كساير المحظورات أو ينزعه من أسفل ولو لم ينزعه وجب الفداء لأنه ترفه بمحظور في إحرامه فوجبت الفدية وقال الشافعي ينزعه من رأسه وهو غلط لاشتماله على تغطية الرأس المحرمة ولأنه قول بعض التابعين ويجب به الفدية إن قلنا إنه يغطيه ولو لبس ذاكرا وجبت الفدية بنفس اللبس سواء استدامه أو لم يستدمه وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة أو لا إن استدام اللبس أكثر النهار وجبت الفدية وإن كان أقل فلا وقال أخيرا إن استدامه طول النهار وجبت الفدية وإلا فلا لكن فيه صدقة وعن أبي يوسف روايتان كقولي أبي حنيفة والحق ما قلناه لقوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك معناه فمن كان منكم مريضا فلبس وتطيب أو حلق بلا خلاف فعلق الفدية بنفس الفعل دون الاستدامة مسألة لو لبس عامدا وجبت الفدية على ما تقدم سواء كان مختارا أو مضطرا لأنه ترفه بمحظور لحاجته فكان عليه الفداء كما لو حلق لاذى أما لو اضطر إلى لبس الخفين والجوربين فليلبسهما ولا شئ عليه لقول الصادق عليه السلام رأى محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله أن يلبس الخفين إذا اضطر إلى ذلك و يلبسهما إذا اضطر إلى لبسهما ولو لبس قميصا وعمامة وخفين وسراويل وجب عليه لكل واحد فدية لان الأصل عدم التداخل خلافا لأحمد ولو لبس ثم صبر ساعة ثم لبس شيئا آخر ثم لبس بعد ساعة أخرى وجب عليه عن كل لبسة كفارة سواء كفر عن المتقدم أو لم يكفر قال الشيخ (ره) لان لبسه تستلزم كفارة إجماعا والتداخل يحتاج إلى دليل وقال الشافعي إن كفر عن الأول لزمه كفارة ثانية قولا واحدا وإن لم يكفر فقولان في القديم يتداخل وبه قال محمد والجديد بتعدد وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف تذنيب ولو لبس ثيابا كثيرة دفعة واحدة وجب عليه فداء واحد ولو كان في مرات متعددة وجب عليه لكل دم ثوب لان لبس كل ثوب يغاير لبس الثوب الاخر فيقتضى كل واحد مقتضاه من غير تداخل ولان محمد بن مسلم سأل الباقر عليه السلام عن المحرم إذا احتاج إلى ضروب من الثياب فلبسها قال عليه لكل صنف منهما فداء مسألة لو لبس ناسيا أو جاهلا ثم ذكر أو علم فنزع لم يكن عليه شئ قاله علمائنا وبه قال عطا والثوري والشافعي واحمد وإسحاق وابن المنذر لما رواه العامة عن يعلى بن أمية إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وهو بالجعرانه وعليه جبة وعليه أثر خلوق أو قال أثر صغرة فقال يا رسول الله كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي قال أخلع عنك هذه الجبة وأغسل عنك أثر الخلوق أو قال أثر الصغرة واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك وفى رواية أخرى يا رسول الله صلى الله عليه وآله أحرمت بالعمرة وعلى هذه الجبة فلم يأمره بالفدية ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام في الصحيح من نتف إبطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شئ ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة ولان الحج عبادة تجب بإفسادها الكفارة فكان من محظوراته ما يفرق بين عمده وسهوه كالصوم ولان الكفارة عقوبة تستدعى ذنبا ولا ذنب مع النسيان وقال أبو حنيفة والليث والثوري ومالك واحمد في رواية عليه الفدية لأنه هتك حرمة الاحرام فاستوى عمده وسهوه كحلق الشعر وتقليم الأظفار وقتل الصيد ونمنع الهتك ووجود الحكم في غير الصيد والفرق بأن الأصل يضمن الاتلاف بخلاف صورة النزاع فإنه نرفه يمكن إزالته والمكره حكمه حكم الناس والجاهل لأنه غير مكلف فلا يحصل منه ذنب فلا يستحق عقوبة ولقوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطاء والنسيان وما استكرهوا عليه ولو علم الجاهل كان حكمه حكم الناسي إذا ذكر ولو اضطر المحرم إلى لبس المخيط لاتقاء الحر أو البرد لبس وعليه شاة للضرورة الداعية فلو لا إباحته لزم الحرج وأما الكفارة فللترفه بالمحظور فكان كحلق الرأس لاذى ولقول الباقر عليه السلام في الصحيح في المحرم إذا احتاج إلى ضرر ومن الثياب فلبسها قال عليه لكل صنف منها فداء مسألة من غطى رأسه وجب عليه دم شاة إجماعا وكذا لو ظلل على نفسه حال مسيره خلافا لبعض العامة وقد تقدم لأنه ترفه بمحظور فلزمه الفداء كما لو حلق رأسه ولان محمد بن إسماعيل روى في الصحيح قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الظل للمحرم من أذى من مطر أو شمس فقال أرى أن يفديه بشاة يذبحها بمنى ولو فعل ذلك للحاجة أو الضرورة وجب عليه الفداء لأنه ترفه بمحظور فأشبه حلق الرأس لاذى ولا فرق بين أن يغطى رأسه بمخيط كالقلنسوة أو غيره كالعمامة والخرقة ولو بطين أو يستره بستر وغيره ولو فعل ذلك ناسيا أزاله إذا ذكر ولا شئ عليه لان حريزا سأل الصادق عليه السلام عن محرم غطى رأسه ناسيا قال يلقى القناع عن رأسه ويلبى ولا شئ عليه ولا فرق بين أن تمس المظلة رأسه أو لا ولو توسد بوسادة أو بعمامة مكررة فلا بأس البحث الثاني فيما يجب بالطيب والادهان مسألة أجمع العلماء على أن المحرم إذا تطيب عامدا وجب عليه دم لأنه ترفه بمحظور فيلزمه الدم كما لو ترفه بالحلق ولقول الباقر عليه السلام من أكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم شاة وإن كان ناسيا فلا شئ عليه ويستغفر الله وهو تاليه ولا فرق بين أن يستعمل الطيب أكلا أو إطلاء أو صبغا أو بخورا وفى طعام إجماعا ولا بأس بخلوق الكعبة وإن كان فيه زعفران لان يعقوب بن شعيب سأل في الصحيح الصادق المحرم يصيب ثيابه الزعفران من الكعبة قال لا يضره ولا يغسله مسألة لا فرق بين الابتداء والاستدامة في وجوب الكفارة فلو تطيب ناسيا ثم ذكر وجب عليه إزالة الطيب فإن لم يفعل مع القدرة وجب عليه الدم لان الترفه يحصل بالاستدامة كالابتداء والكفارة يجب بنفس الفعل فلو تطيب عامدا ثم أزاله بسرعة وجبت الكفارة وإن لم يستدم الطيب ولا نعلم فيه خلافا ووافقنا فيه أبو حنيفة وإن كان قد نازعنا في اللبس ولا فرق في وجوب الكفارة بين الطعام الذي فيه طيب مسه النار أو لم تمسه وقال مالك إن تمسه النار فلا فدية وسواء أبقى الطعام على وصفه من طعم أو لون أو ريح أو لم يبق وقال الشافعي إن كانت أوصافه باقية من طعم أو لون أو رايحة فعليه الفدية وإن بقى له وصف ومعه رايحة ففيه الفدية قولا واحدا وإن لم يبق غير لونه ولم يبق ريح ولا طعم قولان أحدهما كما قلناه والثاني لا فدية فيه وإذا طيب عامدا أو ناسيا وذكر وجب عليه غسله ويستحب به أن يستعين في غسله بحلال ولو غسله بيده جاز لأنه ليس بمتطيب بل تارك للطيب كالغاصب إذا خرج من الدار المغصوبة على عزم الترك للغصب ولان النبي صلى الله عليه وآله قال للذي رأى عليه طيبا أغسل عنك الطيب ولو لم يجد ماء يغسله وبه وجد ترابا مسحه به أو بشئ من الحشيش أو ورق الشجر لان الواجب إزالته بقدر الامكان ويقدم غسل الطيب على الطهارة لو قصر عنهما وتيمم لان للطهارة بدلا ولو أمكنه قطع الطيب بشئ غير الماء فعله وتوضأ بالماء ويجوز له شراء الطيب وبيعه إذا لم يشمه ولا يلبسه كما يجوز له شراء المخيط والإماء مسألة إنما تجب الفدية باستعمال الطيب عمدا فلو استعمله ناسيا أو جاهلا بالتحريم لم يكن عليه فدية ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي لما رواه العامة إن أعرابيا جاء النبي صلى الله عليه وآله بالجعرانه وعليه مقطعة له وهو مضنح بالخلوق فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله أحرمت وعلى هذه فقال له النبي إنزع الجبة واغسل الصفرة ولم يأمره بالفدية ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام من أكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم وإن كان ناسيا فلا شئ عليه ويستغفر الله ويتوب إليه مسألة لو استعمل دهنا طيبا وجب عليه دم شاة ولا شئ على الناسي لان معاوية بن عمار روى في الصحيح في محرم كانت به فرخه فداواها بدهن بنفسج فقال إن كان فعله جهالة فعليه طعام مسكين وإن كان تعمدا فعليه دم شاة يهريقه ومعاوية ثقة لا يقول ذلك إلا تلقينا البحث الثالث فيما يجب بالحلق وقص الظفر مسألة أجمع العلماء على وجوب الفدية بحلق المحرم رأسه متعمدا قال الله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك وروى العامة إن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لكعب بن عجزه لعلك أذاك هوامك قال نعم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو انسك شاة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام مر رسول الله صلى الله عليه وآله على كعب بن عجرة الأنصاري والقمل يتناثر من رأسه فقال أتؤذيك هوامك فقال
(٣٥٣)