فخربت نقلت عمارتها إلى موضع آخر كان الميقات موضع الأولى وان انتقل الاسم إلى الثانية لان الحكم تعلق بذلك الموضع فلا يزول عنه بخرابه وقد روى أن سعيد بن جبير رأى رجلا يريد ان يحرم من ذات عرق فأخذ بيده حتى أخرجه من البيوت وقطع به الوادي وأتى به المقابر ثم قال هذه ذات عرق الأولى مسألة لو سلك طريقا لا يؤدى إلى شئ من المواقيت روى العامة عن عمر لما قالوا له وقت لأهل المشرق قال ما حيال طريقهم قالوا قرن المنازل قال قيسوا عليه فقال قوم بطن العقيق وقال قوم آخرون ذات عرق فوقت عمر ذات عرق ومن طريق الخاصة ما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال من أقام بالمدينة وهو يريد الحج شهرا أو نحوه ثم بدا له ان يخرج من غير طريق المدينة فإذا كان حذاء الشجرة مسيرة ستة أميال فليحرم منها ولو لم يعرف محاذاة الميقات المقارب لطريقة احتاط وأحرم من بعد بحيث يتيقن انه لم يجاوز الميقات إلا محرما ولا يلزمه الاحرام حتى يعلم أنه قد حاذاه أو يغلب على ظنه ذلك لان الأصل عدم الوجوب فلا يجب بالشك ولو أحرم بغلبته الظن بالمحاذات ثم علم أنه قد جاوز ما يحاذيه من الميقات غير محرم الأقرب عدم الوجوب الرجوع لأنه فعل ما كلف به من اتباع الظن فكان مجزيا ولو مر على طريق لم يحاذ ميقاتا ولا جازيه قال بعض الجمهور يحرم مرحلتين فإنه أقل المواقيت وهو ذات عرق ويحتمل انه يحرم من أدنى الحل مسألة أهل مكة يحرمون للحج من مكة وللعمرة من أدنى الحل سواء كان مقيما بمكة أو غير مقيم لان كل من أتى على ميقات كان ميقاتا له ولا نعلم في ذلك خلافا ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وآله عبد الرحمن بن أبي بكر ان يعمر عايشة من التنعيم وكانت بمكة وإنما لزم الاحرام من الحل ليجمع في النسك بين الحل والحرم فإنه لو أحرم من الحرم لما جمع بينهما فيه لان أفعال العمرة كلها في الحرم بخلاف الحج فإنه يفتقر إلى الخروج إلى عرفه فيجتمع له الحل والحرم والعمرة بخلاف ذلك ومن أي الحل أحرم جاز كما أن المحرم من مكة يحرم من أي موضع شاء منها لان المقصود من الاحرام الجمع في النسك بين الحل والحرم وعن أحمد رواية ان من اعتمر في أشهر الحج من أهل مكة انه يهل بالحج من الميقات فإن لم يفعل فعليه دم وان أحرم بالعمرة من الحرم لم يجزئه خلافا للعامة فإنهم جوزوه وأوجبوا عليه الدم لتركة الاحرام من الميقات ثم إن خرج إلى الحل قبل الطواف ثم عاد أجزأه لأنه قد جمع بين الحل والحرم وان لم يخرج حتى قضى عمرته صح أيضا عندهم لأنه قد أتى بأركانها وإنما أخل بالاحرام من ميقاتها وقد جبره وهذا قول أبي ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي واحد قولي الشافعي والقول الثاني لا تصح عمرته لأنه نسك فكان من شرطه الجمع بين الحل والحرم كالحج فعلى هذا وجود هذا الطواف كعدمه وهو باق على إحرامه حتى يخرج إلى الحل ثم يطوف بعدد ذلك ويسعى وان حلق قبل ذلك فعليه دم مسألة من لا يريد النسك لو تجاوز الميقات فإن لم يرد دخول الحرم بل أراد حاجة فيما سواه فهذا لا يلزمه الاحرام إجماعا ولا شئ عليه في ترك الاحرام لان النبي صلى الله عليه وآله أتى هو وأصحابه بدرا مرتين وكانوا يسافرون للجهاد وغيره فيمرون بذى الحليفة فلا يحرمون ولا يرون بذلك بأسا ثم لو تجدد له عزم الاحرام احتمل الرجوع إلى الميقات والاحرام منه وهو قول إسحاق واحدى الروايتين عن أحمد وفى الأخرى يحرم من موضعه ولا شئ عليه وبه قال مالك والثوري والشافعي وأبو يوسف ومحمد وأما إن أراد دخول الحرم إما إلى مكة أو إلى غيرها فأقسامه ثلاثة الأول من يدخلها لقتال مباح أو من خوف أو محاجة متكررة كالحشاش والحطاب وناقل الميرة ومن كانت له ضيعة يتكرر دخوله وخروجه إليها فهؤلاء لا حرام عليهم لان النبي صلى الله عليه وآله دخل يوم الفتح مكة حلالا وعلى رأسه المغفر وكذا أصحابه ولان في ايجاب الاحرام على من يتكرر دخوله مشقة عظيمة لاستلزامه ان يكون محرما في جميع زمانه و بهذا قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة لا يجوز لاحد دخول الحرم بغير إحرام إلا من كان دون الميقات لأنه تجاوز الميقات مريدا للحرم فلم يجز بغير إحرام كغيره والشافعي استدل بأن النبي صلى الله عليه وآله دخل يوم الفتح مكة وعلى رأسه عمامة سوداء إذا عرفت هذا فلو أراد هذا النسك بعد مجاوزته الميقات رجع وأحرمه منه فإن لم يتمكن أحرم من موضعه وقال العامة يحرم من موضعه مطلقا الثاني من لا يكلف بالحج كالصبي والعبد والكافر إذا أسلم بعد مجاوزة الميقات أو بلغ الصبى أو عتق العبد وأراد الاحرام فإنهم يخرجون إلى الميقات ويحرمون منه فإن لم يتمكنوا أحرموا من موضعهم وقالت العامة يحرمون من موضعهم ثم اختلفوا فقال الشافعي على كل واحد منهم دم وقال عطا ومالك والثوري والأوزاعي وإسحاق واحمد لا دم عليهم وقال أصحاب الرأي لا دم في الكافر يسلم والصبي يبلغ وأما العبد فعليه دم الثالث المكلف الداخل لغير قتال ولا حاجة متكررة لا يجوز له تجاوز الميقات غير محرم وبه قال أبو حنيفة وبعض أصحاب الشافعي وقال بعضهم لا يجب الاحرام عليه وعن أحمد روايتان لابن عمر دخلها بغير إحرام ولأنه أحد الحرمين فلا يجب الاحرام لدخوله كحرم المدينة والحق خلافه لأنه لو نذر دخولها لزمه الاحرام ولو لم يكن واجبا لم يجب بنذر الدخول كساير البلدان إذا ثبت هذا فمتى أراد هذا الاحرام بعد تجاوز الميقات رجع فأحرم منه أحرم من دونه مع القدرة لم يجزئه ولو لم يتمكن أحرم من موضعه مسألة لو دخل الحرم من غير إحرام من يجب عليه الاحرام وجب عليه الخروج والاحرام من الميقات فان حج والحال هذه بطل حجه وجب عليه القضاء والشافعي أوجب القضاء لأنه أخل بركن من أركان الحج فوجب عليه الإعادة وقال أبو حنيفة تجب عليه ان يأتي بحجة أو عمرة فان أتى بحجة الاسلام في سنته أو منذورة أجزأته عن عمرة الدخول استحسانا لان مروره على الميقات مريدا للاحرام فإذا لم يأت به وجب قضاؤه كالنذر وقال احمد لا قضاء عليه لان الاحرام شرع لتحية البقعة فإذا لم يأت به سقط كتحية المسجد وليس بجيد لان تحية المسجد غير واجبة ولو تجاوز الميقات ورجع ولم يدخل الحرم فلا قضاء عليه بلا خلاف نعلمه سواء أراد النسك أو لم يرده ومن كان منزله دون الميقات خارجا من الحرم فحكمه في مجاوزة قريته؟ إلى ما يلي الحرم حكم المجاوز للميقات في الأحوال الثلاث السابقة لان موضعه ميقاته فهو في حقه كالمواقيت الخمسة في حق الآفاقي مسألة إذا ترك الاحرام من الميقات عامدا أثم ووجب عليه الرجوع إليه والاحرام منه فإن لم يتمكن من الرجوع بطل حجه ولو تركه ناسيا أو جاهلا وجب عليه الرجوع مع القدرة وإن لم يتمكن أحرم من موضعه إن لم يتمكن من الخروج إلى خارج الحرم سواء خشى فوات الحج برجوعه إلى الميقات أم لا وقالت العامة يحرم من موضعه وابن جبير وافقنا لأنه ترك ركنا من أركان الحج واحتجاج العامة على أنه ليس بركن باختلاف الناس والأماكن ولو كان ركنا لم يختلف كالوقوف والطواف والملازمة ممنوعة ويستحب أن يحرم من ميقات أو يحرم من أول جزء ينتهى إليه منه ويجوز أن يحرم من آخره لوقوع الاثم عليه ومن سلك طريقا لا يفضى إلى هذه المواقيت في بر أو بحر فقد قلنا إن ميقاته حيث يحاذي واحدا منها ولو حاذى ميقاتين فأظهر وجهي الشافعية انه يحرم من الموضع المحاذي لا بعدهما والثاني يتخير مسألة قد بينا فيما تقدم أنواع الحج وإنها ثلاثة تمتع وقران وإفراد وإن الافراد أن يأتي بالحج وحده من ميقاته وبالعمرة مفردة من ميقاتها في حق الحاضر بمكة ولا يلزمه العود إلى ميقات بلده عند الشافعي وعن أبي حنيفة إن عليه أن يعود وعليه دم الإساءة لو لم يعد والقرآن عند الشافعي أن يحرم للحج والعمرة معا ويأتي بأعمال الحج فتحصل العمرة أيضا ويتحد الميقات والفعل وعند أبي حنيفة يأتي بطوافين وسعيين ولو أحرم بالعمرة أولا ثم ادخل عليها الحج لم يجز عندنا وقال الشافعي إن أدخله في غير أشهر الحج فهو لغو وإدخال العمرة بحاله وإن أدخله عليها في أشهر الحج فإن كان إحرامه بالعمرة قبل أشهر الحج ثم أراد إدخال الحج عليها في الأشهر ليكون قارنا فوجهان أحدهما لا يجوز لأنه إنما يدخل في الحج من وقت احرامه به ووقت إحرامه صالح للحج فعلى هذا له أن يجعله حجا بعد دخول الأشهر وأن يجعله قرانا والثاني لا يجوز لان ابتداء الاحرام متلبس بإحرام ولذلك لو ارتكب سطورا؟ لم يلزمه إلا فدية واحدة فلو انعقد الحج وابتداء الاحرام سابق على الأشهر لانعقد الاحرام بالحج قبل أشهره فعلى هذا لا يجوز أن يجعله حجا
(٣٢٢)