وعن الشافعي كالمذهبين وكان علقمة والأسود و عبد الرحمن وأبو إسحاق يحرمون من بيوتهم لنا ما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله أحرم من الميقات ولا يفعل إلا الراجح وقال عليه السلام خذوا عني مناسككم فوجب اتباعه ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام من أحرم بالحج في غير أشهر الحج فلا حج له ومن أحرم دون الميقات فلا إحرام له ولأنه أحرم قبل الميقات وكان حراما كالاحرام قبل أشهر الحج ولما فيه من التعزير بالاحرام والتعرض لفعل محظوراته وفيه مشقة على النفس فمنع كالوصال في الصوم احتجوا بما رواه العامة عن أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله انها سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وفى الطريق ضعف عند العامة مسألة سوغ أكثر أصحابنا الاحرام قبل المواقيت في الموضعين - آ - إذا نذر ان يحرم قبل الميقات لما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل جعل لله عليه شكرا أن يحرم من الكوفة قال فليحرم من الكوفة وليف لله بما قال - ب - من يريد الاحرام بالعمرة المفردة في رجب فإنه إذا خشى تقضيه قبل الوصول إلى الميقات جاز له أن يحرم قبل الميقات ليدرك التلبس بالعمرة في رجب لما رواه إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه السلام عن الرجل يجئ معتمرا عمرة رجب فيدخل عليه الهلال قبل أن يبلغ العقيق يحرم قبل الوقت ويجعلها لرجب أو يؤخر الاحرام إلى العقيق ويجعلها لشعبان قال يحرم قبل الوقت لرجب فضلا وهو الذي نوى مسألة وكما لا يجوز الاحرام قبل الميقات كذا لا يجوز مجاوزته بغير إحرام لمن يريد النسك فان جاوزه فعليه أن يرجع ليحرم منه إن أمكنه سواء تجاوزه عالما أو جاهلا وسواء علم تحريم ذلك أو جهله فان رجع إليه فأحرم منه فلا شئ عليه ولا نعلم فيه خلافا لان فايدة توقيت رسول الله صلى الله عليه وآله لهذه المواقيت الالزام بالمناسك منها ولا يتأخر ولما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال من تمام الحج والعمرة ان تحرم من المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله ولا تجاوزها إلا وأنت محرم مسألة لو أحرم غير الناذر وغير مريد الاعتمار في رجب قبل الميقات لم ينعقد إحرامه ولم يعتد به ولو فعل ما هو محظور على المحرم لم يكن عليه شئ فإذا بلغ الميقات وجب عليه تجديد الاحرام عن رأس لان ما فعله كان منهيا عنه فلا يكون مجزيا ولان الباقر عليه السلام شبه ذلك بمن صلى في السفر أربعا والصادق عليه السلام شبهه بمن صلى الظهر والعصر ستا والمعنى واحد وهو الزيادة في الفريضة كزيادة المحرم قبل الميقات على المقدار المعتبر في نظر الشرع وقال الباقر عليه السلام من أحرم من دون الوقت الذي وقته رسول الله صلى الله عليه وآله فأصاب شيئا من النساء والصيد فلا شئ عليه وأطبق الجمهور كافة على صحة هذا الاحرام مسألة لو ترك الاحرام من الميقات عامدا مع إرادة النسك وجب عليه الرجوع إلى الميقات والاحرام منه مع المكنة ولا نعلم في ذلك خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله جعل المواقيت مواطن الاحرام ومنع من الجواز بها إلا لمحرم إذا كان مريدا للنسك ولما روى العامة ان أبا الشعثا جابر بن يزيد (زيد) رأى ابن عباس يرد من جاوز الميقات غير محرم ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل ترك الاحرام حتى دخل الحرم فقال يرجع إلى ميقات أهل بلاده الذي يحرمون منه فيحرم وان خشى أن يفوته الحج فليحرم من مكانه فان استطاع ان يخرج من الحرم فليخرج إذا عرفت هذا فلو لم يتمكن من الرجوع إلى الميقات وكان قد ترك الاحرام من الميقات عامدا متمكنا منه مع إرادة النسك بطل حجه وبه قال سعيد بن جبير لأنه ترك الاحرام من الميقات عامدا متمكنا فبطل حجه كما لو ترك الوقوف بعرفة وقالت العامة يجبر به بدم ويحرم من موضعه لما رواه ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله قال من ترك نسكا فعليه دم ونحن انما نثبت العموم لو قلنا بصحة الحج وهو ممنوع ولو أحرم من موضعه مع تركه عامدا قادرا لم يجزئه على ما بيناه ولو عاد إلى الميقات فكذلك ما لم يجدد الاحرام لان الأول لم ينعقد فجرى مجرى الاخلال بالاحرام ولا فرق في بطلان الحج بين ان يكون عدم التمكن من الرجوع لمرض أو خوف أو ضيق الوقت مسألة لو ترك الاحرام عامدا فقد قلنا بوجوب الرجوع فان رجع إلى الميقات فأحرم منه فلا دم عليه سواء رجع بعد التلبس بشئ من أفعال الحج كطواف القدوم مثلا أو الوقوف أو لم يتلبس وبه قال عطا والحسن والنخعي لان إحرامه من موضعه لا اعتداد به وكذا ما فعله ومع الرجوع إلى الميقات يصح إحرامه والأصل براءة الذمة من الدم ولأنه رجع إلى الميقات و أحرمه منه فلا شئ عليه كما لو لم يفعل شيئا من مناسك الحج وقال الشافعي ان رجع قبل التلبس فلا شئ عليه وان رجع بعد التلبس وجب عليه دم لأنه أحرم من دون الميقات فوجب الدم لكن برجوعه سقط لأنه حصل في الميقات محرما قبل التلبس بشئ من أفعال العبادة فلا يجب عليه الدم كما لو أحرم منه أما إذا عاد بعد فعل شئ من أفعال الحج فقد عاد في غير وقت إحرامه لان الاحرام يتقدم أفعال الحج وقد بينا ان فعله لا اعتداد به فلا فرق بينهما وقال أبو حنيفة ان رجع إلى الميقات سقط عنه الدم وان لم يلب لم يسقط وقال مالك يجب الدم مطلقا وبه قال احمد وزفر وابن المبارك لقول ابن عباس من ترك نسكا فعليه دم ونمنع كون قوله حجة أو العموم إذا عرفت هذا فلو لم يرجع مع قدرته بطل إحرامه وحجه وقال الشافعي ان لم يتمكن من الرجوع جاز أن يحرم من مكانه ويجب الدم وان لم يكن له عذر وجب الرجوع فإن لم يرجع أثم ووجب الدم وصح إحرامه وقد بينا بطلانه مسألة لو تجاوز الميقات ناسيا أو جاهلا أو لا يريد النسك ثم تجدد له عزم وجب عليه الرجوع إلى الميقات وانشاء الاحرام منه مع القدرة ولا يكفيه المرور بالميقات فإن لم يتمكن أحرم من موضعه ولو أحرم من موضعه مع إمكان الرجوع لم يجزه وقد وافقنا العامة على وجوب الرجوع (إلى الميقات للناسي والجاهل أما غير مريد النسك فقد وافقنا احمد في إحدى الروايتين على وجوب الرجوع) لأنه متمكن من الاتيان بالنسك على الوجه المأمور به فيكون واجبا عليه ولما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل نسى ان يحرم حتى دخل الحرم وقال عليه ان يخرج إلى ميقات أهل أرضه فان خشى ان يفوته الحج أحرم من مكانه وان استطاع ان يخرج عن الحرم فليخرج ثم يحرم وسأل أبو الصباح الكناني الصادق عليه السلام عن رجل جهل ان يحرم حتى دخل الحرم كيف يصنع قال يخرج من الحرم يهل بالحج وقال مالك والثوري والشافعي وأبو يوسف ومحمد يحرم من موضعه لأنه حصل دون الميقات على وجه مباح فكان له الاحرام منه كأهل ذلك المكان والفرق ظاهر لقوله عليه السلام ومن كان منزله دون الميقات فمهله من أهله إذا عرفت هذا إذا عرفت هذا فلو لم يتمكن من الرجوع إلى الميقات وتمكن من الخروج إلى خارج الحرم وجب عليه لما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل مر على الوقت الذي يحرم منه الناسي فنسى أو جهل فلم يحرم حتى أتى مكة فخاف ان يرجع إلى الوقت فيفوته الحج قال يخرج من الحرم فيحرم منه ويجزئه ذلك ولأنه بخروجه إلى خارج الحرم يكون جامعا بين الحل والحرم بخلاف ما لو أحرم من موضعه مع المكنة من الخروج ولو لم يتمكن من الخروج أحرم من موضعه وأجزأه إجماعا ولا يجب عليه دم خلافا للشافعي ولو أسلم بعد مجاوزة الميقات وجب عليه الرجوع إلى الميقات والاحرام منه مع المكنة وان لم يتمكن أحرم من موضعه ولا دم عليه وبه قال عطا ومالك والثوري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي لأنه أحرم من الموضع الذي وجب عليه الاحرام منه فأشبه المكي ومن كان منزله دون الميقات وقال الشافعي يجب الدم وعن أحمد روايتان والصبي والعبد إذا تجاوز الميقات من غير إحرام ثم بلغ أو تحرر وتمكنا من الحج وجب عليهما الرجوع إلى الميقات والاحرام وان لم يتمكنا أحرما من موضعهما ولا دم عليهما خلافا للشافعي ولو منعه مرض من الاحرام عند الميقات قال الشيخ (ره) جاز له ان يؤخره عن الميقات فإذا زال المنع أحرم من الموضع الذي انتهى إليه والظاهر أن مقصوده تأخير نزع الثياب وكشف الرأس وشبهه فأما النية والتلبية مع القدرة عليهما فلا يجوز له ذلك إذ لا مانع منه ولو زال عقله بإغماء وشبهه سقط عنه الحج فلو أحرم عنه رجل جاز لما رواه بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام في مريض أغمي عليه فلم يعقل حتى أتى الموقف قال يحرم عنه رجل إذا عرفت هذا فان الاحرام يجزى عنه بمعنى لو أفاق كان محرما ويجب عليه إتمام الحج فان زال قبل الموقفين أجزأه عن حجة الاسلام وإن زال بعده لم يجزئه عن حجة الاسلام مسألة المواقيت التي يجب الاحرام منها هي التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله فلو كان الميقات قرية
(٣٢١)