بمقصود وظهر الخلاف فلا خيار كما لو شرط السبط أو الجهل ولو شرط الحلب كل يوم شيئا معلوما أو طحن الدابة قدرا معينا لم يصح ولو شرطها حاملا صح وإن شرطها حايلا فظهر حملها فإن كانت أمة تخير وفي الدابة إشكال من حيث الزيادة والعجز عن حمل ما يحتاج إليه. المطلب الثالث. في اللواحق. مسألة. لو ادعى البايع التبري من العيوب وأنكر المشترى قدم قول المشترى مع اليمين وعدم البينة لان الانكار مقدم لاعتضاده بالأصل فحينئذ يسترد الثمن ويدفع البيع إلى بايعه إن لم يتصرف إن شاء وإن شاء أخذ الأرش وإن كان قد تصرف فله الأرش خاصة. مسألة. لو اختلفا في قدم العيب عند البايع وحدوثه عند المشترى فيدعى البايع بعد ظهور حدوثه عند المشترى ويدعى المشترى سبقه على العقد أو القبض فإن أمكن الاستعلام من شاهد الحال عول عليه وذلك بأن يكون العيب مثلا إصبعا زايدة أو جراحة مندملة وزمان الابتياع يسير لا يمكن تجدد هذه الأشياء بعده قدم قول المشترى عملا بشاهد الحال ولا حاجة هنا إلى اليمين للعلم بصدقه وإن كان العيب مما لا يمكن قدمه مثل أن يشتريه منذ عشر سنين مثلا ويظهر قطع اليد مع طراوة الدم أو جرح معه فإنه يقدم قول البايع من غير يمين أيضا للعلم بصدقه وإن احتمل الأمران كالحرق و الجراح الذي يمكن تجدده عند كل منهما بحث لا يمضى زمان يتيقن البرء وفيه قبل العقد ولا يقصر الزمان المتخلل بين العقد وظهوره عنه فإن كان هناك بينة تشهد لأحدهما حكم له بها وإن لم يكن هناك بينة تشهد بشئ قدم قول البايع مع يمينه لأصالة السلامة في المبيع حالة العقد وأصالة صحة العقد ولزومه وعدم تطرق التزلزل بالخيار إليه فكان الظاهر معه ولو أقاما بينة حكم لبينة المشترى لان القول قول البايع لأنه منكر والبينة على المشترى وإذا توجهت اليمين على البايع لعدم البينة فإن حلف قضى له بالثمن ولزوم العقد وإن نكل فهل يقضى بمجرد نكوله أو يفتقر إلى يمين الخصم الأقوى الثاني وإذا حلف البايع كيف يحلف إن كان قال في جواب المشترى لما ادعى أن بالمبيع عيبا كان قبل البيع أو قبل القبض وأراد الرد ليس على الرد بالعيب الذي يذكره أو لا يلزمني قبوله حلف على ذلك ولا يكلف التعرض لعدم العيب يوم البيع ولا يوم القبض لجواز أن يكون قد أقبضه معيبا والمشترى عالم به أو رضي به بعد البيع لو نطق به لصار مدعيا وطوله بالبينة وليس له بينة حاضرة وإن قال في الجواب ما بعته إلا سليما أو ما أقبضته إلا سليما فهل يلزمه الحلف كذلك أو يكفيه الاقتصار على أنه لا يستحق الرد ولا يلزمني قبوله لعلمائنا قولان أحدهما أنه يكفيه الجواب المطلق كما لو اقتصر عليه والثاني إنه يلزمه التعرض كما تعرض له في الجواب ليكون اليمين مطابقا للجواب ولو كان له غرض في الاقتصار على الجواب المطلق اقتصر عليه في الجواب وللشافعية كالقولين وهذا يتأتى في جميع الدعاوى كما لو ادعى إنه غصبه ثوبا معينا فأجاب بأنه لا يستحق شيئا سمع منه ولو قال منا غصبته فإن حلف عليه صح وإن حلف على عدم الاستحقاق فالوجهان وإذا حلف البايع فإنما يحلف على القطع وألبت فيقول بعتك ولا عيب به ولا يحلف على نفى العلم فيقول مثلا بعته ولا أعلم عيبا ويجوز الحلف هنا على القطع إذا كان قد اختبره حال العقد واطلع على خفايا أمره كما يجوز أن يشهد بالاعسار وعدالة الشاهد وغيرهما مما يكتفى فيه بالاختبار الظاهر وعند عدم الاعتبار يجوز الاعتماد على ظاهر السلامة إذا لم يعرف ولا ظن خلافه قال به بعض الشافعية وعندي فيه نظر أقربه الاكتفاء باليمين على نفى العلم. مسألة. لو ادعى المشترى إن بالمبيع عيبا وأنكرها البايع فالقول قوله لان الأصل دوام العقد والسلامة ولو اختلفا في وصف من الأوصاف هل هو عيب أم لا قدم قول البايع مع يمينه إذا لم يعرف الحال من الغير ولو قال واحد من أهل العلم له إنه عيب يثبت الرد لم يعتد به بل لابد من اثنين عدلين وللشافعية قولان أحدهما انه يكفي الواحد ولو ادعى البايع علم المشترى بالعيب أو تقصيره في الرد فالقول قول المشترى لأصالة عدم العلم وعدم التقصير وبه قال الشافعي. مسألة. لو كان معيبا عند البايع ثم زال العيب بعد البيع ثم أقبضه وقد زال عيبه فلا رد لعدم موجبه وسبق العيب لا يوجب خيارا كما لو سبق على العقد وزال قبله بل مهما زال العلم أو بعده قبل الرد سقط حق الرد ولو قبض بعض المبيع ثم حدث في الباقي عيب عند البايع قبل قبضه فهو من ضمان البايع لأنه ضامن للجميع فالبعض أولي فيثبت للمشترى الخيار بين الأرش وبين رد الجميع وليس له رد المعيب خاصة لان في ذلك تشقيصا وهو عيب. مسألة. لو باع الوكيل فوجد المشترى به عيبا يوجب الرد رده على الموكل لأنه المالك والوكيل نائب عنه بطلت وكالته بفعل ما أمر به فلا عهدة عليه ولو تناكر الموكل والمشترى في قدم العيب وحدوثه لم يقبل إقرار الوكيل على موكله بقدم العيب مع إمكان حدوثه فإن رده المشترى على الوكيل لجهله بالوكالة لم يملك الوكيل رده على الموكل لبراءته باليمين ولو أنكر الوكيل حلف فإن نكل فرد عليه احتمل عدم رده على الموكل لاجرائه مجرى الاقرار وثبوته لرجوعه قهرا كما لو رجع بالبينة. مسألة. لو رد المشترى السلعة لعيب فأنكر البايع إنها سلعته قدم قوله مع اليمين وعدم البينة لأصالة براءة ذمته من المطالبات ولو ردها المشترى بخيار فأنكر البايع إن سلعته احتمل المساواة عملا بأصالة البراءة ويقدم قول المشترى مع اليمين وعدم البينة لاتفاقهما على استحقاق الفسخ بخلاف العيب. المقصد الرابع. في بقايا تقاسيم البيع وفيه فصلان الفصل الأول في المرابحة وتوابعها البيع ينقسم باعتبار ذكر الثمن وعدمه إلى أقسام أربعة لان البايع إما أن لا يذكر الثمن الذي اشتراه به وهو المساومة وإما أن يذكره فإما أن يزيد عليه وهو المرابحة أو ينقص منه وهو المواضعة أو يطلب المساواة وهو التولية وباعتبار التأخير والتقديم في أحد العوضين إلى أربع أقسام بيع الحاضر بالحاضر وهو النقد وبيع المؤجل بالمؤجل وهو بيع الكالي بالكالي وبيع الحاضر بالثمن المؤجل وهو بيع النسية وبيع المؤجل بالثمن الحاضر وهو السلف فلنشرع في مسائل الفصل الأول بعون الله تعالى ثم نتبعه بمسائل الفصل الثاني بتوفيقه تعالى وفي الفصل الأول بحثان الأول في المرابحة. مسألة. الأقسام الأربعة وهي المساومة والمواضعة والمرابحة والتولية جايزة عندنا إجماعا إذ لا يجب على البايع ذكر رأس ماله بل له أن يبيع بأزيد مما اشتراه أضعافا مضاعفة أو أقل ولا نعلم فيه خلافا وأما بيع المرابحة فإن نسب الربح إلى المال كان مكروها ليس باطلا عند علمائنا وذلك بأن يقول اشتريت هذه السلعة بمائة وبعتكها بمائة وربح كل عشرة درهم فيكون الثمن مائة وعشرة دراهم وهذا هو المشهور عند الجمهور وبيع المرابحة أعنى نسبة الربح إلى الثمن وهو جايز على كراهية وهو مروى عن عبد الله بن عباس وابن عمر لأنه قد لا يعلم قدر الثمن حالة العقد ويحتاج في معرفته إلى الحساب ولان العلا سأل الصادق (ع) في الرجل يريدان يبيع البيع فيقول بده دوازده أو ده يازده فقال لا بأس إنما هذه المراوضة فإذا جمع البيع جعله جملة واحدة وقال الصادق (ع) إني أكره بيع عشرة أحد عشر وعشرة إثنا عشر ونحو ذلك من البيع ولكن أبيعك بكذا وكذا مساومة وقال أتاني متاع من مصر فكرهت أن أبيعه كذلك وعظم على فبعته مساومة وقال الصادق (ع) إني أكره بيع (ده بيازده وده دوازده ولكن أبيعك بكذا لما فيه من مشابهة الربا وإنما قلنا بانتفاء التحريم لما تقدم وبالأصل ويقول علي بن سعيد سأل الصادق (ع) عن رجل يبتاع ثوبا يطلب منه مرابحة ترى بيع المرابحة بأسا إذا صدق في المرابحة وسمى ربحا دانقين أو نصف درهم فقال لا بأس وقال إسحاق بن راهويه هذا البيع لا يجوز لان الثمن مجهول حالة العقد فلا يجوز كما لو باع بما يخرج به الحساب وهو ممنوع فإن رأس المال معلوم والربح معلوم فوجب أن يجوز كما لو قال بعتك بمائة وربح عشرة دراهم وقوله ينتقص بما إذا قال بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم وهي مجهولة فإنه يجوز عنده لما كانت مجهولة الجملة معلومة عند التفصيل بخلاف ما يخرج به الحساب لأنه مجهول في الجملة والتفصيل معا
(٥٤١)