وخاطر بنفسه بما هو أكثر من الثياب في الصف فشارك والثاني لا يسهم له لأنه لم يحضر الاغتنام ولو غنم أهل الكتاب نظر فإن كان الامام أذن لهم في الدخول إلى دار الحرب فالحكم على ما شرطه وإن لم يأذن فغنيمتهم للامام عندنا وقال الشافعي ينتزعه منهم فيرضخ لهم وله قول آخر إنه يقرهم عليه كما لو غلب بعض المشركين على بعض قال ابن الجنيد إذا وقع النفير فخرج أهل المدينة متقاطرون فانهزم العدو وغنم أوايل المسلمين كان كل من خرج أو تهيأ للخروج وأقام في المدينة من المقاتلة لحراستها من مكيدة العدو شركاء في الغنيمة وكذا لو حاصرهم العدو فباشر حربه بعض أهل المدينة إلى أن ظفروه وغنموه إذا كانوا مشتركين في المعونة لهم والحفظ للمدينة وأهلها فإن كان الذين هزموا العدو فلحقوه على ثمان فراسخ من المدينة فقاتلوه وغنموه كان الغنيمة لهم دون من كان في المدينة الذين لم يعاونوهم خارجها . مسألة. اختلف علماؤنا في أولوية موضع القسمة فقال الشيخ (ره) تستحب القسمة في أرض العدو ويكره تأخيرها إلا لعذر من خوف المشركين أو التمكن في الطريق أو قلة علف أو انقطاع ميرة وقال بن الجنيد الاختيار إلينا أن لا نقسم إلا بعد الخروج من دار الحرب ويجوز القسمة في دار الحرب وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي واحمد وأبو ثور وبن المنذر لما رواه العامة عن أبي إسحاق الرازي قال قلت للأوزاعي هل قسم رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا من الغنايم بالمدينة قال لا أعلمه إنما كان الناس يبيعون غنايمهم ويقسمونها في أرض عدوهم ولم ينقل رسول الله صلى الله عليه وآله عن غزاة قط أصاب فيها الغنيمة إلا خمسه وقسمه من قبل أن يقفل من ذلك غزاة بنى المصطلق وهوازن وخيبر ومن طريق الخاصة قول الشيخ (ره) إن رسول الله صلى الله عليه وآله قسم غنايم بدر بشعب من شعاب الصفراء قريب من بدر وكان ذلك دار حرب ولان كل موضع جاز فيه الاغتنام جازت فيه القسمة كدار الاسلام وقال أصحاب الرأي لا يقسم إلا في دار الاسلام لان الملك لا يتم عليها إلا بالاستيلاء التام ولا يحصل ذلك إلا بإحرازها في دار الاسلام ونمنع الكبرى ولو قسمت قال أساء القاسم وجازت قسمته لأنها مسألة اجتهادية ينفذ حكم الحاكم فيها إذا وافق قول بعض المجتهدين واحتجاج بن الجنيد من علمائنا بأن رسول الله صلى الله عليه وآله إنما قسم غنايم خيبر والطايف بعد خروجه من بلادهم إلى الجعرانة لا يدل على مطلوبة لأنها حكاية حال فجاز وقوعها لعذر قال بن الجنيد ولو صارت دار أهل الحرب دار ذمة تجرى فيها أحكام المسلمين فأراد الوالي قسمتها مكانه فعل كما قسم رسول الله صلى الله عليه وآله بعض غنايم خيبر قبل أن يرحل عنهم قال ولو غزا المشركون المسلمين فهزمهم المسلمون وغنموهم قسموا غنايمهم مكانهم إن اختاروا ذلك قبل إدخالها المدن ولو كان المشركون بادية أو متنقلة ولا دار لهم فغزا هم المسلمون فغنموهم كان قسمتها إلى الوالي إن شاء قسمها مكانه وإن شاء قسم بعضها وأخر بعضا كما قسم رسول الله صلى الله عليه وآله المغنم بخيبر. مسألة. يكره للامام أن يقيم الحد في أرض العدو بل يؤخره حتى يعود إلى دار الاسلام ثم يقيم عليه الحد وبه قال أبو حنيفة واحمد لئلا تحمل المحدود الغيرة فيدخل إلى دار الحرب وقال الشافعي ومالك لا يؤخره ولا يسقط عنه الحد سواء كان الامام مع العسكر أو لا وإن رأى الوالي في تقديم الحد مصلحة قدمه سواء كان مستحق الحد أسيرا أو أسلم فيهم ولم يخرج إلينا أو خرج من عندنا بالتجارة وغيرهما أما لو قتل مسلما فإنه يقتص منه في دار الحرب وبه قال الشافعي ومالك واحمد لعموم الامر بالحد والقصاص ولان المقتضى لا يجاب القصاص موجود والمانع من التقديم وهو خوف اللحاق بالعدو مفقود ولان كل موضع حرم فيه الزنا وجب فيه حد الزنا كدار الاسلام وقال أبو حنيفة لا يجب عليه القصاص ولا الحد إلا أن يكون معه إمام أو نايب عن الامام لأنه مع غيبة الامام ونايبه لا يد؟ للامام عليه فلا يجب عليه الحد بالزنا كالحربي ونمنع من ثبوت حكم الأصل ويفرق بأن الحربي غير ملتزم بأحكام الاسلام بخلاف المسلم. مسألة. المشركون لا يملكون أموال المسلمين بالاستغنام فلو غنموا ثم ظفر بهم المسلمون فأخذوا منهم ما كانوا أخذوا منهم فإن الأولاد ترد إليهم بعد إقامة البينة ولا يسترقون إجماعا وأما العبيد والأموال فإن أقام أربابها البينة بها قبل القسمة ردت عليهم بأعيانها ولا يغرم الامام للمقاتلة شيئا في قول عامة أهل العلم خلافا للزهري وعمرو بن دينار فإنهما إحتجا بأن الكفار ملكوه باستيلائهم فصار غنيمة كساير أموالهم وهو خطأ فإنا بينا أن الكفار لا يملكون مال المسلم بالاستغناء وإن جاؤوا بالبينة بعد القسمة فلعلمائنا قولان أحدهما إنه يرد على أربابه ويرد الامام قيمة ذلك للمقاتلة من بيت المال اختاره الشيخ وبه قال أبو بكر وابن عمر وسعيد بن أبي وقاص وربيعه والشافعي وبن المنذر لما رواه العامة عن بن عمر إنه ذهب فرس له فأخذها العدو فظهر عليه المسلمون فرد عليه في زمن النبي صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة ما رواه هشام بن سالم في الصحيح إنه سأل الصادق (ع) عن الترك يغيرون على المسلمين فيأخذون أولادهم فيسترقون منهم أيرد عليهم قال نعم والمسلم أخو المسلم والمسلم أحق بماله أينما وجده الثاني إنه يكون للمقاتلة ويعطى الامام أربابها أثمانها من بيت مال المسلمين وهو قول الشيخ أيضا وبه قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي ومالك واحمد في رواية وفي أخرى لا حق لصاحبه فيه بحال ونقله العامة عن علي (ع) وعمر والليث وعطا والنخعي احتج الشيخ بما رواه هشام بن سالم عن بعض أصحاب الصادق (ع) في السبى يأخذه العدو من المسلمين في القتل من أولاد المسلمين فيجوزونه ثم إن المسلمين بعد قاتلوهم فظفروا بهم فسبوهم وأخذوا منهم ما أخذوا من مماليك المسلمين وأولادهم الذي أخذوهم من المسلمين فكيف يصنع فيما كانوا أخذوه من أولاد المسلمين (ومماليكهم قال فقال أما أولاد المسلمين صح) فلا يقام في سهام المسلمين ولكن يرد إلى أبيه أو إلى أخيه أو إلى أمه بشهود وأما المماليك فإنهم يقامون في سهام المسلمين فيباعون يعطى مواليهم (قيمة أثمانهم صح) من بيت المال وهو مرسل وروايتنا أصح طريقا واحتج أبو حنيفة بما رواه بن عباس إن رجلا وجد بعيرا كان المشركون أصابوه فقال له النبي صلى الله عليه وآله إن أصبته قبل القسمة فهو لك وإن أصبته بعد ما قسم أخذته بالقيمة وهو معارض بما رويناه من طريق العامة ولو اخذ المال أحد الرعية نهبة أو سرقة أو بغير شئ فصاحبه أحق به بغير شئ وبه قال الشافعي واحمد لما رواه العامة إن قوما أغاروا على سرح النبي صلى الله عليه وآله فأخذوا ناقته وجارية من الأنصار فأقامت عندهم أياما ثم خرجت في بعض الليل قالت فما وضعت يدي على ناقة إلا رغت حتى وضعتها على ناقة ذلول فامتطيتها ثم توجهت إلى المدينة ونذرت أن نجا في الله عليها أن أذبحها (فلما قدمت المدينة استعرفت الناقة فإذا هي ناقة رسول الله فأخذها فقلت يا رسول الله إني نذرت أن أنحرها صح) فقال بئس ما جازيتها لا نذر في معصية الله وقال أبو حنيفة لا يأخذه إلا بالقيمة لأنه صار ملك الواحد بعينه فأشبه ما لو قسم ونمنع الصغرى ولو اشتراه المسلم من العدو وبطل الشراء وكان الشراء وكان لصاحبه أخذه بغير شئ لان المشرك لا يملك مال المسلم بالاستغنام وقال احمد ليس لصاحبه أخذه إلا ثمنه لرواية عن عمر وليست حجة ولو أبق عبد المسلم إلى دار الحرب فأخذوه لم يملكوه بأخذه وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لما تقدم وقال مالك واحمد وأبو يوسف ومحمد يملكون ولو أسلم المشرك الذي في يده مال المسلم أخذ منه بغير قيمة ولو دخل مسلم دار الحرب فسرقه أو نهبه أو اشتراه ثم أخرجه إلى دار الاسلام فصاحبه أحق به ولا تلزمه قيمته ولو أعتقه من هو في يده أو تصرف فيه ببيع أو غيره كان باطلا ولو غنم المسلمون من المشركين عليه علامة المسلمين فلم يعلم صاحبه فهو غنيمة بناء على ظاهر الحكم باليد وبه قال الثوري والأوزاعي وقال الشافعي يوقف حتى يجئ صاحبه ولو وجد شئ موسوم عليه جيش في سبيل الله قال الثوري يقسم ما لم يأت صاحبه و قال الشافعي يرد كما كان لأنه قد عرف مصرفه وهو الجيش فهو بمنزلة ما لو عرف صاحبه ولو أصيب غلام في بلاد الشرك فقال أنا لفلان من بلاد المسلمين ففي قبول قوله من غير بينة نظر وكذا البحث لو اعترف المشرك بما في يده لمسلم لكن الوجه هنا القبول قبل الاستغنام ولو كان في يد مسلم مال مستأجر أو مستعار من مسلم ثم وجده المستأجر
(٤٣٦)