يصح الشرط ولو اشتراها على أنها حامل فللشافعية وجهان أحدهما إنه يصح لان الحمل يعلم في الظاهر ويعلق به أحكام والثاني لا يصح لأنه لا يعلم وليس بشئ. مسألة. لو ماتت الشاة المصراة أو الأمة المدلسة فلا شئ للمشترى لان الرد امتنع بموتها والأرش يتبع العيب ولا عيب هنا ولو زالت التصرية قبل انتهاء الثلاثة فلا خيار فلو زالت بعدها ثبت . المطلب الثاني. في الاحكام. مسألة. خيار الشرط يثبت في كل عقد سوى الوقف والنكاح ولا يثبت في الطلاق والعتق ولا الابراء فإن تصرف المشترى سقط الخيار لان تصرفه قبل انقضاء مدة الشرط دليل على الرضا بلزوم العقد وكذا لو أسقط خياره ولو كان الخيار للبايع أو مشتركا فأسقط البايع خياره سقط ولو تصرف البايع فهو فسخ ولو أذن أحدهما (للآخر صح) في التصرف فتصرف سقط الخياران ولو لم يتصرف سقط خيار الآذن دون المأمور لأنه لم يوجد منه تصرف فعلى ولا قولي مسألة. لا يبطل الخيار بتلف العين بل إن كان مثليا فاختار صاحبه الفسخ طالبه بالمثل وإن لم يكن مثليا طالب بالقيمة أما لو ظهر المشترى على عيب في العبد بعد موته فلا رد إذ لا مردود وكذا لو قتل أو تلف الثوب أو أكل الطعام فليس له الرد هنا قطعا وكذا لو خرجت العين عن قبول النقل من شخص إلى آخر فلا رد كما لو أعتق العبد أو أولد الجارية أو وقف الضيعة ثم عرف كونه معيبا فقد تعذر الرد إما لتصرفه في العين كما هو مذهبنا أو لأنه لا يتمكن من نقل العين إلى البايع بالرد كما هو مذهب الشافعي نعم يرجع على البايع بالأرش وبه قال الشافعي واحمد لأنه عيب لم يرض به وجده بعد اليأس فوجب أن يكون له الرجوع بأرش العيب كما لو أعتقه ثم وجد به عيبا وقال أبو حنيفة إذا قتله خاصة لا يرجع بأرش العيب كما لو باعه وليس بجيد لان البيع لا يتعلق به الضمان وإنما يتعلق بالتسليم ولأنه في البيع لم ييئس من الرد. مسألة. والأرش جزء من الثمن نسبته إليه نسبة ما ينقص العيب من قيمة المبيع لو كان سليما إلى تمام القيمة وإنما كان الرجوع بجزء من الثمن لأنه لو بقى كل المبيع عند البايع كان مضمونا عليه بالثمن فإذا احتبس جزء منه كان مضمونا بجزء من الثمن فلو كانت القيمة مائة دون العيب وتسعين مع العيب فالتفاوت بالعشر فيكون (الرجوع صح) بعشر الثمن إن كان مأتين فبعشرين وإن كان بخمسين فبخمسة ومتى يعتبر قيمة يحتمل أن يكون الاعتبار بقيمته يوم البيع لان الثمن يومئذ قابل المبيع وأن يكون الاعتبار بقيمته يوم القبض لأنه يوم دخول المبيع في ضمانه وأن يكون الاعتبار بأقل الثمنين منهما لان القيمة إن كانت يوم البيع أقل فالزيادة حدثت في ملك المشتري وإن كانت يوم القبض أقل فما نقص من ضمان البايع فللشافعية وجوه ثلاثة كالاحتمالات وأكثرهم قطع باعتبار أقل القيمتين ولو اختلف المقومون أخذ بالأوسط وإذا ثبت الأرش فإن كان الثمن يعلم في ذمة المشتري برئ عن قدر الأرش عند طلبه وهو أظهر وجهي الشافعية والآخر إنه لا يتوقف على الطلب بل يبرأ بمجرد الاطلاع على العيب وإن كان قد سلمه وهو باق في يد البايع فالأقرب إنه لا يتعين حق المشترى فيه بل للبايع إبداله لأنه غرامة لحقته وهو أحد وجهي الشافعية والأظهر عندهم إنه يتعين لحق المشتري ولو كان المبيع باقيا والثمن تالفا جاز الرد ويأخذ مثله إن كان مثليا وقيمته إن كان متقوما أقل ما كانت من يوم البيع إلى يوم القبض لأنها إن كانت يوم العقد أقل فالزيادة حدثت في ملك البايع وإن كانت يوم القبض أقل فالنقص من ضمان المشترى ويجوز الاستبدال عنه كما في القرض وخروجه عن ملكه بالبيع ونحوه كالتلف ولو خرج وعاد فهل يتعين لاخذ المشترى أو للبايع إبداله الأقرب الأول وهو أحد قولي الشافعية والثاني إن للبايع إبداله وإن كان الثمن باقيا بحاله فإن كان معينا في العقد أخذه وإن كان في الذمة ونقده ففي تعينه لاخذ المشترى للشافعية وجهان وإن كان ناقصا نظر إن تلف بعضه أخذ الباقي وبدل التالف وإن رجع النقصان (إلى الصفة صح) كالشلل ونحوه ففي غرامة الأرش للشافعية وجهان أصحهما العدم كما لو زاد زيادة متصلة يأخذها مجانا فروع: - آ - لو لم تنقص القيمة بالعيب كما لو اشترى عبدا فخرج خصيا كان له الرد لأنه نقص في الخلقة خارج عن المجرى الطبيعي فكان له الرد وفي الأرش إشكال ينشأ من عدم تحققه إذ لا نقص في المالية هنا وقالت الشافعية لا أرش ولا رد - ب - لو اشترى عبدا بشرط العتق ثم وجد به عيبا فإن كان قبل العتق لم يجب عليه أخذه وكان له الرد فإن أخذه كان له ذلك والمطالبة بالأرش لان الخيار وإن ظهر على العيب بعد العتق فلا سبيل إلى الرد لان العتق صارت ملكا فغلب جانبه ويثبت له الأرش خلافا لبعض الشافعية لأنه وإن لم يكن معيبا لم يمسكه وهذا ليس بشئ - ج - لو اشترى من يعتق عليه ثم وجد به عيبا فالأقوى أن له الأرش دون الرد لخروجه بالعتق وللشافعية في الأرش قولان الثبوت وعدمه. مسألة. لو زال ملكه عن المبيع ثم عرف العيب لم يكن له الرد ولا في الحال ولا فيما بعده وإن عاد إليه بفسخ أو بيع وغيره لأنه قد تصرف في المبيع وقد بينا إن التصرف مبطل للرد لكن له الأرش سواء زال الملك بعوض كالبيع والهبة بشرط الثواب أو بغير عوض وقالت الشافعية إن زال الملك بعوض فقولان أحدهما له الأرش لتعذر الرد كما لو مات العبد أو أعتقه وهذا تخريج ابن شريح وعلى هذا لو أخذ الأرش ثم رده عليه مشتريه بالعيب فهل يرده مع الأرش ويسترد الثمر وجهان والثاني وهو الصحيح عندهم وهو منصوص الشافعي إنه لا يرجع بالأرش وفي تعليله خلاف قال أبو إسحاق وابن الحداد لأنه استدرك الظلامة ببيع وروج العيب كما روج عليه وقال ابن أبي هريرة لأنه ما آيس من الرد فربما يعود إليه ويتمكن منه فلم يكن له الرجوع بالأرش كما لو قدر على رده في الحال وأجابوا عن الأول بأنه لم يستدرك ظلامته بل غبن المشترى في البيع ولأنه لم يحصل له استدراك الظلامة من جهة من ظلمه فلا يسقط حقه بذلك والصحيح عندنا ما قلناه من أنه له الرجوع بالأرش قال أصحاب مالك وهذا هو الصحيح من مذهب مالك لان البايع لم يغرمه ما أوجبه العقد فكان له الرجوع عليه كما لو أعتق أو كاتبه ولأنه عندنا يتخير المشترى مطلقا بين الرد والرجوع بالأرش مع عدم التصرف ومعه يثبت له الأرش لا غير وكونه لا ييأس من الرد فأشبه ما إذا كان قادرا على الرد لا يسقط حق المشترى من طلب الأرش عندنا وإن زال الملك بغير عوض فعلى تخريج ابن شريح يرجع بالأرش وعلى النصوص وجهان مبنيان على التعليلين إن عللنا باستدراك الظلامة يرجع لأنه لم يستدرك الظلامة وإن عللنا بعدم اليأس من الرد فلا لأنه ربما يعود إليه. مسألة. لو ظهر على العيب بعد بيعه على آخر فقد قلنا إنه لا رد له سواء رد عليه أو لا بل له الأرش فإن ظهر المشترى الثاني على العيب فرده على الأول بالعيب لم يكن للأول رده على البايع لأنه بيعه قد تصرف فيه والتصرف عندنا يسقط الرد وإنما له الأرش خاصة وقال الشافعي له الرد بناء منه على أن هذا التصرف لا يمنع الرد ولأنه زال للتعذر الذي كان ويئس أن يستدرك الظلامة وليس للمشترى الثاني رده على البايع الأول لأنه ما يلقى الملك منه ولو حدث العيب في يد المشترى الثاني ثم ظهر عيب قديم فعلى التعليل يتعذر الرد للمشترى الأول أخذ الأرش من بايعه كما لو لم يحدث عيب ولا يخفى الحكم وبين المشترى الثاني وعلى التعليل الاخر إن قبله المشترى الأول مع العيب الحادث خير بايعه إن قبله فذاك وإلا أخذ الأرش منه وقال بعضهم لا يأخذ الأرش واسترداده رضا بالعيب وإن لم يقبله وغرم الأرش للثاني ففي رجوعه بالأرش على بايعه وجهان أحدهما عدم الرجوع وبه قال ابن الحداد لأنه ربما قبله بايعه أو قبله هو وكان متبرعا بغرامة الأرش و أظهرهما إنه لا يرجع لأنه ربما لا يقبله بايعه فيتضرر وقال بعضهم يمكن بناء هذين الوجهين على ما سبق من العينين إن عللنا بالأول فإذا غرم الأرش زال استدراك الظلامة فيرجع وإن عللنا بالثاني فلا يرجع لأنه ربما يرتفع العيب الحادث فيعود إليه وعلى الوجهين معا لا يرجع ما لم يغرم للثاني فإنه ربما لا يطالبه الثاني بشئ فيبقى مستدركا للظلامة ولو كانت المسألة بحالها وتلف المبيع في يد المشترى الثاني أو كان قد أعتقه ثم ظهر العيب القديم رجع الثاني على الأول بالأرش ورجع الأول
(٥٢٨)