فلما أتى ذا الحليفة صلى ركعتين ثم قعد على بعيره فلما استوى به على البيداء أحرم بالحج ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن يكبر حتى أتى البيداء وأما التفصيل فيدل عليه قول الصادق عليه السلام إن كنت ماشيا فاجهر بإهلالك وتلبيتك من المسجد وإن كنت راكبا فإذا علت بك راحلتك البيداء إذا عرفت هذا فالمراد استحباب الاجهار بالتلبية عند البيداء وبينها وبين ذي الحليفة ميل ولا يجوز مجاوزة الميقات بغير إحرام وإنما ينعقد الاحرام بالتلبية فيجب إيقاعها في ذي الحليفة ويستحب الاجهار بها بالبيداء مسألة لا يلبى في مسجد عرفة وبه قال مالك لما بينا من أن التلبية تقطع يوم عرفة قبل الزوال وقال الشافعي انه يستحب و ليس بمعتمد وكذا لا يلبى في حال الطواف وبه قال الشافعي وسالم بن عبد الله وابن عبيد لما رواه العامة عن ابن عمر قال لا يلبى الطايف ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام إذا قدموا مكة وطافوا بالبيت أحلوا وإذا لبوا أحرموا فلا يزال يحل ويعقد حتى يخرج إلى منى بلا حج ولا عمرة ولانا بينا ان المتمتع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة مسألة قد بينا إن الاحرام إنما ينعقد بالتلبيات الأربع في حق المتمتع والمفرد وأما القارن فإنه يتخير بين ان يعقد إحرامه بالتلبيات الأربع أو بالاشعار أو التقليد أيها فعل انعقد إحرامه به وكان الباقي مستحبا والاشعار أن يشق سنام البعير من الجانب الأيمن ويلطخ صفحته بالدم ليعلم أنه صدقة وهو مختص بالإبل والتقليد أن يجعل في رقبة الهدى نعلا قد صلى فيه أو يجعل في رقبة الهدى خيطا أو سير أو ما أشبههما ليعلم أنه صدقة وهو مشترك بين الانعام الثلاثة هذا هو المشهور ذهب إليه الشيخ وأتباعه وقال السيد المرتضى وابن إدريس من علمائنا لا ينعقد إحرام الأصناف الثلاثة إلا بالتلبية والوجه ما قاله الشيخ لما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال يوجب الاحرام ثلاثة أشياء التلبية والاشعار والتقليد فإذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد أحرم إذا عرفت هذا فينبغي أن تشعر البدن وهي باركة يشق سنامها الأيمن وتنحر وهي قائمة من قبل الأيمن لان أبا الصباح الكناني سأل الصادق عليه السلام عن البدن كيف تشعر فقال تشعر وهي باركة يشق سنامها الأيمن وتنحر وهي قائمة من قبل الأيمن إذا عرفت هذا فلو كانت البدن كثيرة وأراد إشعارها دخل بين كل بدنتين واشعر إحديهما من الجانب الأيمن والاخرى من الأيسر للرواية عن الصادق عليه السلام وللتخفيف مسألة إذا عقد نية الاحرام ولبس ثوبيه ثم لم يلب ولم يشعر ولم يقلد جاز له أن يفعل ما يحرم على المحرم فعله ولا كفارة عليه فإن لبى أو اشعر أو قلد إن كان قارنا حرم عليه ذلك ووجبت عليه الكفارة لفعله لان الاحرام إنما ينعقد بأحد الثلاثة فإذا لم يفعلها لم يكن محرما لان حفص بن البختري سأل الصادق عليه السلام عمن عقد الاحرام في مسجد الشجرة ثم وقع على أهله قبل أن يلبى قال ليس عليه شئ مسألة يستحب لمن أراد الاحرام أن يشترط على ربه عند عقد الاحرام إن لم تكن حجة فعمرة وان يحله حيث حبسه سواء كان حجه تمتعا أو قرانا أو إفرادا وكذا في إحرام العمرة وبه قال علي عليه السلام وعمر بن الخطاب وابن مسعود وعمار وعلقمة وشريح وسعيد بن المسيب وعكرمة والشافعي وأبو حنيفة واحمد لما رواه العامة عن ابن عباس ان ضباعة أتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله إني أريد الحج فكيف أقول قال قولي لبيك اللهم لبيك وتحلني من الأرض (الامر) حيث تحبسني فإن لك على ربك ما استثنيت ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إذا أردت الاحرام والتمتع فقل اللهم إني أريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج فيسر لي ذلك وتقبله منى وأعنى عليه وحلني حيث حبسني لقدرك الذي قدرت على أحرم لك شعري وبشرى من النساء والطيب والثياب وإن شئت قلت حين ينهض بك بعيرك وإن شئت فأخره حتى تركب بعيرك وتستقبل القبلة وعن الفضل بن يسار عن الصادق عليه السلام قال المعتمرة عمرة مفردة يشترط على ربه ان حله حيث حبسه ومفرد الحج يشترط على ربه إن لم تكن حجة فعمرة وانكره عمر وطاوس وسعيد بن جبير والزهري ومالك لان ابن عمر كان ينكر الاشتراط ويقول حسبكم سنة نبيكم ولأنها عبادة تجب بأصل الشرع فلم يفد الاشتراط فيها كالصوم والصلاة وقول ابن عمر ليس حجة خصوصا مع معارضته لقول النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته والقياس ممنوع للفرق إذا عرفت هذا فالاشتراط لا يفيد سقوط فرض الحج في القابل لو فاته الحج ولا نعلم فيه خلافا لان أبا بصير سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يشترط في الحج ان حلني حيث حبستني أعليه الحج من قابل قال نعم ولو كان الحج تطوعا سقط عنه الحج من قابل وإنما يفيد الاشتراط جواز التحلل عند الاحصار وقيل يتحلل من غير اشتراط وهو اختيار أبي حنيفة في المريض وقال الزهري ومالك وابن عمر الشرط لا يفيد شيئا ولا يتعلق به التحليل لان حمزة بن حمران سأل الصادق عليه السلام عن الذي يقول حلني حيث حبستني فقال هو حل حيث حبسه الله قال أو لم يقل ولا يسقط الاشتراط عنه الحج من قابل والوجه الأول تحصيلا لفايدة الاشتراط الثابت بالشرع فروع - آ - لو اشترط في إحرامه أن يحله حيث حبسه قال السيد المرتضى يسقط دم الاحصار عند التحلل وبه قال أبو حنيفة لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب حجى واشترطي وقولي اللهم فحلني حيث حبستني ولا فايدة لهذا الشرط إلا التأثير فيما قلناه وقال الشيخ لا يسقط وللشافعي قولان لعموم قوله تعالى فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى وفيه قوة - ب - لا بد أن يكون للشرط فايدة قاله الشيخ مثل أن يقول إن مرضت أو فنت نفقتي أو فاتني الوقت أو ضاق على أو منعني عدو أو غيره فإما أن يقول إن تحلني حيث شئت فليس له ذلك - ج - قال الشيخ (ره) لا يجوز للمشترط أن يتحلل إلا مع نية التحلل والهدى معا وللشافعي فيهما قولان لعموم الامر بالهدى والاحتياط مسألة يستحب أن يأتي بالتلبية نسقا لا يتحللها كلام فان سلم عليه في أثنائها لان رد السلام واجب ويستحب إذا فرغ من التلبية أن يصلى على رسول الله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى ورفعنا لك ذكرك قيل في التفسير قال أي لا أذكر إلا ونذكر معي ولان كل موضع شرع فيه ذكر الله تعالى شرع فيه ذكر نبيه عليه السلام كالصلاة والاذان ويجزى من التلبية في دبر كل صلاة مرة واحدة لاطلاق الامر بها وبالواحدة يحصل الامتثال ولو زاد كان فيه فضل كثير لقولهم عليهم السلام وأكثر من ذكرى ذا المعارج ولا أعرف لأصحابنا قولا في أن الحلال يلبى في غير دعاء الصلاة لكن تلك التلبية غير هذه واستحسن الحسن البصري هذه التلبيات للحلال وكذا النخعي وعطاء بن السايب والشافعي وأبو ثور واحمد وابن المنذر وأصحاب الرأي وكرهه مالك والأصل عدم مشروعيته ويكره للمحرم إجابة من يناديه بالتلبية بل يقول له يا سعد للرواية وإذا قال لبيك إن الحمد كسر الألف ويجوز فتحها قال تغلب من فتحها فقد خص ومن كسرها فقد عم ومعناه إن من كسر جعل الحمد لله على كل حال ومن فتح فمنعناه التلبية أي لبيك لهذا السبب أي للحمد المطلب الثالث في تروك الاحرام وهي قسمان محرمات ومكروهات فالمحرمات عشرون شيئا والمكروهات عشرة يأتي تفاصيلها في مباحث البحث الأول يحرم صيد البر في الحل والحرم وكذا يحرم على المحل صيد الحرم بالنص والاجماع قال الله تعالى ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم وروى العامة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة إن هذا البلد حرام حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيمة وانه لم يحل القتال فيه لاحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيمة لا يختلى خلاها ولا يعضد شركها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها إلا من عرفها فقال العباس يا رسول الله صلى الله عليه وآله إلا الإذخر فإنه لفيئهم وبيوتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إلا الإذخر ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام واجتنبت في إحرامك صيد البر كله ولا تأكل ما صاده غيرك ولا تشير إليه فيصيده وقد أجمع المسلمون كافة على تحريم صيد الحرم على الحلال والمحرم إذا عرفت هذا فالمراد بالصيد الحيوان الممتنع وقيل ما جمع ثلاثة أشياء أن يكون مباحا وحشيا ممتنعا مسألة وصيد البر حرام على المحرم اصطيادا وأكلا وقتلا وإشارة ودلالة واغلاقا وكذا فرضه وبيضه باجماع العلماء للنص والاجماع قال الله تعالى وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما وتحريم العين يستلزم تحريم جميع المنافع المتعلقة بها وما رواه العامة في حديث أبي قتادة لما صاد
(٣٢٨)