يجوز البيع مرابحة يجوز مواضعة وليس في ذلك جهالة كما لم يكن في الربح جهالة ويكره لو قال بوضيعة درهم من كل عشرة كما قلنا في المرابحة قال الثمن مائة بعتك برأس مالي ووضيعة درهم من كل عشرة فالثمن تسعون وقال وضيعة درهم من كل أحد عشر كان الحط تسعة دراهم وجزءا من أحد عشر جزءا من درهم فيبقى الثمن أحدا وتسعين إلا جزاء من أحد عشر جزء من درهم ولو قال بعت بما اشتريت بحط ده يازده جاز أيضا وفيه للشافعية وجهان أحدهما إنه يحط من كل عشرة واحد كما زيد في المرابحة على كل عشرة واحد فيكون الوضيعة عشرة والثمن تسعون وبه قال أبو ثور وحكاه الشافعي عن محمد بن الحسن ولم يحكمه أصحابه عنه والثاني وهو الأصح عندهم إنه يحط من كل أحد عشر واحدا فالحط تسعة وجزء من أحد عشر جزء من درهم والثمن تسعون وعشرة أجزاء من أحد عشر من درهم وبه قال أبو حنيفة لان الربح في المرابحة جزؤ من أحد عشر فليكن كذلك الحط في المحاطة وليس في واحد من العشرة رعاية لنسبة ده يازده ولو كان قد اشترى بمائة وعشرة فالثمن على الوجه الأول تسعة وتسعون وعلى الثاني مائة وعلى هذا القياس وأورد جماعة من فقهاء الشافعية صورة المسألة فيما إذا قال بعت بما اشتريت بحط درهم من كل عشرة واوردوا فيها الوجهين وهو خطأ فإن في هذه الصيغة يصير الحط واحدا من كل عشرة وإنما موضع الخلاف لفظ ده يازده ولو قال بحط درهم من كل عشرة فالمحطوط واحد من عشرة وقال بعض الشافعية إنه يكون تسعة وجزءا من أحد عشرة جزءا وهو خطأ لان هذا يكون حطا من كل أحد عشر ولا وجه له ولو قال بحط درهم لكل عشرة فالمحطوط واحد من أحد عشر ويكون كأنه قال ضع من كل أحد عشر درهما فلو قال بوضيعة ده دوازده كانت الوضيعة من كل اثنى عشر درهما درهم وبيانه أن يضيف قدر الوضيعة إلى الأحد عشر فيصير إثنا عشر فيسقط من كل اثني عشر الوضيعة وهي درهم تم الجزء السابع من كتاب تذكرة الفقهاء بحمد الله تعالى ويتلوه في الجزء الثامن بعون الله تعالى الفصل الثاني من بيع النقد والنسية والسلف وفيه مطلبان فرغت من تسويده سلخ ربيع الأول من سنة أربع عشر وسبعمائة بالسلطانية وكتب حسن بن يوسف بن مطهر الحلى مصنف الكتاب والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين . بسم الله الرحمن الرحيم الاستعانة والتوفيق يا كريم . الفصل الثاني في بيع النقد والنسية والسلف وفيه مطلبان الأول في بيع النقد والنسية. مسألة من باع شيئا معينا بثمن كان الثمن حالا مع الاطلاق واشتراط التعجيل لان قضية البيع تقتضي انتقال كل من العوضين إلى الاخر فيجب الخروج عن العهدة متى طولب صاحبها أما لو شرط تأجيل الثمن في صلب العقد فإنه يصح ويكون البيع نسية لان الحاجة قد تدعوا إلى الانتفاع بالمبيع معجلا واستغناء مالكه عنه وحاجته إلى الثمن مؤجلا فوجب أن يكون مشروعا تحصيلا لهذه المصلحة الخالية عن المبطلات ولا نعلم فيه خلافا. مسألة إذا شرط تأخير الثمن وجب تعيين الاجل بما لا يحتمل الزيادة والنقصان بل يجب أن يكون محروسا عنهما مضبوطا فلو جعله مؤجلا إلى قدوم الحاج أو إدراك الغلات أو جز الثمار أو الغطاء إلى غير ذلك من الآجال المجهولة بطل البيع لتطرق الجهالة إلى الثمن لأنه يزيد عند التجار بزيادة الاجل وينقص بنقصانه ولأنه مشتمل على غرر عظيم منهى عنه وكذا لو قال بعتك نسية ولم يذكر الاجل أصلا كان البيع باطلا ولو باعه بثمنين إلى أجلين فالأظهر البطلان وقد سبق. مسألة لو باع سلعة بثمن مؤجل ثم اشتراها قبل قبض الثمن بأقل من ذلك الثمن جاز وكذا لو باعها بثمن نقدا واشتراها بأكثر منه إلى أجل جاز سواء كان قد قبض الثمن أو لم يقبض وبه قال الشافعي لان البيع ناقل والعين قابلة للنقل دائما والمتبايعان من أهل العقد فكان صحيحا عملا بالمقتضى السالم عن المبطل ولأنه ثمن يجوز بيع السلعة به من غير بايعها فجاز بيعها به من بايعها كما لو كان باعه بسلعة أو بمثل الثمن ولان يسار بن يسار سأل الصادق (ع) عن الرجل يبيع المتاع بنساء فيشتريه من صاحبه الذي يبيعه منه قال نعم لا بأس فقلت له اشترى متاعي قال ليس هو متاعك وقال أبو حنيفة ومالك واحمد لا يجوز أن يشتريها بدون ذلك الثمن قبل قبض الثمن وقال أبو حنيفة ويجوز أن يشترى بها سلعة قيمتها أقل من قدر الثمن فإن باعها بدراهم واشتراها بدنانير قيمتها أقل من قدر الثمن لم يجز استحسانا ولو باعها بأجل ثم اشتريها بأكثر من ذلك الاجل لم يجز ولو اشتريها وكيله له بأقل من الثمن جاز ولو اشتراها والد البايع أو ولده أو من يرد شهادته له لنفسه لم يجز بأقل من الثمن لما روى أبو إسحاق السبيعي عن امرأته الغالية بنت أيقع بن شرحبيل إنها قالت دخلت أم ولد لزيد بن أرقم وامرأة على عايشة فقالت أم ولد زيد بن أرقم إني بعت غلاما من زيد بن أرقم بثمان مائة درهم إلى الغطاء ثم اشتريته منه بستمائة درهم فقالت بئس ما شريت وبئس ما اشتريت ابلغى زيد بن أرقم إنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أن يتوب ولان ذلك ذريعة إلى الربا فإنما أدخل السلعة ليستبيح بيع ألف بخمسمائة إلى أجل وخبر عايشة ليس حجة على أنه لو كان عندها شئ عن النبي صلى الله عليه وآله رؤية لا يجوز أن تضلله باجتهاد ها وهو مخالف في ذلك على انا نقول بموجبه لأنها أنكرت شراؤه إلى وقت الغطاء وهو مجهول والعقد الثاني مبنى عليه فلهذا أنكرتها وأبو حنيفة يجوز الزرايع وهو أن يبيع تمرا جيدا بدرهم ثم يشترى به أكثر منه. مسألة إذا باع نسية ثم اشتراها قبل الاجل بزيادة أو نقيصة حالا أو مؤجلا جاز إذا لم يكن شرطه في العقد فإن شرطه بطل وإلا لزم الدور ولو حل الاجل فابتاعه بغير الجنس جاز مطلقا سواء زاد عن الثمن أو نقص وإن ابتاعه بالجنس فالأقوى عندي إنه كذلك وقال الشيخ في النهاية لو باعه بأجل ثم حضر الاجل ولم يكن مع المشترى ما يعطيه إياه جاز له أن يأخذ منه ما كان باعه إياه من غير نقصان من ثمنه فإن أخذه بنقصان من ثمنه لم يكن ذلك صحيحا ولزمه ثمنه الذي كان إعطاه به فإن أخذه من المبتاع متاعا آخر بقيمته في الحال لم يكن بذلك بأس والمعتمد الأول لما تقدم. مسألة العينة جايزة ليست منهيا عنها وبه قال الشافعي وهي عندنا عبارة عن الاقراض لعين ممن له عليه دين ليبيعها ثم يقضى دينه منها لان ذلك يجوز في حق الغير فيجوز في حقه ولان الصادق (ع) سئل عن رجل يعين عينه إلى أجل فإذا جاء الاجل تقاضاه فيقول لا والله ما عندي ولكن عينني أيضا حتى أقضيك قال لا باس ببيعه وقال الصادق (ع) في رجل يكون له على الرجل المال فإذا حل قال له بعني متاعا حتى أبيعه فأقضى الذي لك على قال لا بأس وفسرها الشافعي بأن يبيع الرجل من غيره بثمن مؤجل ويسلمه إلى المشترى ثم يشتريه قبل قبض الثمن بأقل من ذلك نقدا وهو أيضا جايز عندنا على ما تقدم. مسألة يجوز البيع نسية ونقدا بزيادة عن قيمة السلعة في الحال وإن تضاعفت أو نقصان مع علم المشتري لأصالة الصحة وعملا بمقتضى العقد السالم عن معارضة الغبن ولا فرق بين العينة وغيرها واعلم أن العينة جايزة كما قلناه ولا فرق بين أن يصير بيع العينة عادة غالبة في البلد أو لا يصير على المشهور عند الشافعي وقال أبو إسحاق إذا صار عادة صار البيع الثاني كالمشروط في الأول فيبطلان جميعا. مسألة يجوز بيع الشئ غير المشخص حالا وإن لم يكن حاضرا إذا كان عام الوجود كالحنطة والشعير وغيرهما ويجوز إذا لم يمكن حصوله في الحال كالفواكه والرطب والعنب في غير أوانها لوجود المقتضى في الأول وهو العقد جامعا لشرايط الصحة من إمكان التسليم وغيره وتعذر الشرط في الثاني وفي الصحيح عن الصادق (ع) وقد سئل عن الرجل يشترى الطعام من الرجل ليس عنده فيشترى منه حالا قال ليس به بأس ولو ساومه عليه ولم يواجبه البيع ثم حصله وباعه
(٥٤٦)