وإن أخلف فلا بخلاف الشجر فان الغالب فيه الاخلاف فأشبه من الصبى إذا عرفت هذا فلو كان يابسا لم يكن في قطعه شئ كما في الشجر نعم لا يجوز قلعه فإن قلعه فعليه الضمان لأنه لو لم يقلع لنبت ثانيا ذكره بعض الشافعية ولا باس مسألة يجوز للمحرم أن يترك إبله ليرعى في حشيش الحرم وتسريح البهايم فيه لترعى وإن حرم عليه قلعه عند علمائنا وبه قال عطا والشافعي لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال إلا علف الدواب ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام يخلى البعير في الحرم يأكل ما يشاء ولان الهدايا في زمن النبي صلى الله عليه وآله كانت تدخل الحرم وتكثر ولم ينقل إنه شد أفواهها ولان الحاجة ماسة إلى ذلك فكان سايغا كالإذخر وقال احمد وأبو حنيفة لا يجوز لان ما حرم إتلافه لا يجوز أن يرسل عليه ما يتلفه كالصيد والفرق الحاجة ولان الصيد منهى عن قتله مباشرة وتولدا بخلاف الحشيش ولو إختلا الحشيش ليعلفه البهايم فللشافعية وجهان أحدهما عدم الجواز كما لو سرحها فيه والثاني المنع لقوله عليه السلام لا يختلى خلاها مسألة شجر الفواكه والنخل يجوز قلعه سواء أنبته الله تعالى أو الآدميون وسواء كانت مثمرة كالنخل والكرم أو غير مثمرة كالصنوبر والخلاف وبه قال أبو حنيفة لان تحريم الحرم يختص بما كان وحشيا من الصيد فكذا من الشجر وقول الصادق عليه السلام لا تنزع من شجر مكة إلى النخل وشجر الفواكه وكذا يجوز قلع ما أنبته الانسان من شجر الفواكه كلها لقول الصادق عليه السلام كل شئ ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلا ما أنبته أنت وغرسته وبه قال أبو حنيفة تشبيها للمستنبتات بالحيوان الانسى وبالزرع قال الشيخ (ره) وما أنبته الله تعالى في الحل إذا قلعه المحل ونقله إلى الحرم ثم قلعه فلا ضمان عليه وما أنبته الله إذا نبت في ملك الانسان جاز به قلعه وإنما لا يجوز له قلع ما نبت في المباح وقال الشافعي كل ما ينبت في الحرم فهو حرام سواء أنبته الله تعالى أو الآدميون لعموم عليه السلام لا يعضد شجرها ولأنها شجرة تنبت في الحرم فأشبه ما لم ينبته الآدميون والحديث قد استثنى فيه في بعض الروايات إلا ما أنبته الآدمي ولان أدلتنا أخص وللفرق بين الأهلي من الشجر كالنخل والجوز واللوز والوحشي كالروح والسلم كالصيد إذا عرفت هذا فسواء كان الشجر الذي أنبته الآدمي مما جنسه ان ينبته الآدمي أو لم يكن جنسه من ذلك يجوز قلعه مطلقا خلافا للشافعي لعموم قول الصادق عليه السلام إلا ما أنبته أنت وغرسته ولا بأس بقطع شجر الإذخر إجماعا وكذا لا بأس بعودي المحالة للحاجة إلى ذلك ولقول الباقر عليه السلام رخص رسول الله صلى الله عليه وآله في قطع عودي المحالة وهي البكرة التي يستقى بها من شجر الحرم والإذخر وكذلك لا بأس بأن يقلع الانسان شجرة تنبت في منزله بعد بنائه له ولو نبت قبل بنائه لم يجز له قلعها لقول الصادق عليه السلام في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم إن بنى المنزل والشجرة فيه فليس له أن يقلعها وإن كانت نبتت في منزله فله قلعها ويجوز أن يقلع اليابس من الشجر والحشيش لأنه ميت فلم تبق له حرمة وكذا قطع ما انكسر ولم يبن لأنه قد تلف فهو بمنزلة الميت والظفر المنكسر ويجوز أخذ الكماة والفقع من الحرم لأنه أصل له فهو كالثمرة الموضوعة على الأرض ولو انكسر غصن شجرة أو سقط ورقها فإن كان بغير فعل الآدمي جاز الانتفاع به إجماعا لتناول النهى القطع وهذا لم يقطع وإن كان بفعل الآدمي فالأقرب جوازه لأنه بعد القطع يكون كاليابس وتحريم الفعل لا ينافي جواز استعماله ومنعه بعض العامة قياسا على الصيد يذبحه المحرم وقال آخرون يباح لغير القاطع والفرق ان الصيد يعتبر في ذبحه الأهلية وهي منفية عن المحرم بخلاف قطع الشجرة فان الدابة لو قطعته جاز الانتفاع به مسألة الشجرة إذا كان أصلها في الحرم وفرعها في الحل يحرم قطعها وقطع غصنها لأنها في الحرم ولما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن شجرة أصلها في الحرم وفرعها في الحل فقال حرم فرعها لمكان أصلها قال قلت فان أصلها في الحل وفرعها في الحرم قال حرام أصلها لمكان فرعها والغصن تابع وإن كان بالعكس فكذلك وسوغ بعض العامة قطع الغصن في الأخير لأنه تابع لأصلها كالتي قبلها وليس بجيد لأنه في الحرم وإذا كان الأصل في الحل والغصن في الحرم فقطع واحد الغصن ضمنه ولو قطع اخر الأصل بعد قطع الغصن فالأقرب عدم التحريم لان المقتضى له هو استتباع قطع الغصن لقطعه وقد زال بقطع الغصن ولو كان بعض الأصل في الحل وبعضه الحرم ضمن الغصن سواء كان في الحل أو الحرم تغليب الحرمة الحرم كما لو وقف صيد بعض قوائمه في الحل وبعضها في الحرم مسألة لو قلع شجرة من الحرم فغرسها في مكان اخر منه فماتت ضمنها لاتلافه ولو غرسها في مكان اخر من الحرم فنبتت لم يكن عليه ضمان لعدم الاتلاف ولم تزل حرمتها ولو غرسها في الحل فنبتت وجب عليه ردها لأنه أزال حرمتها فان تعذر ردها أو ردها ويبست ضمنها ولو غرسها في الحل فقلعها غيره منه قال بعض العامة يضمن الثاني لأنه المتلف لها بخلاف الصيد إذا نفره انسان من الحرم فقتله الاخر في الحل فان الضمان على المنفر لان الشجر لا ينتقل بنفسه ولا تزول حرمته بإخراجه ولهذا يجب على قالعه رده وأما الصيد فإنه يكون تارة في الحل واخرى في الحرم ومن نفره فقد اذهب حرمته فوجب عليه جزاؤه والشجر لا تفوت حرمته بالاخراج فكان الضمان على المتلف لأنه أتلف شجرا من الحرم مسألة يضمن المحرم الشجرة الكبيرة ببقرة والصغيرة بشاة والحشيش بقيمته والغصن بأرشه وبه قال الشافعي واحمد لما رواه العامة عن ابن عباس أنه قال في الدوحة بقرة وفى الجزلة شاة والدوحة الشجرة الكبيرة والجزلة الشجرة الصغيرة ومن طريق الخاصة قول أحدهما عليهما السلام إذا كان في دار الرجل شجرة من شجر الحرم ولم تنزع فإن أراد نزعها نزعها وكفر بذبح بقرة وتصدق بلحمها على المساكين وقال أصحاب الرأي يضمن الجميع بالقيمة لأنه لا مقدر فيه فأشبه الحشيش وليس بجيد لأنه أحد نوعي ما يحرم إتلافه فكان فيه مقدر كالصيد ولو قطع غصنا أو قلع حشيشا فعاد عوضه فالوجه بقاء الضمان لان الثاني غير الأول إذا عرفت هذا فالمرجع في الصغير والكبير إلى العرف وقال بعض الشافعية ضبط الشجرة المضمونة بالشاة أن تقع قريبة من سبع الكبيرة فإن الشاة من البقرة سبعها والمتوسطة صغيره لأصالة البراءة ولان اسم الصغيرة يتناول ما ليست بكبيرة مسألة حد الحرم الذي لا يحل الصيد فيه ولا قطع شجرة بريد في بريد لما رواه زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال سمعته يقول حرم الله حرمه بريدا في بريد أن يختلى خلاه ويعضد شجره إلا الإذخر أو يصاد طيره وحرم رسول الله المدينة ما بين لابتيها صيدها وحرم ما حولها بريدا في بريد يختلا خلاها ويعضد شجرها إلا عودي الناضح مسألة قال الشيخ (ره) واعلم أن للمدينة حرما مثل حرم مكة وحده ما بين لابتيها وهو من ظل عاير إلى ظل وعير لا يعضد شجرها ولا بأس أن يؤكل صيدها إلا ما صيد بين الحرمين واللابة الحرة والحرة الحجارة السوداء وفى هذا الكلام اضطراب وينبغي ان يقال وحده من ظل عائر إلى ظل وعير لا يعضد شجرها ولا بأس أن يوكل صيدها إلا ما صيد بين الحرمين لان الحرمين غير ظل عائر وظل وعير والحرتان بين الظلين لأنه قال لا يعضد الشجرة فيما بين الظلين ولا بأس أن يؤكل الصيد إلا ما صيد بين الحرمين فدل على دخول الحرمين في الظلين وإلا تناقض الكلام ولو كانت الحرتان هنا حد حرم المدينة الأول لما حل الصيد في شئ من حرم المدينة والشيخ (ره) عول في التحريم على رواية زرارة عن الباقر عليه السلام السابقة والشافعي الحق حرم المدينة بحرم مكة في التحريم على أصح القولين عنده وبه قال مالك واحمد وهو المشهور عندنا لما روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة مثل ما حرم إبراهيم مكة لا ينفر صيدها ولا يعضد شجره ولا يختلى خلاها (وروى أن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إني أحرم ما بين لابتى المدينة أن يقطع أغصانها أو يقتل صيدها) ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن مكة حرم الله حرمها إبراهيم وأن المدينة حرمي ما بين لابتيها حرم لا يعضد شجرها وهو ما بين ظل عاير إلى ظل وعير ليس صيدها كصيد مكة يؤكل هذا ولا يؤكل ذاك وهو بريد وقال أبو حنيفة لا يحرم وهو الوجه الثاني للشافعي وهو قول التحريم عند الشافعي ففي ضمان صيدها وشجرها قولان الجديد وبه قال مالك لا يضمن لأنه ليس بمحل النسك فأشبه مواضع الحمى وإنما أثبتنا التحريم للنصوص والقديم وبه قال أحمد إنه يضمن وعلى هذا فما جزاؤه وجهان أحدهما ان جزاؤه كجزاء حرم مكة لاستوائهما في التحريم والثاني وبه قال احمد إن جزاؤه أخذ سلب الصايد وقاطع الشجر لما روى أن سعد بن أبي وقاص أخذ سلب رجل قتل رجلا المدينة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من رأى رجلا يصطاد بالمدينة فليسلبه وهذا ليس بشئ على مذهبنا وعلى هذا فيما يسلب للشافعي وجهان الذي اورده أكثر أصحابه
(٣٤١)