وقصد الرد عليهم جميعا جاز وسقط الفرض في حق الجميع ويستحب أن يسلم الراكب على الماشي والقائم على الجالس والطايفة القليلة على الكثيرة ولا يكره أن يبتدئ الماشي والجالس ولو سلم على الأصم أتى باللفظ لقدرته وأشار باليد ليحصل الافهام ولو لم يضم الإشارة لم يستحق الجواب وكذا في جواب الأصم ينبغي أن يجمع بين اللفظ والإشارة وسلام الأخرس بالإشارة معتد به وكذا رده السلام ولا يجب على الصبى رد السلام لأنه ليس مكلفا ولو سلم جماعة فيهم صبى فرد الصبى لم تسقط الفرض بجوابه ولو سلم الصبى فالأقرب وجوب الرد عليه وهو أحد وجهي الشافعية وسلام النساء على النساء كسلام الرجال على الرجال ولو سلم رجل على امرأة وبالعكس فإن كان ههنا زوجية أو محرمية أو كانت عجوزا خارجة عن ظنة الفتنة ثبت استحقاق الجواب وإلا فلا ويستحب لمن دخل دار نفسه أن يسلم على أهله وكذا من دخل مسجدا أو بيتا لا أحد فيه يقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ولا يسلم على أهل الذمة ابتداء ولو سلم عليه ذمي أو من لم يعرفه فبأن ذميا رد بغير السلام بأن يقول هداك الله أو أنعم الله صباحك أو أطال الله بقاك ولو رد بالسلام لم يزد في الجواب على قوله وعليك والتحية بتقبيل اليد وانحناء الظهر لا أصل له في الشرع لكن لا يمنع الذمي من تعظيم المسلم بهما ولا يكره التعظيم بهما لزهد وعلم وكبر سن وروى إن أعرابيا قعد عند رسول الله صلى الله عليه وآله فاستحسن كلامه فاستاذنه في أن يقبل وجهه فاذن له ثم استأذنه أن يقبل يده فأذن له ثم استأذنه في أن يسجد له فلم يأذن له يستحب المسافحة ويكره للداخل أن يطمع في قيام القوم لكن يستحب لهم أن يكرموه والأقرب جواز السلام بالفارسية. مسألة. روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال حق المؤمن على المؤمن ست أن يسلم عليه إذا لقيه وأن يجبيه إذا دعاه و أن يسمته إذا عطس وأن يعوده (إذا مرض وأن يشيع جنازته صح) إذا مات وأن لا يظن فيه الأخير أو استحباب التسميت على الكفاية وإنما يستحب إذا قال العاطس الحمد لله فيقول المسمت له يرحمك الله وما شابهه ويكرر التسمية إذا تكرر العطس إلا أن يكون لمرض فيقول عافاك الله ويستحب للعاطس أن يجيب فيقول يغفر الله لك وشبه ولا يجب الجواب هنا بخلاف رد السلام لان التسميت إنما هو للعاطس ولا عطاس فالمسمت والتحية تشمل الطرفين ويستحب زيارة القادم ومعانقته فإن رسول الله صلى الله عليه وآله عانق جعفرا (ره) لما قدم من الحبشة. مسألة. يسقط فرض الجهاد بالعجز وهو قسمان حسي كالمرض والفقر والصبي والجنون والأنوثة والعرج المانع من المشي سواء قدر على الركوب أو لا لان الدابة قد تهلك وللشافعية وجه إن العرج لا يؤثر في حق الراكب مع قدرته على الركوب ولبس بشئ ولا فرق بين أن يكون العرج في رجل واحدة أو في الرجلين معا وقال أبو حنيفة لا أثر للعرج في رجل واحدة ولا جهاد على الاقطع والأشل لعدم تمكنهما من الضرب والاتقاء ومفقود معظم الأصابع كالأقطع ولا يسقط عن الأعشى وضعيف البصر إذا كان يدرك الشخص ويمكنه أن يتقى السلاح ويسقط عن الفقير وهو الذي لا يجد ما ينفق في طريقه ذهابا وعودا ولا ما يركب عليه ويشترط نفقة أهله وعياله ذهابا وعودا ومن لا أهل له ولا عشيرة لا يشترط في حقه نفقة الإياب أيضا وقال بعض الشافعية لا يشترط لان سفر الغزو سفر الموت وهو غلط (لان الغالب في الظاهر الإياب ولان وجود ذلك معه يوجب له نشاطا وقوة صح) ولو كان القتال على رأس البلد أو قريبا منه لم يشترط نفقة الطريق ويجب إشراط الراحلة مع الحاج يجب أن يكون جميع ذلك فاضلا عن نفقة (من يلزمه نفقته صح) ولا يشترط أمر الطريق من طلايع الكفار لأنا مأمورون بقتالهم ولو كان من متلصصي المسلمين فللشافعية وجهان أحدهما أنه يمنع الوجوب كما في الحج وأصحهما إنه لا يمنع لان قتال المتلصص أهم واولى ولو بذل للفقير ما يحتاج إليه لم يجب القبول إلا أن يكون الباذل الامام فعليه أن يقبل ويجاهد لان ما يأخذه من الامام حقه و الذمي لا يكلف الخروج إلا مع الحاجة لأنه بذل الجزية لنذب عنه لا لنذب عنا. القسم الثاني. المانع الشرعي مع القدرة وأقسامه ثلاثة الأول الرق فلا يجب على العبد وإن أمره سيده فإنه ليس من أهل الجهاد والملك لا يقتضى التعرض للهلاك وليس القتال من الاستخدام المستحق للسيد على العبد ولا يلزمه الذب عن سيده عند الخوف على روحه إذا لم يجب الدفع عن الغير بل السيد في ذلك كالأجانب نعم للسيد استصحابه في سفر الجهاد وغيره ليخدمه ويسوس دوابه ويحفظ متاعه والمدبر والمكاتب والمحرر بعضه كالقن الثاني الدين فلا يجب على من عليه دين حال لمسلم أو ذمي الخروج إلى الجهاد مع قدرته على الدين إلا بإذن رب الدين وله منعه منه لان مطالبة تتوجه عليه والحبس إن امتنع من أدائه ولان الدين فرض متعين عليه فلا يترك بفرض الكفاية ولو كان معسرا فالوجه إنه ليس له منعه من الجهاد لأنه لا مطالبة له عليه في الحال وهو أحد قولي الشافعية ومذهب مالك والثاني المنع لأنه يرجوا اليسار فيؤدى وفي الجهاد خطر الهلاك ولو استناب المديون من يقضى الدين من مال حاضر فله الخروج لان صاحب الدين يصل إلى حقه في الحال أما لو أمره بالقضاء من مال غائب فإنه لا يجوز له الخروج بغير إذنه لأنه قد لا يصل إليه وإذا أذن رب المال في الخروج جاز له ولحق بأصحاب فرض الكفاية وهو أحد قولي الشافعية ولو كان الدين مؤجلا فليس لصاحبه منعه من الخروج كما ليس له منعه من الاسفار وهو أحد قولي الشافعية وقول مالك والثاني إن له منعه وبه قال احمد لان الجهاد يقصد فيه الشهادة التي تفوت بها النفس فيفوت الحق بفواتها وروى أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا يكفر عنى خطاياي قال نعم إلا الدين فإن جبرئيل (ع) قال لي ذلك وفوات النفس غير معلوم ولا دلاله في الحديث على المطلوب وللشافعية طريقة أخرى هي أنه إن لم يخلف وفاء فليس له الخروج إلا بإذن رب الدين و إن خلف فوجهان لأنه قد يتلف ولا يصل إلى رب الدين ولبعضهم وجه آخران كان الاجل يدوم إلى أن يرجع فلا منع وإن كان يحل قبل أن يرجع فوجهان وهل يشترط ركوب البحر كسفر الجهاد قال بعض الشافعية نعم لخطره وليس بجيد لان راكب البحر يغلب السلامة ويطلب الغنيمة والغازي يعرض نفسه للشهادة الثالث الأبوة فمن كان له أبوان مسلمان أو أحدهما ليس له الجهاد إلا بإذنهما أو بإذن الحي منهما سواء الأب والام في ذلك وهو قول عامة أهل العلم لما رواه بن عباس عن النبي (ص) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله أجاهد فقال ألك أبوان قال نعم قال ففيهما فجاهد وفي رواية جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبواي يبكيان فقال إرجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما وهاجر رجل إلى رسول الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله هل لك باليمن أحد قال نعم أبواي قال أذنا لك قال لا قال فارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما ولان الجهاد فرض كفاية وبر الوالدين فرض عين فيقدم وهو بشرط الاسلام ولو كانا مشركين أو الحي منهما لم يفتقر إلى إذنهما وبه قال الشافعي واحمد للتهمة الظاهرة بالميل إلى ملته في الكفر وكان ولد عبد الله بن أبي سلول يغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله ومعلوم أن أباه كان يكره ذلك فإنه كان يخذل الأجانب ويمنعهم عن الجهاد وكذا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كانوا يجاهدون وفيهم من له أبوان كافران من غير استيذانهما منهم أبو بكر وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة كان مع النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر وأبوه رئيس المشركين يومئذ قتل ببدر وأبو عبيدة قتل أباه في الجهاد فأنزل الله تعالى " لا تجد قوما " الآية وقال الثوري لا يغزوا إلا بإذنهما لعموم الاخبار وهو مخصوص بما قلناه. فروع. الأول لو كان أبواه رقيقين فعموم كلام الشيخ يقتضى اعتبار إذنهما للعموم ولأنهما مسلمان فأشبها الحرين ويحتمل عدم اعتبار إذنهما لانتفاء ولايتهما الثاني لو كانا مجنونين فلا عبرة بإذنهما الثالث هل الجدان كالأبوين
(٤٠٧)