لان إثبات الخيار أنفع له الفسخ مع الغبن القليل الكثير والعيب وعدمه بخلاف الغبن فلما كان أعم نفعا أرشده (ع) إليه والغبن اليسير لا يعده الناس عيبا فلا عبرة به. مسألة وإنما يثبت الغبن بشرطين الأول عدم العلم بالقيمة وقت العقد سواء أمكنه أن يعرف القيمة بالتوقيف أو لا فلو عرف المغبون القيمة ثم زاد أو نقص مع علمه فلا غبن ولا خيار له إجماعا لأنه ادخل الضرر على نفسه الثاني الزيادة أو النقيصة الفاحشة التي لا يتغابن الناس بمثلها وقت العقد فلو باعه بعشرين وهو يساوى تسعة عشرا واحد و عشرون فلا خيار لجريان مثل هذا التغابن دائما بين الناس وعدم ضبط الأثمان الموازنة للمثمنات لعسره جدا فلم يعتد بالخارج عنه قلة أو كثرة مع القلة أما لو باعه بعشرين وهو يساوى أربعين أو عشرة فإن الغبن هنا يثبت قطعا مع جهله بالقيمة وإنما تؤثر الزيادة الفاحشة والنقيصة الفاحشة في تزلزل العقد وثبوت الخيار فيه لو تبينا وقت العقد ولو كانتا بعده لم يعتقد بهما إجماعا وقال احمد إن كان المشترى مسترسلا غير عارف بالمبيع وهو ممن لو توقف لعرفه لم يثبت له الخيار لان من يعرف السلعة أو يمكنه أن يتعرفها فلم يفعل جعل كأنه رضي بالغبن وصار بمنزلة العالم بالعيب وهو ممنوع. مسألة. لما لم يقدر الشارع للغبن جدا عرفه إنه قد أحال الناس فيه إلى العادات جريا على القاعدة المعهودة عند الشرع من رد الناس إلى العرف بينهم فيما لم ينص فيه على شئ إذا تقرر هذا فلا تقدير للغبن عندنا بل الضابط ما قلناه من أن ما لا يتغابن الناس بمثله يثبت معه الخيار وما يتغابن (الناس صح) بمثله لا يثبت فيه خيار وقال مالك إن كان الغبن الثلث لم يثبت الخيار وإن كان أكثر من الثلث ثبت الخيار وهو تخمين لم يشهد له أصل في الشرع. مسألة. وإنما يثبت الخيار للمغبون خاصة دون الغابن إجماعا لان المقتضى لثبوت الخيار وهو التضرر بعدمه إنما يتحقق في طرف المغبون فيختص بالحكم ويثبت بالخيار بين الفسخ والامضاء مجانا ولا يثبت به الأرش إجماعا ولو دفع الغابن التفاوت احتمل سقوط خيار المغبون لانتفاء موجبه وهو النقص وعدمه لأنه يثبت له فلا يزول عنه إلا بسبب شرعي ولم يثبت ولا يسقط هذا الخيار بتصرف المغبون لأصالة الاستصحاب إلا أن يخرج عن الملك ببيع وعتق وشبهه لعدم التمكن من إستدراكه وكذا لو منع مانع من الرد كاستيلاد الأمة ووقفها وكتابتها اللازمة ولا يثبت الأرش هنا أيضا لأصالة البراءة. البحث الخامس في خيار التأخير مسألة. من باع شيئا ولم يسلمه إلى المشترى ولا قبض الثمن ولا شرط تأخير الثمن ولو ساعة لزمه البيع ثلاثة أيام فإن جاءه المشترى بالثمن في هذه الثلاثة فهو أحق بالعين ولا خيار للبايع وإن مضت الثلاثة ولم يأت بالثمن تخير البايع بين فسخ العقد (والصبر صح) والمطالبة بالثمن عند علمائنا أجمع لان الصبر أبدا مضر بالبايع وقد قال (ع) لا ضرر ولا ضرار فوجب ان يضرب له أجل يتمكن فيه من التخلص من الضرر فضرب له الثلاثة كالحيوان ولقول الكاظم (ع) وقد سئل عن الرجل يبيع البيع فلا يقبضه صاحبه ولا يقبض الثمن قال الاجل بينهما ثلاثة أيام فإن قبض بيعه وإلا فلا بيع بينهما وسأل زرارة الباقر (ع) قلت الرجل يشترى من الرجل المتاع ثم يدعه عنده ويقول حتى آتيك بثمنه قال إن جاء فيما بينه وبين ثلاثة أيام وإلا فلا بيع له وخالف العامة في ذلك كافة ولم يثبتوا للبايع خيارا للانتقال بالعقد وسقوط حق البايع من العين وانتقال حقه إلى الثمن وهو ممنوع. مسألة. لو كان المبيع مما يسرع إليه الفساد كالفواكه وشبهها مما يفسد ليومه فالخيار فيه إلى الليل لان الصبر أكثر من ذلك يؤدى إلى تضرر المشترى لو أبقيت السلعة وطولب بالثمن وإلى تضرر البايع ولو لم يطالب وما روى عن الصادق أو الكاظم (على) في الرجل يشترى الشئ الذي يفسد من يومه ويتركه حتى يأتيه بالثمن قال إن جاء ما بينه وبين الليل بالثمن وإلا فلا بيع له. تذنيب لو كان مما يصبر يومين إحتمل أن يكون له الخيار إلى الليل وإلى اليومين عملا بأصالة العقد ولزومه. مسألة. لو قبض المشترى السلعة ولم يقبض البايع الثمن فلا خيار للبايع لان ثبوت هذا الخيار على خلاف الأصل فيقصر في ثبوته على ما ورد به النص ويبقى ما عداه على الأصل من لزوم البيع ولان البيع تأكد بالقبض ولان البايع قد رضي باللزوم حيث دفع المبيع إليه وكذا لو كان الثمن مؤجلا ولو لحظة سقط الخيار سواء تأخر عن الاجل المضروب سنة مثلا أو لا لما قلناه ولو قبض البايع بعض الثمن لم يبطل الخيار لأنه يصدق عليه حينئذ إنه لم يقبض الثمن ولما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال اشتريت محملا وأعطيت بعض ثمنه وتركته عند صاحبه ثم احتسب أياما ثم جئت إلى بايع المحمل لآخذه فقال قد بعته فضحكت ثم قلت لا والله ما أدعك وأقاضيك فقال لي ترضى بأبي بكر بن عياش قلت نعم فأتيناه فقصصنا عليه قصتنا فقال أبو بكر يقول من يحب أن اقضي (بينكما صح) بقول صاحبك أو غيره قال قلت بقول صاحبي قال سمعته يقول من اشترى شيئا فجاء بالثمن ما بينه وبين ثلاثة أيام وإلا فلا بيع له. فروع - آ - لو قبض المشترى المبيع ثم دفعه وديعة عند بايعه أو رهنا حتى يأتي بالثمن فلا خيار للبايع لأنه بإقباضه رضي بلزوم البيع ويده الآن يد نيابة عن المشترى فكأنه في يد المشترى - ب - لو مضى ثلاثة أيام فما زاد ولم يفسخ البايع البيع واحضر المشترى الثمن ومكنه منه سقط الخيار لزوال المقتضى لثبوته وهو التضرر بالتأخير - ج - لو مضت ثلاثة (أيام صح) ثم طالب البايع المشترى بالثمن بعد ما فوعده به لم يسقط خيار البايع بالطلب لأنه حق ثبت شرعا فلا يسقط إلا بوجه شرعي - د - لو سلم البايع بعض المبيع دون الباقي ثم مضت ثلاثة كان له الخيار في الجميع بين الفسخ فيه والصبر لأنه يصدق عليه إنه لم يدفع المبيع وليس له فسخ البيع في غير المقبوض لان تفريق الصفقة عيب - ه - لو شرط تأخير بعض الثمن فاخر الباقي فلا خيار لان الثمن ليس حالا ويحتمل ثبوته بعد تأخير العقد ثلاثة أيام كالجميع وكذا لو شرط تأخير الثمن فأخره عن الاجل فلا خيار. مسألة. لو هلك المتاع في مدة ثلاثة أيام الخيار هنا قال الشيخ من ضمان المشترى لأن المبيع انتقل إليه ولزم ووجب عليه دفع عوضه ولو هلك بعدها قال يكون من مال البايع لان الخيار قد ثبت له فكأنه ملكه والمعتمد إنه يكون من ضمان البايع على التقديرين لقوله (ع) كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه.
والتقدير أن المشترى لم يقبض المبيع ولان عقبة بن خالد سأل الصادق (ع) في رجل اشترى متاعا من رجل وأوجبه غير أنه ترك المتاع عنده ولم يقبض قال آتيك غدا إن شاء الله فسرق المتاع من مال من يكون قال من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المال ويخرجه من بيته فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد إليه ماله. البحث السادس. في خيار الرؤية. مسألة البيع على أقسام ثلاثة بيع عين شخصية حاضرة ولا خلاف في صحته مع المشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة وبدونها خلاف وبيع عين شخصية غايبه وبيع عين غير شخصية بل مضمونة كالسلم وشرط صحة بيع العين الشخصية الغائبة وصفها بما يرفع الجهالة عند علمائنا أجمع وقد سبق الخلاف في ذلك ويجب في ذلك ويجب فيه ذكر اللفظ الدال على الجنس فيقول بعتك عبدي أو حنطتي دفعا للغرر وقال أبو حنيفة لا يشترط ذلك بل لو باعه من في كمه من غير ذكر جنسه صح ويجب أيضا ذكر اللفظ الدال على المميز وذلك بذكر جميع الصفات التي يختلف الأثمان باختلافها ويتطرق الجهالة بترك بعضها ولا يكفي ذكر الجنس عن الوصف خلافا للشافعي في أحد قوليه ولا يشترط الرؤية بل يكفي الوصف سواء البايع والمشترى في ذلك خلافا للشافعي فإنه تارة جوز بيع المجهول وتارة لم يكتف بالوصف بل أوجب المشاهدة للبايع والمشترى وتارة أوجب مشاهدة البايع لسهولة دفع الغرر عنه فإنه المالك المتصرف في البيع وتارة أوجب مشاهدة المشترى لان البايع معرض عن الملك والمشترى محصل له فهو أجدر بالاحتياط. مسألة. إذا وصفه ولم يجده المشترى على الوصف تخير