الحمار الوحشي وأصحابه محرمون قال النبي صلى الله عليه وآله لأصحابه هل فيكم أحد امره ان يحمل عليها أو أشار إليها وهو يدل على تعلق التحريم بالحمل والإشارة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام واجتنب في إحرامك صيد البر كله ولا تأكل ما صاده غيرك ولا تشر إليه فيصيده وقال (ع) المحرم لا يدل على الصيد فان دل عليه فعليه الفداء ولأنه تسبب إلى محرم عليه فحرم كنصبه الأحبولة إذا عرفت هذا فلا فرق بين أن تكون الإشارة والدلالة صادرة من المحرم إلى المحرم وإلى المحل مسألة لا يحل مشاركة المحرم للمحل ولا للمحرم في الصيد فإن شاركه ضمن كل منهما فداء كاملا وكذا لو اشترك جماعة في قتل صيد ضمن كل منهم فداء كاملا وبه قال أبو حنيفة ومالك لأنه قتل الصيد ولان عبد الرحمن بن الحجاج سأل أبا الحسن (ع) عن رجلين أصابا صيدا الجزاء بينهما أو على كل واحد منهما جزاء قال لا بل عليهما جميعا يجزى كل واحد منهما الصيد ولأنه اشترك في محرم مضمون فكان على واحد مهم جزاء كامل كما لو اشترك جماعة في قتل مسلم وجب على كل واحد منهم كفارة كاملة وقال الشافعي واحمد يجب فداء واحد على الجميع لان المقتول واحد فيتحد جزاؤه كما لو اشتركوا في قتل صيد حرمي والأصل ممنوع ولا يحل للمحرم الإعانة على الصيد بشئ فان في حديث أبي قتادة ثم ركبت ونسيت السوط والرمح فقلت لهم ناولوني السوط والرمح قالوا والله لا نعينك عليه وهو يدل على أنهم اعتقدوا تحريم الإعانة والنبي صلى الله عليه وآله أقرهم على ذلك ولأنه على محرم فحرم كالإعانة على قتل المسلم ولو اشترك محل ومحرم في قتل صيد فإن كان في الحل فلا شئ على المحل وعلى المحرم فداء كامل خلافا للشافعي فإنه قال يجب عليه نصف الفداء ولا شئ على المحل وإن كان في الحرم فعلى المحل نصف القيمة وعلى المحرم جزاء كامل ونصف القيمة على الأقوى مسألة قد بينا انه يحرم على المحرم الدلالة على الصيد سواء كان المدلول محلا أو محرما وكذا يحرم على الحلال الدلالة لهما في الحرم فلو دل الحلال محرما على صيد فقتله وجب الجزاء على المحرم وأما الدال فإن كان الصيد في الحل فالأقرب انه لا شئ عليه سواء كان الصيد في يده أو لم يكن لأنه لو قتله لم يكن عليه شئ فكيف الدلالة وإن كان في الحرم تعلق عليه الضمان أيضا لأنه اعانة على المحرم ولو دل المحرم حلالا على صيد فقتله الحلال فإن كان الصيد في يد المحرم وجب عليه الجزاء لان حفظه واجب عليه ومن يلزمه الحفظ يلزمه الضمان إذا ترك الحفظ كما لو دل المودع السارق على الوديعة وان لم يكن في يده فإن كان الصيد في الحرم تعلق الضمان على كل منهما وإن كان في الحل وجب الضمان على الدال سواء كان الدلالة خفية لولاها لما رأى الحلال الصيد أو ظاهرة ولا شئ على القاتل لأنه حلال وبه قال علي عليه السلام وابن عباس وعطا ومجاهد وإسحاق واحمد وأصحاب الرأي وقال الشافعي لا شئ على الدال كما لو دل رجل رجلا على قتل انسان لا كفارة على الدال ولا على القاتل لأنه حلال وبه قال مالك وقال أبو حنيفة إن كانت الدلالة ظاهرة فلا جزاء على الدال وإن كانت خفية وجب الجزاء عليه وسلم في صيد الحرم انه لا جزاء على الدال وقال احمد ان الجزاء لا يلزم الدال والقاتل بينهما مسألة لو دل محرم محرما على صيد فقتله وجب على كل واحد منهما فداء كامل عند علمائنا وبه قال الشعبي وسعيد بن جبير وأصحاب الرأي لان كل واحد منهما فعل في الصيد فعلا محرما لا يشاركه الآخر فيه فالدال فعل الدلالة والقاتل القتل فوجب على كل منهما عقوبة كاملة ولان كل واحد منهما فعل فعلا يستحق به العقوبة الكاملة لو انفرد فكذا لو انضم لان المقتضى لا يخرج بالانضمام عن مقتضاه وقال احمد وعطا وحماد بن أبي سليمان الجزاء بينهما لان الواجب جزاء المتلف وهو واحد فيكون الجزاء واحدا ونمنع الملازمة وقال الشافعي لا جزاء على الدال ولو كان المدلول قد رأى الصيد قبل الدلالة أو الإشارة فلا جزاء عليه لأنه لم يكن سببا في قتله ولو فعل المحرم فعلا عند رؤية الصيد كما لو ضحك أو تشرف على الصيد فرآه غيره وفطن للصيد فصاده فلا ضمان لأنه لم يدل عليه مسألة قد بينا تحريم إعانة المحرم على الصيد فلو أعاد المحرم قاتل الصيد سلاحا فقتله به قال الشيخ (ره) انه ليس لأصحابنا فيه نص وقال بعض العامة عليه الجزاء لأنه كالدال عليه ولا بأس به سواء كان المستعار مما لا يتم قتله إلا به أو أعاره شيئا هو مستغن عنه كأن يعيره سيفا ومعه سيف قال أبو حنيفة إن أعاره ما هو مستغن عنه لم يضمن المعير أما لو أعاره آلة ليستعملها في غير الصيد فصار بها فلا ضمان على المعير قولا واحدا لان الإعارة لا للصيد غير محرمة عليه فكان كما لو ضحك عند رؤية الصيد ففطن له القاتل ولو أمسك محرم صيدا حتى قتله غيره فإن كان القاتل حلالا وجب الجزاء على المحرم لتعديه بالامساك والتعريض للقتل ولا يرجع به على الحلال لأنه غير ممنوع من التعرض للصيد وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم يرجع كما لو غصب شيئا فأتلفه متلف من يده يضمن الغاصب ويرجع على المتلف وإن كان محرما ضمن كل منهما فداء كاملا وللشافعية وجهان أظهرهما ان الجزاء كله على القاتل لأنه مباشر ولا أثر للامساك مع المباشرة والثاني ان لكل واحد من الفعلين مدخلا في الهلال فيكون الجزاء بينهما نصفين وقال بعضهم ان المسك يضمنه باليد والقاتل بالاتلاف فان اخرج الممسك الضمان رجع به على المتلف وان اخرج المتلف لم يرجع على الممسك مسألة يحرم على المحرم كل الصيد سواء ذبحه المحل أو المحرم في الحل ذبحا أو الحرم وسواء كان الذابح هو المحرم لنفسه أو ذبح له أو ذبح لا له وبالجملة لحم الصيد يحرم على المحرم بكل حال عند علمائنا أجمع وبه قال علي عليه السلام وابن عمر وعايشة وابن عباس وطاوس وكرهه الثوري وإسحاق لعموم قوله تعالى وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما وما رواه العامة عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة الليثي انه اهدى إلى النبي صلى الله عليه وآله حمارا وحشيا وهو بالأبواء فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ما في وجهه قال انا لم نرده عليك إلا أنا حرم ومن طريق الخاصة قول علي عليه السلام إذا ذبح المحرم الصيد لم يأكله الحلال والحرام وهو كالميتة وإذا ذبح الصيد في الحرم فهو ميتة حلال ذبحه أو حرام وسأل سيف الطاطري الصادق عليه السلام عن صيد أكله قوم محرمون قال عليهم شاة شاة وليس على الذي ذبحه إلا شاة وسأل علي بن جعفر أخاه موسى الكاظم عليه السلام عن قوم اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا وهم حرم ما عليهم فقال على كل من أكل منه فداء صيد على كل انسان منهم على حدته فداء صيد كاملا وقال الشافعي إذا ذبح المحرم صيدا لم يحل له الاكل منه وهل يحل الاكل منه لغيره أو يكون ميتة قولان الجديد أنه يكون ميتة وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد لأنه ممنوع من الذبح لمعنى فيه فصار كذبيحة المجوسي فعلى هذا لو كان مملوكا وجب مع الجزاء القيمة للمالك والقديم انه لا يكون ميتة ويحل لغيره الاكل منه لان من حل بذبحه الحيوان الانسى يحل بذبحه الصيد كالحلال فعلى هذا لو كان الصيد مملوكا فعليه مع الجزاء أرش ما بين قيمته حيا ومذبوحا للمالك وهل يحل به بعد زوال الاحرام فيه للشافعية وجهان أظهرهما لا وفى صيد الحرم إذا ذبح طريقان أحدهما طرد القولين والاخر القطع بالمنع والفرق ان صيد الحرم منع منه جميع الناس وفى جميع الأحوال فكان آكد تحريما إذا عرفت هذا فالاصطياد عند الشافعي يحرم على المحرم وكذا يحرم عليه الاكل من صيد ذبحه ويحرم عليه الاكل أيضا مما اصداد له حلال أو بإعانته أو بدلالته فأما ما ذبحه حلال من غير إعانته ولا دلالته فلا يحرم عليه الاكل منه وقال أبو حنيفة إذا لم يعن ولم يأمر به لم يحرم عليه ولا على غيره بالاصطياد له من غير أمره مسألة لو ذبح المحرم الصيد كان حراما لا يحل أكله للمحل ولا للمحرم ويصير ميتة يحرم أكله على جميع الناس ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال الحسن البصري وسالم ومالك والأوزاعي والشافعي واحمد وإسحاق وأصحاب الرأي لأنه حيوان حرم عليه ذبحه لحرمة الاحرام وحق الله تعالى فلا يحل بذبحه كالمجوسي ولقول علي عليه السلام إذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله محل ولا محرم وإذا ذبح المحل الصيد في جوف الحرم فهو ميتة لا يأكله محل ولا محرم فعلى هذا لو كان مملوكا وجب عليه مع الجزاء القيمة للمالك وقال الحكم والثوري وأبو ثور ولا بأس بأكله وبه قال ابن المنذر وبه قال أبو عمر بن دينار وأيوب السجستاني يأكله الحلال وللشافعي قول قديم انه يحل لغيره الاكل منه قال ابن المنذر الذبح حرام أما الاكل فلا لأنه بمنزلة السارق إذا ذبح وليس بجيد لان التحريم هنا لحق الله تعالى فكان كالميتة بخلاف السارق فعلى هذا لو كان
(٣٢٩)