الإبل في أفخاذها ووسم الغنم في اذانها وعليه اجماع الصحابة ولان الحاجة تدعو إليه في تمييز ابل الصدقة من ابل الجزية وغيرها وربما شردت فعرفها من وجدها فردها و ربما رآها المالك فيكره شراها وقال أبو حنيفة يكره لأنه مثلة وفعل النبي صلى الله عليه وآله أولي ويستحب ان توسم في الموضع الصلبة المنكشفة كأفخاذ الإبل واذان الغنم وان يكتب على الميسم ما يؤخذ له فعلى ابل الزكاة زكاة أو صدقة وعلى ابل الجزية جزية أو صغار ولو كتب عليها لله كان أبرك واولى مسألة لا يجوز دفع الزكاة إلى ولاة الجور عند علمائنا أجمع لانتفاء ولايتهم واستحقاقهم لها فلا سبب يقتضى تسويغ الدفع إليهم ولقوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا والجائر ظالم ودفع الزكاة إليه ركون إليه فبقى في عهدة التكليف وقال الشافعي يجوز الدفع إلى ولاة الجور سواء عدل فيها أو جار وسواء أخذها قهرا أو دفعها إليه اختيارا وبه قال احمد وأبو ثور واختلفوا فقال أبو علي الطبري دفعها إلى الجائر أولي لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله سيكون بعدي أمور تنكرونها فقالوا ما نصنع فقال أدوا حقهم واسئلوا الله حقكم ولان أبا صالح قال أتيت سعد بن أبي وقاص فقلت عندي مال وأريد ان اخرج زكاته وهؤلاء القوم على ما ترى فما تأمرني فقال ادفعها إليهم فأتيت ابن عمر فقلت فقال ذلك فأتيت أبا هريرة فقال مثل ذلك فأتيت أبا سعيد الخدري فقال مثل ذلك ولا حجة فيه لأنه ليس اجماعا ولجواز علم الاكراه وكذا في حديث النبي صلى الله عليه وآله ان حمل على الزكاة مسألة إذا أخذ الجاير الزكاة قال الشيخ لم يجزء عنه لان أبا أسامة قال للصادق (ع) جعلت فداك هؤلاء المصدقون يأتوننا فيأخذون منا الصدقة نعطهم إياها فقال لا إنما هؤلاء قوم غصبوكم أو قال ظلموكم وإنما الصدقة لأهلها وقال في التهذيب الأفضل إعادتها وهو يعطى الجواز وبه قال الشافعي واحمد لقول الصادق (ع) في الزكاة ما أخذ منكم بنو أمية فاحتسبوا ولا تعطوهم شيئا ما استطعتم فإن المال لا ينبغي أن يزكى مرتين وقال أبو حنيفة يجزى فيما غلبوا عليه وقال إذا مر على الخوارج فقسروه لا تجزى عن زكاته وقال أبو عبيد في الخوارج يأخذون الزكاة على من أخذوا منه الإعادة لانهم ليسوا بأئمة فأشبهوا قطاع الطريق والشافعي قال إن اخذها إمام غير عادل أجزأت عنه لان إمامته لم تزل بفسقه وقال أكثر الفقهاء من المحققين وأكثر أصحاب الشافعي ان إمامته تزول بفسقه وقال احمد وعامة أصحاب الحديث منهم لا تزول الإمامة بفسقه وهذا كله عندنا باطل لان الامام عندنا يجب أن يكون معصوما فالدافع إلى غيره مفرط فيضمن إما لو أخذها الظالم منه قهرا فالوجه عندي التفصيل وهو أنه إن كان بعد عزل المالك لها وتعيينها لم يضمن وأجزأت لان له ولاية العزل فتصير أمانة في يده بعد العزل فإذا غصبت منه لم يضمن كساير الأمانات وإن كان قبله لم يجزى ولا تجب عليه فيما أخذ الظالم منه قهرا زكاة إجماعا مسألة إذا قبض الامام أو الساعي الصدقة دعا لصاحبها وهل هو واجب أو ندب للشيخ قولان أحدهما الوجوب وبه قال داود لقوله تعالى وصل عليهم والامر للوجوب والثاني الندب وبه قال باقي الفقهاء عملا بأصالة البراءة ولأنه (ع) لما بعث معاذا إلى اليمن قال أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فيرد في فقرائهم ولم يأمره بالدعاء ولان ذلك لا يجب في الفقير المدفوع إليه فالنايب أولي و أما الاستحباب فللآية ولان عبد الله بن أبي اوفى قال كان أبى من أصحاب الشجرة وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا أتاه قوم بصدقتهم قال اللهم صلى على آل فلان فأتاه أبى بصدقته فقال اللهم صل على آل أبي اوفى والصلاة هنا الدعاء والتبرك مسألة يكره أن يملك الانسان ما تصدق به اختيارا كالشراء وشبهه من عقود المعاوضات عليه ويجوز من غير كراهة تملكه بميراث وشبهه كقبضه في دين إذا دفعه الفقير لوجوبه حينئذ وليس الأول بحرام عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي لقوله (ع) لا تحل الصدقة لغنى إلا لخمسة رجل ابتلعها بماله وتصدق رجل على امه بصدقة ثم ماتت فسأل النبي صلى الله عليه وآله قال قد قبل الله صدقتك وردها إليك الميراث وهو في معنى الشراء ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) فان اتبعت نفس صاحب النعم فإذا أخرجها فليقومها فيمن يزيد فإذا قامت عن ثمن فان أداها صاحبها فهو أحق بها ولان ما صح أن يملك ميراثا صح أن يملك ابتياعا كساير الأموال وقال مالك واحمد وقتادة يحرم عليه الشراء ولا ينعقد وقال أصحاب مالك ان اشتراها لم ينقص البيع لان عمر قال حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده وظننت انه بايعه برخص فأردت أن اشتريه فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لا تبتعه ولا تعد في صدقتك ولو أعطاكه بدرهم فان العايد بصدقته كالكلب يعود في قيئه ولا حجة فيه لاحتمال كونه حبسا في سبيل الله فمنعه لذلك أو انه محمول على الكراهة لما في الشراء من التوصل إلى استرجاع شئ منها فان الفقير يستحى منه فلا يماكسه في الثمن وربما ارخصا له طمعا في أخذ صدقة أخرى منه وربما علم أنه إن لم يبعه إياها استرجعها منه أو توهم ذلك ومثل هذا ينبغي اجتنابه وبه قال ابن عبد البر كل العلماء يقولون إن رجعت إليه بالميراث طابت له إلا ابن عمر والحسن بن حي. تذنيب لو دعت الحاجة إلى الشراء بأن يكون الفرض جزأ من حيوان لا يمكن الفقير الانتفاع بعينه ولا يجد من يشتريه سوى المالك ولو اشتراه غير ه تضرر للمالك بالمشاركة والفقير بقلة الثمن زالت الكراهة والتحريم اجماعا وكذا كل موضع دعت الحاجة إلى البيع مسألة قد بينا إنه يجوز الاحتساب من الزكاة في دين على الفقير ومنع منه احمد قال ولو دفع إلى المديون الفقير زكاته فردها إليه قضاء عما عليه جاز له أخذه إلا أن يكون حيلة قال فان استقرض المديون مالا فقضاه ثم رده عليه وحسبه من الزكاة فان أراد بهذا احياء ماله لم يجز فحصل من كلامه إن دفع الزكاة إلى الغريم جايز سواء دفعها ابتداء أو استوفى حقه ثم دفع ما استوفاه إليه إلا أنه متى قصد بالدفع احياء ماله أو استيفاء دينه لم يجز لان الزكاة لحق الله فلا يجوز صرفها إلى نفعه ولا يجوز ان يحتسب الدين الذي له من الزكاة قبل قبضه لأنه مأمور بأدائها وهذا اسقاط والحق ما قلناه من جواز ذلك كله الفصل الرابع في كيفية الاخراج ومباحثه ثلاثة الأول النية مسألة النية شرط في أداء الزكاة فلا تصح من دونها عند علمائنا أجمع وهو قول عامة أهل العلم ولأنه عبادة فتفتقر إلى النية لقوله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين ولقوله (ع) إنما الأعمال بالنيات واداؤها عمل ولأنها عبادة تتنوع إلى فرض ونفل فافتقرت إلى النية كالصلاة والصوم ولان الدفع يحتمل الوجوب والندب والزكاة وغيرها فلا تتعين لاحد الوجوه إلا بالنية وحكى عن الأوزاعي ان النية لا تجب في الزكاة لأنها دين فلا تجب فيها النية كساير الديون ولهذا يخرجها ولى اليتيم ويأخذها السلطان من الممتنع والفرق ظاهر لانحصار مستحقه وقضاؤه ليس بعبادة ولهذا تسقط بإسقاط مستحقه وولى الطفل والسلطان ينويان عند الحاجة مسألة والنية إرادة تفعل بالقلب مقارنة للدفع لأنها مع التقدم تكون عزما ويشترط فيها القصد إلى الدفع لأنه الفعل والى مخصصاته من كون المدفوع زكاة مال أو فطرة وإلا لم ينصرف إلى أحدهما لعدم الأولوية والوجه وهو الوجوب أو الندب والتقرب إلى الله تعالى وانها زكاة والوكيل والولي والحاكم والساعي ينويان زكاة من يخرجون عنه ولا يجب ان يذكر عن مال بعينه ولا تعيين الجنس المخرج عنه بلفظ بالنية وقال الشافعي كيفية النية أن ينوى إنها زكاة ماله وان نوى انها واجبة أجزأه فان قصد الاقتصار على هذا لا غير فليس بجيد وان قصد مع انضمام ما شرطنا فهو مسلم ولو نوى الزكاة ولم يتعرض بفرض لم تجز عندنا وهو أحد وجهي الشافية واختلف أصحابه في تقديم النية فجوزه بعضهم لأنها عبادة تجوز فيها النيابة بغير عذر ويجوز تقديمها على وجوبها فجاز تقديم النية عليها وهو اختيار أصحاب أبي حنيفة لان ذلك يؤدى إلى ايقاف اجزائه على نية وكيله وفى ذلك تغرير بماله مع اجازة النيابة والحاجة إليها وقال آخرون لا يجوز
(٢٤٢)