القربة وهنا لم يزل عن جميعه البحث الثاني في كيفية التقسيط مسألة يجوز تخصيص بعض الأصناف بجميع الزكاة بل يجوز دفعها إلى واجد وإن كثرت ولا يجب بسطها على الجميع عند علمائنا أجمع وبه قال الحسن البصري والثوري وأبو حنيفة واحمد وهو أيضا قول عمر وحذيفة وابن عباس وسعيد بن جبير والنخعي وعطا والثوري وأبو عبيد لقوله (ع) أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم أخبر بأنه مأمور برد جملتها في الفقراء وهم صنف واحد لم يذكر سواهم ثم أتاه بعد ذلك مال فجعله في صنف ثان سوى الفقراء وهم المؤلفة قلوبهم الأقرع بن حابس وعيينة بن حصين وعلقمة بن علابة وزيد الخيل قسم فيهم ما بعثه علي (ع) من اليمن ثم أتاه مال صنف اخر فجعله في صنف اخر لقوله لقبيصة بن المخارق حين تحمل حمالة واتاه فسأله فقال له (ع) أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها وفى حديث سلمة بن صخر البياضي انه أمر له بصدقة قومه ولو وجب صرفها إلى الثمانية لم يجز دفعها إلى واحد ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقة أهل البوادي فيهم وصدقة أهل الحضر في السفر ولا يقسمها بينهم بالسوية إنما يقسمهم على قدر من يحضره منهم قال وليس في ذلك شئ موقت ولأنها لا يجب صرفها إلى جميع الأصناف إذا أخذها الساعي فلم يجب دفعها إليهم إذا فرقتها المالك كما لو لم يجد إلا صنفا واحدا ولان القصد سد الخلة ودفع الحاجة وذلك يحصل بالدفع إلى بعضهم فأجزأ كالكفارات وقال عكرمة والشافعي إن دفعها إلى الامام فقد برئت ذمته والامام يفرقها على الأصناف السبعة سوى العاملين لسقوط حقه بانتفاء علمه وإن كان السبعة موجودين والا دفعها إلى الموجودين من الأصناف يقسمها منهم لكل صنف نصيبه سواء قلوا أو كثروا على السواء وان دفعها إلى الساعي عزل الساعي حقه لأنه عامل وفرق الباقي على الأصناف السبعة وان فرقها بنفسه سقطه نصيب العامل أيضا وفرقها على باقي الأصناف ولا يجزئه ان يقتصر على البعض ثم حصة كل صنف منهم لا تصرف إلى الأقل من ثلاثة ان وجد منهم ثلاثة وبه قال عمر بن عبد العزيز والزهري وعثمان البتي و عبد الله ابن الحسن العنبري لقوله تعالى إنما الصدقات للفقراء الآية فجعلها لهم بلام التمليك وعطف بعضهم على بعض بواو التشريك وذلك يوجب الاشتراك ونمنع الاختصاص كأهل الخمس والآية وردت لبيان المصرف وحكى عن النخعي ان المال إن كثر بحيث يحتمل الأصناف بسط عليهم وإن كان قليلا جاز وصفه في واحد وقال مالك يتحرى موضع الحاجة منهم وقدم الأولى فالأولى مسألة ويستحب بسطها على جميع الأصناف وهو قول كل من جوز التخصيص أو إلى من يمكن منهم للخلاص من الخلاف وتحصيل الأجزاء يقينا ولتعميم الاعطاء فيحصل شمول النفع ولقول الصادق (ع) كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقة أهل البوادي فيهم وصدقة أهل الحضر في الحضر إذا عرفت هذا فإنه يستحب ترجيح الأشد حاجة في العطية لقول الصادق (ع) ولا يقسمها بينهم بالسوية إنما يقسمها على قدر من يحضره منهم قال وليس في ذلك شئ موقت ولان المقتضى إذا كان في بعض الموارد أشد كان المعلول كذلك وهو المقتضى الحاجة وكذا يستحب تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب لأفضليته ولقول الباقر (ع) أعطهم على الهجرة في الدين والفقه والعقل و يستحب تخصيص غير السائل على السائل بالزيادة لحرمانه في أكثر الأوقات فكانت حاجته أمس غالبا ولقول الكاظم (ع) يفضل الذي لا يسئل على الذي يسأل مسألة ويستحب صرف صدقه المواشي إلى المتجملين ومن لا عادة له بالسؤال وصرف صدقة غيرها إلى الفقراء المدقعين المعتادين بالسؤال لان عادة العرب صرف المواشي على سبيل المنحة إلا شهر والشهرين فربما لا يحصل للمدفوع إليه ذلة في نفسه جريا على عادة العرب ولقول الصادق (ع) إن صدقة الخف والظلف تدفع إلى المتجملين من المسلمين فأما صدقة الذهب والفضة وما كيل بالقفيز وما أخرجت الأرض للفقراء المدقعين قال ابن سنان قلت وكيف صار هذا هكذا فقال لان هؤلاء متجملون يستحيون من الناس فيدفع إليهم أجمل الامرين عند الناس وكل صدقة مسألة ولا حد للاعطاء إلا أنه يستحب أن لا يعطى الفقير أقل ما يجب في النصاب الأول وهو خمسة دراهم أو عشرة قراريط قاله الشيخان وابنا بابويه وأكثر علمائنا لقول الصادق (ع) لا يعطى أحد من الزكاة أقل من خمسة دراهم وقال سلار أقله ما يجب في النصاب الثاني وهو درهم أو قيراطان وبه قال ابن الجنيد ولم يقدره على الهدى ولا الجمهور بقدر وما قلناه على الاستحباب لا الوجوب إجماعا ولقول الصادق (ع) وقد كتب إليه محمد بن أبي الصهبان هل يجوز ان اعطى الرجل من اخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة فقد يشتبه ذلك على فكتب ذلك جايز وأما الأكثر فلا حد له فيجوز اعطاء الفقير غناه دفعة ودفعات بلا خلاف لان المقتضى الحاجة وما دون الغنى حاجة فجازت الصرف فيها ولقول النبي صلى الله عليه وآله خير الصدقة ما أبقت غنى ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) اعطه من الزكاة حيت تغنيه وقوله (ع) إذا أعطيت فاغنه وهل يجوز ان يعطى أكثر من غناه دفعة نص علماؤنا على جوازه مع الحاجة وبه قال أصحاب الرأي لأنه مستحق فجاز صرف الزايد على الغنى إليه كالغنى وقال الشافعي لا يجوز وبه قال الثوري ومالك واحمد وأبو ثور لان الغنى لو كان سابقا منع فيمنع إذا كان مقارنا كالجمع بين الأختين والفرق ظاهر فان السابق مانع بخلاف المقارن البحث الثالث في المكان مسألة لا يجوز نقل الزكاة عن بلدها مع وجود المستحق فيه عند علمائنا أجمع وبه قال عمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير وطاوس والنخعي ومالك والثوري واحمد لقوله (ع) لمعاذ فان أجابوك فأعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقراؤهم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا تحل صدقة المهاجرين للأعراب ولا صدقة الاعراب في المهاجرين ولان الأداء واجب على الفور وهو ينافي المنتقل لاستلزامه التأخير وقال أبو حنيفة يجوز وللشافعي قولان لان التعيين إلى المالك فكما جاز في البلد جاز في غيره وهو ممنوع لما في الثاني من التأخير مسألة لو خالف ونقلها أجزأته في قول علمائنا كافة وهو قول أكثر العلماء لأنه دفع الحق إلى مستحقه فبرئ منه كالدين وكما لو فرقها وعن أحمد روايتان وللشافعي قولان أحدهما هذا والثاني عدم الأجزاء لأنه دفع الزكاة إلى غير من أمر بدفعها إليه أشبه ما لو دفعها إلى غير الأصناف وهو ممنوع لان المدفوع إليه لو حضر البلد أجزأ الدفع إليه إجماعا بخلاف غير الأصناف فروع - آ - إذا كان الرجل في بلد والمال في بلد آخر فالاعتبار بالمال فإذا حال الحول أخرجها في بلد المال وأما زكاة الفطرة فالاعتبار فيها ببلد المخرج لان الفطرة تجب عنه وهو بمنزلة المال وللشافعي في الفطرة وجهان أحدهما هذا والثاني الاعتبار ببلد المال أيضا لان الاخراج منه كزكاة المال - ب - لو نقل زكاة المال مع وجود المستحق والتمكن من التفريق بوجود المستحق فيه ضمن الزكاة لأنه مفرط بنقل المال الممنوع منه وتأخيره مع شهادة الحال بالمطالبة فضمن لأنه عدوان ولقول الصادق (ع) في رجل بعث زكاة ماله لتقسم فضاعت هل عليه ضمانها حتى يقسم فقال إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها وان لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى أهلها فليس عليه ضمان لأنها قد خرجت من يده - ج - الوكيل والوصي والمأمور بالتفريق إذا أخروا ضمنوا لانهم فرطوا بالتأخير ولان زرارة سأل الصادق (ع) عن رجل بعث إليه أخ له زكاته ليقسمها فضاعت فقال ليس على الرسول ولا المودى ضمان قلت فإنه لم يجد لها أهلا ففسدت وتغيرت أيضمنها قال لا ولكن ان عرف أهلا لها فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن حين اخرها - د - لو لم يجد المستحق في بلده جاز النقل اجماعا ولا ضمان لعدم التفريط ولقول الصادق (ع) في الزكاة يبعث بها الرجل إلى بلد غير بلده فقال لا بأس ان يبعث بالثلث أو الربع الشك من الراوي وعن العبد الصالح (ع) يضعها في اخوانه وأهل ولايته قلت فإن لم يحضره منهم أحد قال يبعث بها إليهم وفعل المأمور به لا يستعقب الضمان - ه - هل يجب عليه مع عدم المستحق واختبار النقل القصد إلى أقرب الأماكن إلى بلده
(٢٤٤)