الشافعي وعندنا لوارثه إن كان قد طالب بها وإن لم يطالب فإن جعلناه كالكفر سقطت شفعته وهو الأقوى عندي وإن جعلناه كالمسلم فالشفعة لوارثه ولو مات الشفيع المسلم ولا وارث له انتقل نصيبه إلى الامام عندنا وعند الشافعي إلى المسلمين فعلى قولنا يكون المستحق للشفعة الامام وعلى قوله المسلمون ويطالب لهم الامام. مسألة إذا اشترى شقصا فيه شفعة ووصى به فمات ثم جاء الشفيع والموصى له يطالبان كان الشقص للشفيع أسبق استحقاقه ويدفع الثمن إلى الورثة دون الموصى له لأنه لم يوصى له إلا بالشقص وقد سقط حقه. البحث الخامس. في التنازع. مسألة. لو اختلف المشترى والشفيع في قدر الثمن فقال المشترى اشتريته بمأة وقال الشفيع بل بخمسين فأيهما أقام البينة على ما أدعاه حكم له بها ويثبت ذلك بشاهدين وشاهد وامرأتين وشاهد ويمين لأنه مال ولا يقبل فيه شهادة البايع لأنه يشهد على فعل نفسه وقد يلحقه التهمة إذا شهد للشفيع فإنه إذا نقص الثمن نقص ضمان الدرك وبه قال الشافعي لأنه يشهد بحق لنفسه وفعل نفسه وقال بعض أصحابه يقبل لأنه لا يجر لنفسه نفعا والثمن ثابت له بإقرار المشترى وقد ذكرنا في القواعد احتمالا حسنا وهو انه يقبل شهادة البايع على الشفيع بعد القبض وللشفيع بدون القبض لأنه إذا شهد على الشفيع بالمائة انتفت التهمة عنه لاعترافه بأنه ضامن لمائة وإذا شهد له بخمسين قبل القبض فقد اعترف انه لا يستحق على المشترى أكثر من الخمسين وإن المشترى لا يجب عليه أكثر منها فإذا دفعها برئت ذمته باعترافه وكان ضامنا لها خاصة إذ لا يقبض البايع أكثر منها ولو أقام كل منهما بينة قال الشيخ (ره) يقدم بينة المشترى لأنه هو المدعى للثمن والشفيع ينكره ولأنه أعلم بعقده وهو أحد قولي الشافعي كما تقدم بينة الداخل على الخارج والشفيع هنا داخل ولان الشفيع كالبايع ويقدم قوله في قدر الثمن عندنا مع بقاء السلعة وبه قال أبو يوسف أيضا وقال أبو حنيفة ومحمد القول قول الشفيع لأنه منكر ولأنه الخارج ولا بأس به عندي وللشافعي قول آخر إن البينتين يتعارضان هنا ولا يقدم بينة المشترى لأجل اليد لأنهما لا يتنازعان في اليد وإنما يتنازعان فيما وقع عليه العقد فحينئذ يسقطان ويكون الحال كما لا بينة لواحد منهما و قال بعض الشافعية يقرع ويقدم بالقرعة وهل يحلف من خرجت له القرعة قولان ولو لم يكن لواحد منهما بينة قدم قول المشترى مع يمينه لأنه المالك فلا تزول يده إلا بما يدعيه إذا لم يكن بينة كما إن المشترى لا يملك المبيع إلا بما يقر به البايع من الثمن لا يقال الشفيع غارم فيقدم قوله كما في الغاصب والمتلف والضامن لنصيب شريكه إذا أعتق شريكه نصيبه لأنا نقول الشفيع ليس بغارم لأنه لا شئ عليه وإنما يريد أن يتملك الشقص بخلاف الغاصب والمتلف وأما المعتق فإن العتق يسرى باللفظ فقد وجب عليه قيمته وهو غارم وإذا قلنا يسرى بأداء القيمة أو مراعى كان القول قول المالك لان العتق لا تثبت عليه القيمة مثل مسئلتنا لا يقال لم لا قلتم بتحالف المشترى والشفيع كما قلتم في البايع والمشترى إذا اختلفا في الثمن لأنا نقول إذا اختلف المتبايعان فكل منهما مدع ومدعى عليه فتحالفا وليس كذلك هنا فان الشفيع مدع للشقص والمشترى لا يدعى عليه شيئا لان المشترى إذا ثبت له ما قال كان الشفيع بالخيار ولان المتبايعين قد باشرا العقد بخلاف الشفيع والمشترى ولو نكل المشترى عن اليمين حلف الشفيع على دعواه وأخذ بما أدعاه ولو شهد البايع للشفيع فللشافعية وجوه أحدهما لا يقبل وقطع به العراقيون لأنه يشهد على فعله كما مر والثاني نعم وصححه البغوي لأنه ينقض حقه والثالث إن شهد قبل قبضه الثمن قبلت لأنه ينقص حقه إذ لا يأخذ أكثر مما شهد به وإن شهد بعده فلا لأنه يجر إلى نفسه نفعا فإنه إذا قل الثمن قل ما يغرمه عند ظهور الاستحقاق. تذنيب لو ادعى المشترى إن هذا البناء مما أحدثه بعد الشراء وأنكر ذلك الشفيع قدم قول المشترى لان ذلك ملكه والشفيع يريد تملكه عليه كان القول قول المالك وبه قال ابن شريح. مسألة. إذا اختلف المتبايعان في الثمن فقد قلنا إن القول قول البايع مع يمينه مع بقاء السلعة فإذا حلف البايع أخذ من المشترى ما حلف عليه ثم الشفيع إن صدق البايع دفع ما حلف عليه وليس للمشترى المطالبة به لأنه يدعى إن ما أخذه البايع زايدا عما أدعاه ظلم فلا يطالب غير من ظلمه وإن لم يعترف بما قال البايع أدي ما أدعاه المشترى ثمنا ولو قلنا إن القول قول المشترى في الثمن فيثبت قول البايع بالبينة أو باليمين المردودة فالحكم كما تقدم وتقبل شهادة الشفيع للبايع لأنه الغارم في الحقيقة إن أخذ الشفعة وإلا فلا تهمة ولا يقبل للمشترى لأنه متهم في تقليل الثمن فإنه يدفع عن نفسه المطالبة بالزايد ولو تحالفا كما هو مذهب الشافعي عند عدم البينة وفسخ عقدهما أو انفسخ فان جرى ذلك بعد ما أخذ الشفيع الشقص أقر في يده وعلى المشترى قيمة الشقص للبايع وإن جرى قبل الاخذ فالأقرب عدم سقوط حقه لاعترافهما معا بجريان البيع واستحقاقه للشفعة فيأخذها بما قال البايع لحفه عليه لا بما حلف عليه المشترى لان للبايع فسخ البيع فإذا أخذه بما قال المشترى منع منه وإن رضي المشترى بأخذ بما قال البايع جاز وملك الشفيع أخذه بما قال المشترى فإن عاد المشترى وصدق البايع وقال كنت غالطا فالأقرب إن للشفيع أخذه بما حلف عليه وللشافعية في سقوط الشفعة وجهان سبقا في خروجه معيبا فإن قلنا لا تسقط أخذه بما حلف عليه البايع كما قلناه لاعتراف البايع باستحقاق الشفيع الاخذ بذلك الثمن فيأخذ منه ويكون عهدته على البايع خاصة لا على المشترى لانفساخ عقده. مسألة. لو ادعى على رجل شفعة في شقص اشتراه فقال المدعى عليه ليس لك ملك في شركتي قدم قول المدعى عليه مع اليمين وكان على طالب الشفعة البينة انه يملك شقصا في شركة المشترى وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن لان الملك لا يثبت بمجرد اليد وإذا لم يثبت الملك المستحق به الشفعة لم تثبت الشفعة ومجرد الظاهر لا يكفي كما لو ادعى ولد امه في يده وقال أبو يوسف إذا كان في يده استحق به الشفعة لأن الظاهر من اليد الملك ولا بأس به عندي ولو لم يكن بينة حلف المشترى إن ادعى الطالب علمه بالشركة على نفى علمه بالشركة لأنها يمين على نفى فعل الغير فإذا حلف سقطت دعواه ولا يحلف على نفى شركته ولو نكل حلف الطالب على القطع بأنه شريك لأنها يمين على إثبات فعل فإن حلف استحق الشفعة وإن نكل سقطت فلو اعترف الشريك بعد نكول الطالب وسقوط شفعته بصدقه كان عليه دفع الصحة بالشفعة ولم يضر التأخير لأنه لعذر ويكون نكوله عن اليمين عذر له في التأخير على إشكال وكذا الحكم لو أنكر تقدم ملك الطالب على ملكه. مسألة. دار بين اثنين فغاب أحدهما ورأينا نصيبه في يد ثالث فادعى الحاضر إنه اشتراه وإنه يستحقه بالشفعة فإن أقام المدعى بينة بالشراء وأقام المتشبث بينه قضى بها واخذ بالشفعة ثم إن اعترف المدعى عليه سلم إليه الثمن لثبوت البيع بالبينة وإن لم يعترف فإما أن يترك الثمن في يد المدعى إلى أن يقر المدعى عليه أو يأخذه القاضي حافظا له أو يجبر على قبوله أو الابراء منه فيه إحتمالات ثلاثة ولو أقام المدعى بينة بالشراء وأقام المتشبث بينه بأنه ورثه أو اتهبه تعارضت البينتان ولان الشراء والميراث متنافيان وكذا الشراء والاتهاب ومع التعارض يكون له حكم عندنا سيأتي في كتاب القضاء إن شاء الله تعالى وعند الشافعي قولان التساقط واستعمالهما وسيأتى ولو أقام المتشبث ان الغايب أودعه إياه أو أعاره فإن لم يكن للبينتين تاريخ الايداع سابقا قضى بالشفعة لعدم التنافي بين البينتين لجواز أن يودعه ثم يبيعه ولو سبق تاريخ البيع فلا منافاة أيضا لاحتمال أن البايع غصبه بعد البيع ثم رده إليه بلفظ الايداع أو يرد مطلق فاعتمده الشهود أو يكون المشترى قد عجز عن الثمن فقال له البايع خذه وديعة إلى أن تجد الثمن فتنزيه وتقبضه ولو انتفى الاحتمال بأن تأخر تاريخ الايداع
(٦٠١)