سنان قال سألت الصادق (ع) في الرجل يشترى الغلام والجارية وله الأخ والأخت أو أم بمصر من الأمصار قال لا يخرجه من مصر إلى مصر آخر إن كان صغيرا ولا يشتره وإن كانت له أم فطابت نفسها ونفسه فاشتره إن شئت ولاشتماله على ضرر كل من الام والولد فيكون منفيا بقوله تعالى " ما جعل عليكم في الدين من جرح " وبقوله (ع) لا ضرر ولا ضرار فروع: - آ - إنما يتحقق المنع مع حاجة الولد إلى الام فلو استغنى عنها زال المنع لأصالة الإباحة السالم عن معارضة الضرر الحاصل بالتفريق - ب - لو فرق بينهما بالبيع لم يصح عندنا وبه قال الشافعي لما تقدم من الأحاديث الدالة على الرد وقال أبو حنيفة يصح لان المنع لا يعود إلى البيع وإنما يعود إلى الضرر اللاحق بهما فلا يمنع صحة البيع كالبيع وقت النداء وهو خطأ لان النهى عنه لمعنى في البيع وهو حصول الضرر بالتفرقة ولان التسليم تفريق محرم فيكون كالتعذر إذ لا فرق بين العجز الحسى والشرعي - ج - لو رضي كل من الولد والام بالتفريق صح التفرق لعدم المقتضى للمنع ولحديث ابن سنان عن الصادق (ع) وقد سبق - د - الضابط في غاية التحريم الاستغناء فمتى حصل استغناء الطفل عن الام جاز التفريق وإلا فلا ويحصل الاستغناء ببلوغ سبع سنين وقيل بالاستغناء عن الرضاع والمشهور الأول لأنه سن التميز فيستغنى عن التعهد والحضانة وهو أحد قولي الشافعي ويقرب منه قول مالك حيث جعل التحريم ممتدا إلى وقت سقوط الأسنان وقال في الاخر حده البلوغ وبه قال أبو حنيفة لما رواه عبارة ابن الصامت إن النبي صلى الله عليه وآله قال لا يفرق بين الام وولدها قيل إلى متى قال حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية - ه - قال بعض علمائنا بكراهة التفريق لا بتحريمه والمشهور التحريم وهذا الخلاف إنما هو إذا كان التفريق بعد سقى الام ولدها اللبا فأما قبله فلا يجوز قطعا لأنه سبب إلى إهلاك الولد - و - يكره التفريق بعد البلوغ وبه قال الشافعي لما فيه من التوحش بانفراد كل منهما عن صاحبه والتقييد بالصغر في حديث ابن سنان للتحريم ولا الكراهية ولو فرق مع البلوغ بالبيع أو الهبة صحا وبه قال الشافعي لوجود المقتضى السالم عن معارضة النهى لاختصاصه بالصغر وقال احمد يبطل البيع والهبة وليس بمعتمد - ز - الأقوى كراهة التفريق بين الأخوين وبين الولد والأب أو الجد في البيع وليس محرما وبه قال الشافعي عملا بالأصل ولان القرابة بينهما لا تمنع القصاص فلا يمنع التفرقة في البيع كابن العم عندهم وفي قول آخر له أن التفريق بين الولد والجدة والأب وساير المحارم كالأم في تحريم التفريق وقال أبو حنيفة يحرم التفريق بين الأخوين لأنه رحم ذو محرم من النسب فأشبه الولد والجواب الفرق بجواز القصاص هنا دون الأول عندهم - ح - يجوز التفريق بين البهيمة وولدها بعد استغنائه عن اللبن وقبله إن كان مما يقع عليه الزكاة أو كان له ما يمونه من غير لبن أمه ومنع بعض الشافعية من التفريق قبل الاستغناء قياسا على الآدمي والحرمة فارقة بينهما - ط - كما لا يجوز التفريق بالبيع كذا لا يجوز بالقسمة و الهبة وغيرها من العقود النافلة للعين بخلاف نفل المنافع فله أن يوجر الام من شخص وولدها من آخر إلا أن يستوعب المدة الممنوع من التفرقة فيها فإن الأقوى المنع من التفريق حسا بحيث لا يجتمعان إلا نادرا - ى - لا يحرم التفريق بالعتق فلو أعتق الام دون ولدها أو بالعكس فلا بأس ولا في الوصية فلعل الموت يكون بعد انقضاء زمان التحريم فإن اتفق قبله فإشكال - يا - لو لم يحصل التفرقة الحسية فالأقوى جواز البيع كمن يبيع الولد ويشترط استخدامه مدة المنع وكذا لو باعه على من لا يفارق البايع والام بل يلازمهما - يب - في الرد بالعيب إشكال أقربه المنع لحصول التفريق وقال بعض الشافعية يجوز أما الرهن ففي التفريق بينهما به إشكال أقربه الجواز لكن ليس للمرتهن البيع ولا للراهن إلا مع الآخر - يج - لا بأس بالتفريق بالسفر لعدم المقتضى للمنع وأصالة الإباحة - يد - لو كانت الام رقيقة والولد حر أو بالعكس لم يمنع من بيع الرقيق لثبوت التفريق قبل البيع فلا يحدث البيع تفريقا لاستحالة تحصيل الحاصل. مسألة. يجوز لمن يشترى الأمة أن ينظر إلى وجهها ومحاسنها وأن يمسها بيده ويقبلها إلا العورة فلا يجوز له النظر إليها للحاجة الداعية إلى ذلك فوجب أن يكون مشروعا لينبغي الغرر ولما رواه أبو بصير عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يعترض الأمة ليشتريها قال لا بأس ينظر إلى محاسنها ويمسها ما لم ينظر إلى ما لا ينبغي له النظر إليه ولا يجوز ذلك لمن لا يريد الشراء إلا في الوجه لقول الصادق (ع) لا أحب للرجل أن يقلب جارية إلا جارية يريد شرائها وسأله حبيب بن معلى الخثعمي إني اعترضت جواري بالمدينة فأمذيت قال أما لمن يريد أن يشترى فليس به بأس وأما لمن لا يريد أن يشترى فإني أكرهه. مسألة. لو اشترى جارية فوطئها ثم ظهر استحقاقها لغير البايع مع جهل المشترى فإن كانت بكرا غرم عشر قيمتها لصاحبها و رفعها إليه وإن كانت ثيبا كان عليه نصف العشر لقول الصادق (ع) في رجل تزوج امرأة حرة فوجدها أمة دلست نفسها إلى أن قال ولمواليها عليه عشر قيمة ثمنها إن كانت بكرا وإن كانت ثيبا فنصف عشر قيمتها بما استحل من فرجها ولأنه تصرف في مال الغير بغير إذنه وانتفع بماله عوض فوجب الرجوع عليه وبه قال الشافعي يجب مهر المثل وهو ممنوع إذ لا عقد نكاح هنا فإن أولدها المشترى الجاهل بالغصبية فالولد لاحق به لوضع الشبهة وهو حر لأنه إعتقد أنه ملكها بالشراء وعليه قيمته لمولاه يوم سقط حيا وبه قال الشافعي لأنه أتلف على مولاها رقه باعتقاد أنها ملكه ولا يقوم حملا لعدم إمكان تقويم الحمل فيقوم في أول حالة انفصاله لأنها أول حالة إمكان تقويمه ولان ذلك هو وقت الحيلولة بينه وبين سيده ولقول الصادق (ع) وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير إليه قلت فإن لم يكن لأبيه ما يأخذ ابنه قال يسعى أبوه في ثمنه حتى يؤديه ويأخذ ولده قلت فإن أبى الأب السعي في ثمن ابنه قال فعلى الامام أن يفديه ولا يملك ولد حر وقال أبو حنيفة يقوم يوم المطالبة لان ولد المغصوبة لا يضمنه إلا بالبيع وقد بينا إنه يحدث مضمونا فيقوم حال إتلافه ولو انفصل الولد ميتا لم يجب قيمته لأنا لا نعلم حياته قبل ذلك ولأنه لم يحل بينه وبينه وإنما يجب التقويم لأجل الحيلولة إذا ثبت هذا فإن المشترى إن كان عالما بالغصبية فالولد رق لمولاه ولا يرجع بالثمن على البايع ولا بما غرمه ويحتمل عندي رجوعه بالثمن إذا كان باقيا أما إذا تلف فلا وإن كان جاهلا فإنه يرجع بالثمن الذي دفعه وبما غرمه مما لا نفع في مقابلته كقيمة الولد وهل يرجع بما حصل له في مقابلته نفع كأجرة الخدمة والسكنى والعقر إشكال ينشأ من إباحة البايع له بغير عوض ومن استيفاء عوضه وتفصيل هذا أن يقال إن علم المشترى بالغصب لم يرجع ولأنه قد أباح البايع إتلاف ماله بغير عوض وبه قال الشافعي والتحقيق ما قلناه من الرجوع مع قيام الغير لا مع التلف وأما إذا لم يعلم المشترى بالغصب فله ثلاثة أضرب ضرب لا يرجع عليه قولا واحدا وهو قيمتها إن تلفت في يده أو أرش البكارة إن تلفت في يده أو بدل جزء منها إن تلف في يده لان المشترى دخل مع الغاصب على أن يكون ضامنا ذلك بالثمن فإذا ضمنه لم يرجع به وبه قال الشافعي وضرب يرجع به قولان واحدا وهو ما إذا ولدت في يده منه ورجع عليه بقيمة الولد فإنه يرجع به على الغاصب لأنه دخل معه على أن لا يكون الولد مضمونا عليه ولم يحصل من جهته إتلاف بل المتلف الشرع بحكم بيع الغاصب منه وبه قال الشافعي الثالث ما اختلف فيه وهو مهرها وأجرة منفعتها فهنا إشكال تقدم وللشافعي قولان ففي القديم يرجع لأنه دخل في العقد على أن يتلفه بغير عوض فقد غره وقال في الجديد لا يرجع وبه قال أبو حنيفة وأصحابه لأنه غرم ما استوفي به له فلم يرجع به ولو أمسكها ولم يستخدمها وتلفت المنفعة تحت يده ففي الرجوع للشافعي وجهان أحدهما إنه يرجع بأجرتها لأنه لم يستوف بدل ما غرم ودخل في العقد على أن يضمنها والثاني لا يرجع لان تلفها تحت يده بمنزلة إتلافها. مسألة. يصح بيع الحامل بحر لأنها مملوكة وحرية الحمل لا تخرج الرقية عن الملكية فيصح بيعها
(٥٠١)