جند الامام فيما يغنمون وإنما يسقط الانهزام الحق إذا اتفق قبل القسمة أما لو غنموا شيئا واقتسموه ثم انهزم بعضهم لم يسترد منه ما أخذ. مسألة. ينبغي للامام أن يوصى الأمير المنفذ مع الجيش بتقوى الله تعالى والرفق بالمسلمين قال الصادق (ع) كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه ثم يقول سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقدروا ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا صبيا ولا امرأة ولا تقطعوا شجرا إلا أن تضطروا إليها وأيما رجل من أدنى المسلمين وأفضلهم نظر إلى رجل من المشركين فهو جار حتى يسمع كلام الله فإن تبعكم فأخوكم في دينكم وإن أبى فأبلغوه مأمنه ثم استعينوا بالله عليه وينبغي أن يوصيه بأن لا يحملهم على مهلكة ولا يكلفهم نقب حصن يخاف من سقوطه عليهم ولا دخول مطمورة يخشى من موتهم تحتها فإن فعل شيئا من ذلك فقد أساء ويستغفر الله تعالى ولا يجب عليه عقل ولا دية ولا كفارة إذا أصيب واحد منهم بطاعته لأنه فعله باختياره ومعرفته فلا يكون ضامنا. مسألة.
لا يجوز قتل صبيان الكفار ونسائهم إذا لم يقاتلوا لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء والصبيان والمجنون كالصبي والخنثى المشكل كالمرأة فإن قاتلوا جاز قتلهم مع الضرورة لا بدونها ولو أسر منهم مراهق وجهل بلوغه كشف عن عورته فإن لم ينبت فحكمه حكم الصبيان وإن أنبت حكم ببلوغه وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة وهل هو بلوغ أو دليل الأقرب الثاني وللشافعي وجهان ولو قال الأسير استعجلت الشعر بالدواء بنى على القولين فإن قلنا إنه عين البلوغ فلا عبرة بما يقوله وهو بالغ وإن قلنا إنه دليل وهو الاظهر صدق بيمينه وحكم بالصغر وفي اليمين إشكال لان تحليف من يدعى الصغر بعيد وقال بعض الشافعية إن اليمين استظهار واحتياط لا أنها واجبه وقال الباقون لابد من اليمين لان الدليل الظاهر قائم فلا يترك لمحرم قول المأسور والاعتماد من شعر العانة على الخشن دون الضعيف الذي لا يحوج إلى الحلق ويحتمل عندي أن شعر الإبط الخشن والوجه يلحقان بشعر العانة ونبات الشارب كاللحية ولا أثر لاخضرار الشارب. مسألة.
الشيخ من المحاربين إن كان ذا رأى وقتال جاز قتله إجماعا وكذا إن كان فيه قتال ولا رأى له (أو كان له رأى صح) ولا قتال فيه لان دريد الصمة قتل يوم بدر وكان له مئة وخمسون سنة وكان له معرفة بالحرب وكان المشركون يحملونه معهم في قفص حديد ليعرفهم كيفية القتال فقتله المسلمون ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وآله وإن لم يكن له رأى ولا قتال لم يجز قتله عندنا وبه قال أبو حنيفة والثوري ومالك والليث والأوزاعي وأبو ثور لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا تقتلوا شيخا فانيا ومن طريق الخاصة قول الصادق ولا تقتلوا شيخا فانيا وصبيا ولا امرأة ولأنه لا ضرر فيه من حيث المخاصمة ومن حيث المشورة فأشبه المرأة وقد أشار النبي صلى الله عليه وآله إلى هذه العلة فقال ما بالها قتلت وهي لا تقاتل وقال احمد يقتل وبه قال المزني وللشافعي قولان لعموم قوله تعالى " اقتلوا المشركين " وهو مخصوص بالصبى والمرأة إجماعا فكذا بالفاني. مسألة. الرهبان وأرباب (أصحاب) الصوامع يقتلون إن كان لهم قوة أو رأى أو كانوا شبانا وللشافعي قولان وفي معناهم العميان والزمني ومقطوعوا الأيدي والأرجل أحدهما الجواز كما قلناه وبه قال احمد والمزني وإسحاق للعموم والثاني إنه لا يجوز قتلهم وبه قال (أبو حنيفة صح) ومالك لما روى أنه (ع) قال لا تقتلوا النساء ولا أصحاب الصوامع ولا فرق بين أن يحضر ذوا الرأي من الشيوخ والرهبان في صف القتال أو لا يحضر في جواز قتله ولا بين أن يجده في بلاده وغازيا في جواز قتله وللشافعي قولان في أرباب الحرف والصناعات أقواهما جواز قتلهم لان أكثر الناس أصحاب حرف وصناعات وأما الزمني والعميان والمعرضون عن القتال كالرهبان فالأقوى عنده ترك قتله وفي السوقة للشافعية طريقان أحدهما إن فيهم قولين لانهم لا يمارسون القتال ولا يتعاطون الأسلحة والثاني إنهم يقتلون لقدرتهم على القتال وفرعوا على القولين فإن جوزوا قتلهم جوزوا استرقاقهم وسبى نسائهم وذراريهم واغتنام أموالهم وإن منعوه ففي استرقاقهم طرق أظهرها إنهم يرقون بنفس الأسر كالنساء والصبيان والثاني إن فيهم قولين كالأسير إذا أسلم قبل الاسترقاق ففي قول لا يسترق وفي اخر يتخير الامام بين الاسترقاق والمن والفداء والثالث إنه لا يجوز استرقاقهم بل يتركون ولا يتعرضون لهم ولو ترهبت المرأة ففي جواز سبيها عندهم وجهان بناء على القولين في جواز قتل الراهب ولا يقتل رسول الكافر روى العامة عن بن مسعود إن رجلين أتيا النبي صلى الله عليه وآله رسولين لمسيلمة فقال لهما أشهدا إني رسول الله فقالا نشهد ان إن مسيلمة رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وآله لو كنت قاتلا رسولا لضربت عنقكما والفلاح يقتل عندنا للعموم لأنه يطلب منه الاسلام وبه قال الشافعي خلافا لأحمد. مسألة. إذا نزل الامام على بلد جاز له محاصرته بمنع السابلة دخولا وخروجا ومحاصرتهم في القلاع والحصون وتشديد الامر عليهم لقوله تعالى " واحصروهم " وحاصر رسول الله صلى الله عليه وآله أهل الطايف شهرا ولأنهم ربما رغبوا في الاسلام وعرفوا محاسنه وكذا يجوز نصب المناجيق على قلاعهم ورمى الاحجار وهدم الحيطان وإن كان فيهم النساء والصبيان لان النبي صلى الله عليه وآله نصب على أهل الطايف منجنيقا وكان فيهم نساء وصبيان رواه العامة و (من طريق صح) الخاصة رواية حفص بن غياث قال كتبت إلى بعض إخواني أن أسأل أبا عبد الله (ع) عن مدينة من مداين الحرب هل يجوز أن يرسل عليهم الماء ويحرقون بالنيران أو يرمون بالمنجنيق حتى يقتلوا وفيهم النساء والصبيان والشيخ الكبير والأسارى من المسلمين والتجار فقال يفعل ذلك ولا يمسك عنهم لهؤلاء ولا دية عليهم ولا كفارة ولأنه في محل الضرورة فكان سايغا ونهى النبي صلى الله عليه وآله عن قتل النساء والصبيان مصروف إلى قتلهم صبرا لأنه (ع) رماهم بالمنجنيق في الطايف ويجوز تخريب حصونهم وبيوتهم لان النبي صلى الله عليه وآله خرب حصون بنى النضير وخيبر وهدم ديارهم. مسألة. يجوز قتل المشركين كيف اتفق كإلقاء النار إليهم وقذفهم بها ورميهم بالنفط مع الحاجة عند أكثر العلماء خلافا لبعضهم لان أبا بكر أمر بتحريق أهل رده وفعله خالد بن الوليد بأمره ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) يفعل ذلك لما سئل عن إحراقهم بالنار وهل يجوز مع عدم الحاجة ظاهر كلام الشيخ (ره) يقتضيه لأنه سبب في هلاكهم كالقتل بالسيف ومنع بعض العامة منه لما رواه حمزة الأسلمي إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمره على سرية قال فخرجت فيها فقال إن أخذتم فلانا حرقوه بالنار فوليت فناداني فرجعت فقال إن أخذتم فلانا فاقتلوه ولا تحرقوه فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار وهو غير محل النزاع لأنه لا يجوز قتل الأسير بغير السيف وكذا يجوز تغريقهم بإرسال الماء إليهم وفتح الثبوق؟ عليهم لكن يكره مع القدرة عليهم بغيره وهل يجوز القاء السم في بلادهم منع الشيخ منه لان النبي صلى الله عليه وآله نهى أن يلقى السم في بلاد المشركين والأقوى الجواز ويحمل النهى على الكراهة وبالجملة يجوز قتالهم بجميع أسباب القتل كرمى الحياة القواتل والعقارب وكلما فيه ضرر. مسألة. يكره تبييت العدو غارين ليلا وإنما يلاقون بالنهار ولو احتيج إليه فعل لما روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا طرق العدو ليلا لم يغز (يغر) حتى يصبح ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ما بيت رسول الله صلى الله عليه وآله عدوا قط ليلا. إذا عرفت هذا فيستحب أن يكون القتال بعد الزوال لأنه ربما يحضر وقت صلاة الظهر فلا يمكنهم أداؤها بخلاف العشائين لانهم يمتنعون عن القتال بدخول الليل وقال الصادق (ع) كان علي (ع) لا يقاتل حتى تزول الشمس ويكره قطع الشجر والنخل ولو احتاج إليه جاز في قول عامة العلماء خلافا لأحمد لقوله تعالى " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله " قال بن عباس اللنية النخلة غير الجعرور وما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله قطع الشجر بالطايف ونخلهم وقطع النخل بخيبر وقطع شجر بنى المصطلق