في الموقف فلا يجوز تباعد المأموم عن الامام بما لم تجر العادة به ويسمى كثيرا إلا مع اتصال الصفوف به عند علمائنا وهو قول أكثر العلماء سواء علم بصلاة الامام أو لا لقوله عليه السلام لو صليتم في بيوتكم لضللتم وهو يدل على أن من علم بصلاة الامام وهو في داره فلا يجوز ان يصلى بصلاته ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) إذا صلى قوم وبينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك لهم بإمام وأي صف كان أهله يصلون وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس تلك بصلاة وقال (ع) يكون قدر ذلك مسقط الجسد لكن اشتراط ذلك مستعبد فيحمل ذلك على الاستحباب وقال عطا إذا كان عالما بصلاته صح وإن كان على بعد من المسجد ولم يراع قربا لأنه عالم بصلاة الامام فصحت صلاته كما لو كان في المسجد وهو غلط لاستلزامه ترك السعي الواجب في قوله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله في حق العالم وكان يقتصر الناس على الصلاة في بيوتهم مسألة ولا فرق في المنع من التباعد بين ان يجمعها مسجدا أو لا للعموم وفرق الشافعي بينهما فسوغ التباعد في المسجد و إن كان متسعا بأزيد من ثلاثمائة ذراع وظاهر قول الشيخ في المبسوط يعطيه لأنه بنى للجماعة الواحدة فكان موجبا للاتصال بينهما قال الشافعي وكذا المساجد الصغار المتصلة بالمسجد الكبير حكمها حكمه لأنها بنيت للاتصال به ونمنع ايجاب البنا الاتحاد مطلقا ولا فرق عند الشافعية بين ان يكون الفضاء كله ملكا أو كله مواتا أو وقفا أو بالتفريق المتصلة ولا بين ان يكون محوطا أو غير محوط ولا بين ان يكون الملك لواحد أو لجماعة وفى وجه يشترط في الساحة المملوكة اتصال الصف كالأبنية بخلاف الموات فإنه يشبه المسجد وفى وجه لهم إذا وقف أحدهما في ملك والاخر يشترط اتصال الصف وقد بينا مذهبنا في ذلك مسألة القرب والبعد المرجع بهما إلى العادة عندنا وبه قال احمد لعدم التنصيص شرعا فينصرف إلى العرف كالاحراز وغيره وقدر الشافعي البعد بما يزيد على ثلاثمائة ذراع والقرب بها وبما دونها اعتبارا بصلاة النبي صلى الله عليه وآله في الخوف فإنه صلى بطايفة ومضت إلى وجه العدو وهو في الصلاة يحرسهم وانما يحرس من وقع السهام لأنها أبعد وقعا من جميع السلاح وأكثر ما يبلغ السهم ثلاثمائة ذراع وهذا ليس بشئ ء اختلف أصحابه هل هو تقريب أو تحديد على قولين ولا خلاف في أنه لو اتصلت الصفوف إلى أي بعد كان صحت الصلاة فعندنا الاتصال بمجرى العادة وعند الشافعي ان يكون بين كل صفين ثلاثمائة ذراع فما دون ولو كانت الصفوف في المسجد جاز ان يصلى المأموم خارجه مع المشاهدة وعدم البعد الكثير وحد الشافعي على تقريره بما يزيد على ثلاثمائة ذراع بينه وبين اخر المسجد وان لم تكن الصفوف في المسجد متصلة بآخره لأنه المسجد لا يحسب فصلا والوجه عندنا اعتبار الاسم بينه وبين اخر صف فيه وقال المرتضى ينبغي ان يكون بين الصفين قدر مسقط الجسد فان تجاوز ذلك إلى القدر الذي لا يتخطى لم يجز للرواية والظاهر الكراهة ولو وقف صف خلف الامام على حد ثلاثمائة ذراع عند الشافعي وعلى أبعد مراتب تقديرات القرب عندنا وصف اخر خلفهم على النسبة وهكذا صحت صلاتهم إجماعا ويجعل كل صف مع الذي خلفه كالامام مع المأموم ولو وقف على يمين الصف قوم بينهما حد القرب أو على يسارهم واقتدوا بالامام جاز ويكون ذلك حد القرب بين المأمومين كما هو حد القرب بين الصفين مسألة يستحب قرب الصف من الامام وقد قدره الباقر (ع) بمسقط الجسد استحبابا وروى مربض (غمز؟) ليندرجوا تحت قوله تعالى كأنهم بنيان مرصوص وكذا بين كل صفين ويستحب تسوية الصف لما رواه الجمهور عن النبي (ع) لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم والوقوف عن يمين الامام أفضل لقول البراء بن عازب كان يعجبنا الوقوف يمين رسول الله صلى الله عليه وآله ولان الامام يبدأ بالسلام عليهم وينبغي ان يقف الامام في مقابلة وسط الصف لما رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وآله وسطوا الامام وسدوا الخلل مسألة حيلولة النهر والطريق بين الإمام والمأموم لا تمنع الجماعة مع انتفاء البعد عند أكثر علمائنا سواء كان النهر مما يتخطى أو لا وبه قال الشافعي ومالك لان أنسا كان يصلى في بيوت حميد بن عبد الرحمن بن عوف بصلاة الامام وبينه وبين المسجد طريق ولم ينكر ذلك منكر ولان ما بينهما يجوز الصلاة فيه فلا يمنعها وقال أبو حنيفة لا يجوز لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من كان بينه وبين الامام طريق فليس مع الامام وهو محمول على البعد أو الكراهة إذا عرفت هذا فان الجماعة في السفن المتعددة جايزة سواء اتصلت أو انفصلت ما لم يخرج إلى حد البعد وبه قال الشافعي لان المقتضى وهو العموم موجود والمانع وهو عدم المشاهدة منفى لوجودها ولان الاستطراق ممكن والماء مانع من ذلك كما لو كان بينهما نار وقال أبو سعيد من الشافعية بالمنع مع الانفصال مطلقا لان بينهما ما يمنع الاستطراق وهو ممنوع فان الماء لو نصب أمكن الاستطراق فالحاصل ان الماء ليس بمانع عندنا خلافا لأبي حنيفة الشرط الرابع عدم الحيلولة بين الإمام والمأموم الذكر مما يمنع المشاهدة للامام أو المأموم سواء كان من جدران المسجد أو لا عند علمائنا لتعذر الاقتداء ولان المانع من المشاهدة مانع من اتصال الصفوف بل هو في ذلك أبلغ من البعد ولقول الباقر (ع) وأي صف كان أهله يصلون بصلاة امام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس تلك لهم الصلاة فإن كان بينهم سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة إلا من كان من حيال الباب وقال أبو حنيفة يجوز مطلقا لأنه يمكنه الاقتداء بالامام فصح اقتداؤه به من غير مشاهدة كالأعمى ويمنع الامكان للخفاء بخلاف الأعمى القريب لعلمه بحال الامام وقال الشافعي ان صليا في المسجد صحت صلاة المأموم إذا علم بصلاة الامام سواء كان بينهما جدار حايل من مشاهدة الامام ومشاهدة من يشاهده أو لا لان المسجد كله متصل حكما وان الفصل إلى بيوت ومساكن ونمنع الاتحاد للحايل فلم يجز كالخارج وان صلى المأموم خارج المسجد وحال بينهم حايط فقولان أصحهما عنده المنع من الايتمام لأنه بنى الفصل بينه وبين غيره وإن كان الحايل حايط بينه منع من الايتمام وأي فرق بين كون الحايط للمسجد أو لغيره فروع - آ - الصلاة في المقاصير التي في الجوامع غير المحرمة باطلة لقول الباقر (ع) هذه المقاصير لم يكن في زمن أحد من الناس وانما أحدثها الجبارون ليس صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة وسوغه الشافعي وأبو حنيفة - ب - لو كان الحايل يمنع من الاستطراق دون المشاهدة كالشبابيك والحيطان المحرمة التي لا يمنع من مشاهدة الصفوف للشيخ قولان أحدهما المنع لقول الباقر (ع) ان صلى قوم وبينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بإمام والثاني الجواز لان القصد من التخطي وهو العلم بحال الامام حاصل كالنهر وهو حسن وللشافعي قولان - ج - لو كان الحايل قصيرا يمنع حال الجلوس خاصة عن المشاهدة فالأقرب الجواز - د - لو وقف الامام في بيت وبابه مفتوح فوقف مأموم خارجا بحذاء الباب بحيث يرى الامام أو بعض المأمومين صحت صلاته وكذا ان صلى قوم عن يمينه أو شماله أو من ورائه صحت صلاتهم وان لم يشاهدوا من في البيت لانهم يرون هذا وهو يرى الامام أو المأمومين في البيت فان وقف بين يدي هذا الصف صف اخر عن يمين الباب أو شمالها لا يشاهدون من في المسجد لم تصح صلاتهم إذا لم يكونوا أعلى سمت المحاذي للباب - ه - لو صلى في داره وبابها مفتوح يرى منه الامام أو بعض المأمومين صحت صلاته ولا يشترط اتصال الصفوف به وللشافعي قولان ولو صلى بين الأساطين فان اتصلت الصفوف به أو شاهد الامام أو بعض المأمومين صحت صلاته لقول الصادق (ع) لا ارى بالصفوف بين الأساطين بأسا - ز - لو وقف الامام في المحراب الداخل في الحايط فان صلاة من خلفه صحيحة لانهم يشاهدونه وكذا باقي الصفوف التي من وراء الصف الأول أما من على يمين الامام و
(١٧٣)