وإجارتها ولو استأجر مسلم فالأجرة للكافر والخراج عليه ولو باعها من مسلم انتقل الواجب إلى رقبة البايع ولا خراج على المشترى وعند أبي حنيفة يلزمه الخراج وقال مالك لا يصح بيعها من مسلم ولو أسلموا بعد الصلح سقط عنهم الخراج خلافا لأبي حنيفة وعليهم أن يؤدوا عن الموات الذي يمنعوننا عنه دون ما لا يمنعون عنه ولو أحيوا منه شيئا بعد الصلح لم يلزمهم شيئا لما أحيوا إلا إذا اشترط عليهم أن يؤدوا عما يحيونه ولو صالحناهم على أن تكون الأراضي لنا وهم يسكنونها ويؤدون من كل جريب كذا فهذا عقد إجارة والمأخوذ أجرة فتجب معها الجزية ولا يشترط أن يبلغ دينارا عن كل رأس ويؤخذ من أراضي النساء والصبيان والمجانين ويؤكل المسلم في أدائها وليس لهم بيع تلك الأراضي وهبتها ولهم إجارتها فإن المستأجر يوجر. البحث الرابع. في بقايا أحكام المساكن والأبنية والمساجد. مسألة. قد بينا إنه لا يجوز للحربي دخول دار الاسلام إلا بإذن الامام خوفا من تضرر المسلمين بالتجسيس وشراء سلاح وغير ذلك فإذا أذن لمصلحة كأداء رسالة وتجارة جاز بعوض وغيره فإن دخل بغير أمان فقال أتيت لرسالة قبل قوله لتعذر إقامة البينة عليه ولو قال أمنني مسلم قال الشيخ (ره) لا يقبل إلا ببينة لامكان إقامتها وقال بعض الشافعية يقبل كما لو قال لرسالة والفرق إمكان إقامة البينة على الثاني دون الأول ولو دخل ولم يدع شيئا كان للامام قتله واسترقاقه وأخذ ماله لأنه حربي دخل دارنا بغير أمان ولا عهد بخلاف الذمي إذا دخل الحجاز بغير إذن لان الذمي محقون الدم فيستصحب الحكم فيه بخلاف الحربي. مسألة. لا يجوز لكافر حربي أو ذمي سكنى الحجاز إجماعا لقول بن عباس اوصى رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاثة أشياء قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيروا الوفد بنحو ما كنت أجيرهم وقال السبب الثالث وقال علي (ع) لا يجتمع دينان في جزيرة العرب والمراد بجزيرة العرب في هذه الأخبار الحجاز خاصة ويعنى بالحجاز مكة والمدينة وخيبر واليمامة وتبع وفدك ومحاليفها وسمى حجاز لأنه حجز بين نجد وتهامة وجزيرة العرب ما بين عدن إلى ريف العراق طولا ومن جدة والسواحل إلى أطراف الشام عرضا قاله الأصمعي وأبو عبيده هي من حفر أبى موسى إلى اليمن طولا ومن رمل يبرين إلى منقطع سماوة عرضا وقال الخليل إنما قيل لها جزيرة العرب لان بحر الحبش وبحر فارس والفرات أحاطت بها ونسبت إلى العرب لأنها أرضها ومسكنها ومعدنها وإنما قلنا إن المراد بجزيرة العرب الحجاز خاصة لأنه لولاه لوجب إخراج أهل الذمة من اليمن وليس واجبا ولم يخرجهم عمر من اليمن وهي من جزيرة العرب وإنما اوصى النبي صلى الله عليه وآله بإخراج أهل نجران من جزيرة العرب لأنه (ع) صالحهم على ترك الربا فنقضوا العهد فيجوز لهم دخول الحجاز بإذن الامام وأن يقيموا ثلاثة أيام فيجوز حينئذ أن ينتقل إلى غيره من بعض مواضع الحجاز لأنه لا مانع منه ولو مرض بالحجاز جازت له الإقامة لمشقة الانتقال عليه ولو مات دفن فيه قال الشيخ (ره) يجوز له الاجتياز في أرض الحجاز بإذن وغيره ولو كان له دين لم يكن له المقام أكثر من ثلاثة أيام لاقتضائه بل يوكل في قبضه قال الشيخ (ره) ولا يمنعه من ركوب بحر الحجاز لأنه ليس بموضع إقامة ولا له حرمة ببعثه النبي صلى الله عليه وآله منه ولو كان فيه جزاير وجبال منعوا من سكناها وكذا حكم سواحل بحر الحجاز لأنها في حكم البلاد. مسألة. لا يجوز لهم دخول الحرم لا اجتيازا ولا استيطانا قاله الشيخ (ره) وبه قال الشافعي واحمد لقوله تعالى " فلا يقربوا المسجد الحرام " (والمراد به صح) لقوله تعالى " وإن خفتم عيلة " يريد بتأخر الحلب عن الحرم ولقوله تعالى " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام " وقال أبو حنيفة يجوز له دخول الحرم والإقامة فيه مقام المسافر ولا يستوطنوه ويجوز لهم دخول الكعبة لان المنع من الاستيطان لا يمنع الدخول والتصرف كالحجاز ولم نستدل نحن بمنع استيطان الحجاز على المنع من دخول الحرم بل استدللنا بالآية على وقوع الفرق فيبطل القياس. إذا عرفت هذا فإن قدم غيره لأهل الحرم منع من الدخول فإن أراد أهل الحرم الشراء منه خرجوا إلى الحل واشتروا منه ولو جاء رسولا بعث الامام ثقة يسمع كلامه ولو امتنع من أداء الرسالة إلا مشافهة خرج إليه الامام من الحرم لسماع كلامه فإن دخل بغير إذن عالما عزرا جاهلا فلو مرض في الحرم نقله منه ولو مات لم يدفنه فيه بخلاف الحجاز فإن دفن في الحرم قال الشيخ (ره) لا ينبش ويترك مكانه لعموم ورود منع النبش وقال الشافعي ينبش ويخرج إلى الحل إلا أن ينقطع ولو صالحهم الامام على دخول الحرم بعوض قال الشيخ جاز ووجب عليه دفع العوض وإن كان خليفة للامام ووافقه على عوض فاسد بطل المسمى وله أجرة المثل ومنع الشافعي من ذلك كله وأبطل الصلح قال فإن دخلوا إلى الموضع الذي صالحهم عليه لم يرد العوض لأنه حصل لهم ما صالحهم عليه وإنما أوجب ما صالحهم عليه لأنه لا يمكنهم الرجوع إلى عوض المثل فلزمهم المسمى وإن كان الصلح فاسدا ولو وصلوا إلى بعض ما صالحهم على دخوله أخرجهم وكان عليهم العوض بقدره ولو صالح الامام الرجل أو المرأة على الدخول إلى الحجاز بعوض جاز لأن المرأة كالرجل في المنع ولو صالح المرأة على سكنى دار الاسلام غير الحجاز بعوض لم يلزمها ذلك لان لها المقام فيها بغير عوض بخلاف الحجاز. مسألة. المسجد الحرام لا يجوز لمشرك ذمي أو حربي دخوله إجماعا لقوله تعالى " فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا " وأما مساجد الحجاز غير الحرم ساير المساجد بالبلدان فحكمها واحد فذهب الامامية إلى منعهم من الدخول فيها بإذن مسلم وبغير إذنه ولا يحل للمسلم الاذن فيه وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنه مسجد فلا يجوز لهم الدخول إليه كالحرم ولقوله (ع) جنبوا مساجدكم النجاسة ولان منعهم كان مشهورا دخل أبو موسى على عمر ومعه كتاب حساب عمله (فقال عمر صح) ادع الذي كتبه ليقرأه قال إنه لا يدخل المسجد قال ولم لا يدخل قال لأنه نصراني فسكت وهو يدل على شهرته بينهم ولعدم انفكاكهم من حدث الجناية والحيض والنفاس وهذه الاحداث يمنع من المقام في المسجد فحدث الشرك أولي ولأنهم ليسوا من أهل المساجد ولان منعهم من الدخول فيه إذلال لهم وقد أمرنا به وقال أكثر العامة يجوز لهم الدخول بإذن المسلم لان النبي صلى الله عليه وآله انزل وفد ثقيف في المسجد وشد ثمامة بن أثال الخثعمي في سارية من المسجد ولو سلم لكان في صدر الاسلام ولو وفد قوم من المشركين إلى الامام أنزلهم في فضول منازل المسلمين المسلمين فإن لم يكن جاز أن ينزلهم في دار ضيافة إن كانت وإن لم تكن أسكنهم في أفنية الدور والطرقات ولا يمكنهم من الدخول في المساجد بحال. مسألة. البلاد الذي ينفذ فيها حكم الاسلام على أقسام ثلاثة أحدها ما انشاء المسلمون وأحدثوه واحتطوه كالبصرة وبغداد والكوفة فلا يجوز إحداث كنيسة فيها ولا بيعة ولا بيت صلاة للكفار ولا صومعة راهب إجماعا لقول بن عباس أيما مصر مصره العرب فليس لأحد (من أهل الذمة صح) أن يبنى فيه بيعه و ما كان قبل ذلك فحق على المسلمين أن يقر لهم وفي حديث آخر أيما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة فلا يضربوا فيه ناقوسا ولا يشربوا فيه خمرا ولا يتخذوا فيه خنزيرا ولأنه بلد المسلمين وملكهم فلا يجوز لهم أن يبنوا فيه مجامع الكفر ولو صالحهم على التمكن من إحداثها بطل العقد فأما ما وجد من البيع والكنايس في هذه البلاد مثل كنيسة الروم في بغداد فإنها كانت في قرى لأهل الذمة فأقرت على حالها أو كانت في برية فاتصل بها عمارة المسلمين فإن عرف إحداث شئ بعد بناء المسلمين و عمارتهم نقض الثاني ما فتحه المسلمون عنوة وهو ملك المسلمين قاطبة فلا يجوز أيضا إحداث كنيسة ولا بيعة ولا صومعة راهب ولا بيت صلاة للمشركين لأنها صارت ملكا للمسلمين وأما ما كان موجودا قبل الفتح فإن هدمه المسلمون وقت الفتح لم يجز استجداده أيضا لأنه بمنزلة الاحداث في ملك المسلمين وإن لم يهدموه قال الشيخ (ره) لا يجوز إبقاؤه وهو أحد قولي الشافعي لأن هذه البلاد ملك المسلمين فلا يجوز أن تكون فيها بيعة كالبلاد التي انشاءها المسلمون والثاني
(٤٤٥)