخر غنيمة ولو قال من أصاب جبة حرير فهو له فأصاب جبة ظهارتها وبطانتها حرير فهي له وكذا لو كانت الظهارة حريرا أما لو كانت البطانة حريرا فلا شئ له ولو صعد رجل السور يقاتل المسلمين فقال الامام من صعد السطح فأخذه فهو له وخمسمائة فصعد رجل فأخذه لزمه دفعه دفع خمسمائة ولو سقط الرجل من السور فقتله رجل خارج الحصن فلا شئ له لان قصد الجعالة إظهار الجلادة والجرأة ولو رماه رجل فطرحه من السور قال محمد يستحق ذلك لان القصد ليس هو الصعود بل فعل يؤثر في السقوط لاظهار كسر قلوبهم ولو صعد إليه فسقط داخل الحصن فقتله فله النفل لأنه أتى بالمطلوب وزيادة (ولو التقى صح) الصفان فقال الأمير من جاء برأس فله كذا انصرف إلى رؤوس الرجال دون الصبيان أما لو انهزم الكفار فقال من جاء برأس فله كذا فجاء رجل برأس أو بسبي فله النفل ولو ادعى قتله فقيل بل كان ميتا حلف وأعطى النفل ولو جاء برأس لا يعلم كفره وإسلامه لم يعط حتى يعلم كفره ولو ادعى اخر إنه قتله فالقول قول الآتي به معه اليمين فلو نكل فلا نفل وفي استحقاق المدعى إشكال ينشأ من أن نكوله إقرار بأن المدعى قتله وهو اقرار بإبطال حق نفسه وإثبات الحق للمدعى وإقراره حجة عليه لا على غيره ومن أن الحق ثابت له يكون الرأس في يده فإذا نكل عن اليمين فقد جعل ماله من الحق إلى المدعى وله هذه الولاية فصار ذلك للمدعى. مسألة. لو قال من دخل باب هذه المدينة فله ألف فاقتحم جماعة من المسلمين فدخلوها استحق كل واحد منهم ألفا لأنه شرط لكل داخل بخلاف من دخل فله الربع فدخل عشرة فلهم الربع الواحد لان الربع اسم لجزء واحد من المال ولو دخل واحد ثم اخر اشتركوا في النفل لتعلق الاستحقاق بالدخول حالة الخوف ولو قال من دخل فله جارية فدخلوا فإذا هناك جارية واحدة فلكل واحد قيمة جارية وسط أما لو قال جارية من جواريهم فليس لهم إلا ما وجد فرقا بين المضاف والمطلق ولو قال من دخل أولا فله ثلثه ومن دخل ثانيا فله اثنان ومن دخل ثالثا فله واحد فدخلوا على التعاقب فلكل منهم ما سماه لان التفاوت في النفل مع التفاوت في الخوف جايز ولو دخلوا دفعة بطل نقل الأول والثاني وكان لهم جميعا نفل الثالث (لان الأول هو المتقدم والثاني من تقدمه واحد ولم يوجد والثالث إذا سبقه اثنان أو قارناه كان ثالثا صح) لان خوف الثالث إذا قارنه اثنان فوق خوفه إذا تقدمه اثنان فيكون فعله أشق فاستحقاقه أولي فلو دخل اثنان أول مرة بطل نفل الأول ونفل الثاني يكون لهما لانعدام الأولية بالمقارنة بخلاف الثاني فإنه يصدق مع المسبوقية والمقارنة ولو قال من دخل أولا من المسلمين فله ذلك فدخله ذمي ثم مسلم استحق المسلم لان أولية الذمي لا تمنع هذه الصفة كالدابة أما لو قال من دخل من المسلمين أولا من الناس لم يستحق. البحث الثالث. في السلب. مسألة. يجوز للامام أن يجعل للقاتل سلب المقتول إجماعا لان النبي (ص) قال يوم خيبر من قتل قتيلا فله سلبه فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين فأخذ سلبهم رواه العامة ومن طريق الخاصة رواية عبد الله بن ميمون قال أتى علي (ع) بأسير يوم صفين فبايعه فقال علي (ع) قال لا أقتلك إني أخاف الله رب العالمين فخلى سبيله وأعطى سلبه الذي جاء به وإذا أخذ الآتي السلب فالقاتل أولي ولان فيه مصلحة عظيمة تنشأ من التحريض على القتال. مسألة. وإنما يستحق القاتل السلب بشروط الأول أن يخصه الامام به ويشترطه له وبه قال أبو حنيفة والثوري ومالك واحمد في رواية لان السلب جعل تحريضا على القتال فلا يستحقه إلا بشرط الامام كالنفل وقال الأوزاعي والليث والشافعي وإسحاق وأبو عبيده وأبو ثور وبن الجنيد من علمائنا واحمد في الرواية الأخرى يخص به القاتل سواء قال أو لم يقل لما تقدم من الرواية وليس فيها دلالة على عدم الشرط قبل ابتداء القتال فجاز أن يكون الرسول صلى الله عليه وآله شرط له ذلك أولا فإذا شرط له السلب جاز له أخذه وإن لم يأذن له الامام وقال الأوزاعي يشترط إذن الإمام وإن لم يكن شرطه في الاستحقاق قال لأنه مجتهد فيه فلا ينفذ أمره فيه إلا بإذن الإمام الثاني أن يكون المقتول من المقاتلة الذين يجوز قتلهم فلو قتل امرأة أو صبيا أو شيخا فانيا لا رأى له ونحوهم ممن لا يقاتل لم يستحق سلبه إجماعا لان قتل هؤلاء منهى عنه فلا يستحق به نفل ولو قتل أحدهم وهو مقاتل استحق سلبه لأنه يجوز قتله إذا كان يقاتل فيدخل تحت عموم الخبر الثالث أن يكون المقتول ممتنعا فلو قتل أسيرا له أو لغيره أو من أثخن بالجراح وعجز عن المقاومة لم يستحق سلبه وبه قال الشافعي واحمد ومكحول لان ابني غفراء أثخنا أبا جهل يوم بدر فأجاز عليه عبد الله بن مسعود فجعل رسول الله (ص) سلبه لابنى غفراء ولم يعط بن مسعود شيئا ولأنه لم يغرر؟ بنفسه في دفع شره وقال أبو ثور وداود يستحب سلبه على أي وجه قتله لعموم الخبر والخبر محمول على القاتل حالة الامتناع ولو قطع يدي رجل ورجليه وقتله آخر فالسلب للقاطع دون القاتل لأنه الذي منع شره عن المسلمين ولو قطع يديه أو رجليه وقتله آخر قال الشيخ (ره) السلب للقاتل لأنه لم يصيره بالقطع ممتنعا فإن مقطوع اليدين يمتنع بالعدو ومقطوع الرجلين يمتنع برمى يديه وقال بعض العامة يخص القاطع لأنه عطله وليس جيدا لما قاله الشيخ (ره) وقال بعضهم يكون غنيمة لان القاطع لم يكف شره كله والقاتل قتل مثخنا أما لو قطع يده ورجله من خلاف ثم قتله آخر فإن كان القاتل يمنع شره أجمع بقطع العضوين فالسلب له وإلا فللقاتل ولو عانق رجل رجلا فقتله آخر فالسلب للقاتل وبه قال الشافعي لان المعانق ليس قاتلا والقاتل كفى المسلمين شره وقال الأوزاعي للمعانق الرابع القتل أو الاثخان بالجراح بحيث يجعله معطلا في حكم المقتول فلو أسر رجلا لم يستحق سلبه وإن قتله الامام أو لم يقتله لأنه صلى الله عليه وآله جعل السلب للقاتل وقال مكحول من أسر مشركا استحق سلبه وقال بعض العامة إن استبقاه الامام كان له فداه أو رقبته وسلبه لأنه كفي المسلمين شره لان الأسر أصعب من القتل وقد كفى المسلمين شره وليس بجيد لان الجعل للقتل لا للاسر نعم لو شرط الامام السلب لمن استأسر استحق سلبه الخامس أن يعزر القاتل بنفسه في قتله بأن يبارز إلى صف المشركين أو إلى مبارزة من يبارزهم فيكون له السلب فلو لم يعزر بنفسه مثل أن يرمى سهما في صف المشركين من صف المسلمين فيقتل مشتركا لم يكن له سلبه لان القصد التحريض على القتال ومبارزة الرجال ولا يحصل إلا بالتغرير ولو حمل جماعة من المسلمين على
(٤٣١)