فان قول الكاظم عليه السلام فان كأنه له ما يحج به عن نفسه فلا يجزى عنه حتى يحج من ماله ولما رواه إبراهيم بن عقبة قال كتبت إليه أسأله عن رجل صرورة لم يحج قط حج عن صرورة لم يحج قط أتجزى كل واحد منهما تلك الحجة من حجة الاسلام أو لا بين لي ذلك يا سيدي انشاء الله فكتب عليه السلام لا يجوز ذلك قال الشيخ انه محمول على أنه إذا كان للصرورة مال فان تلك حجة لا تجزى عنه وقال الأوزاعي والشافعي واحمد في إحدى الروايتين وإسحاق يقع إحرامه وحجه عن نفسه عن حجة الاسلام لحديث شبرمة ولأنه حج عن غيره قبل الحج عن نفسه فلم يقع عن الغير كما لو كان صبيا وحديث شبرمة لا دلالة فيه لأنه لم يعقد إحرامه بالتلبيات الأربع فأمره النبي صلى الله عليه وآله بانشاء الاحرام عن نفسه ورفض ما قاله من التلبية حيث لم يكمل إحرامه ولو فرضنا إكمال إحرامه فإنه أمره بالحج عن نفسه وهو يكون بتجديد نية أخرى وابطال الأولى فلا يدل على صحته ووقوعه عن نفسه إذا عرفت هذا فلو وجب عليه الحج ولم يستقر فخرج نيابة عن الغير لم يجز عن أحدهما فلو فقد الاستطاعة بعد ذلك والوقت باق وجب عليه أداء حجة الاسلام ويجب عليه تجديد الاحرام لان الأولى وقع باطلا ولو أكمل حجة عن الغير لم يقع عن أحدهما على ما تقدم ثم يجب عليه الابتداء في العام المقبل بحجة الاسلام عن نفسه إذا تمكن منه ولو مشيا ولا يشترط الزاد والراحلة مع القدرة على التسكع (التكسع) والحج ولو وجب عليه حجة الاسلام ولم يفرط في المضي ثم حدث ما يمنعه من المضي ولم يتمكن منه ثم لم يقدر على الحج فيما بعد ولا حصلت له شرايطه فإنه يجوز له أن يحج عن غيره لأنه لم يستقر في ذمته ولو كان الحج قد استقر في زمته بأن فرط فيه لم يجز ان يحج عن غيره سواء عجز فيما بعد أو لم يعجز تمكن من المضي أو لم يتمكن مسألة الصرورة إذا لم تجب عليه حجة الاسلام أو وجب ولم يستقر بأن خرج في عام تمكنه فتجدد عجزه يجوز له ان يحج نايبا عن غيره عند علمائنا وبه قال الحسن البصري وإبراهيم النخعي وأيوب السجستاني ونقله العامة عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام وبه قال مالك وأبو حنيفة وهو رواية أخرى عن أحمد وهو قول الثوري أيضا لان الحج مما تدخله النيابة فجاز ان يؤديه عن غيره من لم يسقط فرضه عن نفسه كالزكاة لما تقدم في حديث سعد عن الكاظم عليه السلام ولما رواه معاوية بن عمار في الحسن عن الصادق عليه السلام في رجل صرورة مات ولم يحج حجه الاسلام وله مال يحج عنه صرورة لا مال له وفى الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال لا بأس ان يحج الصرورة عن الصرورة وقال الأوزاعي والشافعي واحمد في رواية وإسحاق لا يجوز لمن لم يحج حجة الاسلام أن يحج عن غيره فان فعل وقع إحرامه عن حجة الاسلام لحديث شبرمة ولا دلالة فيه وقد تقدم مسألة لو كان الرجل قد أسقط فرض أحد النسكين عنه دون الآخر جاز أن ينوب عن غيره فيما أسقط فرضه عنه بأدائه فلو كان على انسان حج وعمرة فحج جاز ان يحج عن غيره لسقوط فرض الحج عنه وليس ان يعتمر قبل ان تبرئ ذمته من العمرة ولو كان قد اعتمر ولم يحج جاز ان ينوب عن غيره في الاعتماد دون الحج مسألة الأقرب عندي جواز نيابة العبد عن الحر بإذن مولاه لأنه مكلف مسلم لا حج عليه فجاز ان ينوب عن غيره كالحر ومنع احمد من نيابة العبد والصبي في الفرض لأنهما لم يسقطا فرض الحج عن أنفسهما فهما كالحر البالغ في ذلك واولى منه قال ويحتمل ان لهما النيابة في حج التطوع دون الفرض لأنهما من أهل التطوع دون الفرض ولا يمكن أن تقع الحجة التي نابا فيها عن فرضهما لكونهما ليسا من أهله فبقيت لمن فعلت عنه فلا يلزمهما رد ما أخذا لذلك كالبالغ الحر الذي قد حج عن نفسه وليس بجيد فان الحر البالغ له أهلية استحقاق وجوب الحج عليه بخلافهما بل حملهما على من أسقط فرضه بالحج أولي مسألة إذا حج الصرورة العاجز عن غيره فقد بينا صحته وانه يجزى عن المنوب أما النائب فلا يجزئه ما فعله في النيابة عن حجة الاسلام إن كانت قد وجبت عليه أولا ثم عجز عنها أو لم يتحقق بعد وجوبها عليه أما الأجزاء عن الميت فلما تقدم في حديث محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال لا بأس ان يحج الصرورة عن الصرورة وأما عدم الأجزاء عن النايب فلانه على تقدير عدم وجوب الحج عليه أولا برئ الذمة من الحج فلا يتحقق عليه وجوب فلا يتحقق فيه إجزاء وأما إذا كان قد وجب عليه أولا فلانه لم يأت بالواجب فيبقى في عدة التكليف لان الحج الذي أتى به كان عن المنوب فيبقى ما ثبت عليه أولا وقد روى معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال حج الصرورة يجزى عنه وعمن حج عنه قال الشيخ (ره) معنى قوله يجزى عنه ما دام معسرا لا مال له فإذا أيسر وجب عليه الحج أقول ويحتمل ان يكون المراد انه يجزى عنه عما وجب عليه بالاستيجار مسألة النايب كالمنوب قاله احمد فلو أحرم النايب بتطوع أو نذر عمن لم يحج حجة الاسلام وقع عن حجة الاسلام لان النايب يجرى مجرى المنوب عنه والتحقيق أن نقول إن كان النايب قد استؤجر لايقاع حج تطوع أو نذر ففعل ما استؤجر له جزء عنه ولا يجزى عن المنوب إن كان عليه حجة الاسلام لأنه لم ينوها وان تبرع للنايب بالحج عنه في أحد النسكين إما النذر أو التطوع لم ينقلب إلى حجة الاسلام أيضا وإن كان النايب قد استؤجر لايقاع حجة الاسلام فنوى التطوع عنه أو عن المنوب أو النذر كذلك لم يجزء لأنه لم يفعل ما وقع عليه عقد الإجارة مسألة لو استناب رجلين في حجة الاسلام ومنذورة أو تطوع في عام فأيهما سبق بالاحرام وقعت حجته عن حجة الاسلام وتقع الأخرى تطوعا أو عن النذر قال احمد لأنه لا يقع الاحرام عن غير حجة الاسلام ممن هي عليه فكذا عن نايبه وفيه اشكال والأقرب انه إذا اتفق الزمان صح العقد فإذا حجا في ذلك العام أجزأ حجهما ولا اعتبار بتقديم إحرام أحدهما على إحرام الآخر بل إن كان السابق إحرام الواجب فلا بحث وإن كان إحرام المنذورة أو التطوع أجزأ أيضا لان الحجتين تقعان في ذلك العام ولو صد النايب في حجة الاسلام أو أحصر ولم يتمكن النايب فيها من إتمامها في ذلك العام فالأقوى صحة حجة التطوع ولو تعدد العام فان استأجر لحج التطوع أولا فان تمكن من الاستيجار عن حجة الاسلام فالوجه عدم الصحة لكن لو حج النايب مع جهله استحق الأجرة ولو لم يكن قد تمكن من الاستيجار لحجة الاسلام فالأقرب الصحة ثم يستأجر في العام المقبل لحجة الاسلام مسألة إذا استؤجر ليحج عن غيره وكان الحج لا يقع عن ذلك الغير وجب عليه رد ما أخذه من مال الإجارة مع علمه بذلك لأنه قد استؤجر لفعل لا يصح منه ايقاعه فوجب عليه رد مال الإجارة ولو كان جاهلا فالأقرب عدم وجوب الرد ويحتمل وجوب رد ما فضل عن أجرة المثل لتعبه فحينئذ يحتمل أن يرجع هو بما أعوز مسألة يجوز أن ينوب الرجل عن الرجل وعن المرأة وأن تنوب المرأة عن المرأة وعن الرجل في قول عامة أهل العلم لا نعلم فيه مخالفا إلا الحسن بن صالح بن حي فإنه كره حج المرأة عن الرجل قال ابن المنذر وهذه غفلة عن ظاهر السنة فان النبي صلى الله عليه وآله أمر المرأة أن تحج عن أبيها وهذا هو الحق لما رواه العامة عن ابن عباس قال أتت امرأة من خثعم رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله أبى أدركته فريضة الحج وهو شيخ كبير لا يستطيع ان يثبت على دابته فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله فحجي عن أبيك ومن طريق الخاصة ما رواه رفاعة عن الصادق عليه السلام في الصحيح قال تحج المرأة عن أخيها وعن أختها وقال تحج المرأة عن أبيها وفى الحسن عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال قلت له المرأة تحج عن الرجل قال لا بأس إذا عرفت هذا فقد شرط الشيخ (ره) في حج المرأة عن الرجل شرطين أحدهما أن تكون عارفة بمناسك الحج والثاني أن تكون قد حجت أولا لما رواه مصادف عن الصادق عليه السلام قال سألته تحج المرأة عن الرجل قال نعم إذا كانت فقيهة مسلمة وكانت قد حجت فرب امرأة خير من رجل وعن زيد الشحام عن الصادق عليه السلام قال سمعته يقول يحج الرجل الصرورة من الرجل الصرورة ولا تحج المرأة الصرورة عن الرجل الصرورة وابن إدريس أنكر ذلك إنكارا عظيما ونحن نحمل هذه الروايات على الاستحباب دون ان يكون ذلك شرطا ولهذا قال عليه السلام رب امرأة خير من رجل ولا شك في جواز ذلك عن الرجل فجاز من المرأة مسألة يجوز أن يحج النايب عن غيره إذا كان المنوب ميتا من غير إذن سواء كان واجبا أو تطوعا ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بالحج عن الميت ومعلوم استحالة الاذن في حقه وما جاز فرضه جاز نفله كالصدقة وأما الحي فمنع بعض العامة من الحج عنه إلا بإذنه فرضا كان أو تطوعا لأنها عبادة تدخلها النيابة فلم تجز عن البالغ العاقل إلا بإذنه كالزكاة وعليه
(٣١٠)